تستمر جماعة أنصار الله (الحوثيين) في سياستها الهادفة إلى الاستيلاء على المال العام والخاص في اليمن، عبر الاستحواذ على الشركات والمؤسسات، وتعيين شخصيات محسوبة على رأسها لتسخيرها لصالح الجماعة.
مؤخراً، وضعت جماعة الحوثيين يدها على واحدة من أكبر الشركات التجارية والصناعية وأقدمها في اليمن، والتي تعد قطاعاً مختلطاً (حكومي وخاص) وهي شركة كمران للصناعة والاستثمار، والخاصة بصناعة التبغ، والتي تملك مصانع داخل اليمن وخارجه لإنتاج عدد من الأصناف مثل "كمران" و"مارب" و"كريتر" و"شيبا" وغيرها.
وفي سبيل سعيها للاستيلاء على الشركة، عزلت جماعة الحوثيين مدير عام الشركة عبد الحافظ السمه، بطريقة غير قانونية، وعينت موالياً لها، مديراً عاماً للشركة وهو محمد الدولة، كما عينت الكثير من الهاشميين في المواقع القيادية للشركة.
و"شركة كمران للصناعة والاستثمار" هي أولى الشركات الوطنية في مجال تصنيع السجائر، تأسست عام 1963، ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن، وتمتلك فروعاً في صنعاء، وعدن، والحديدة، وعمران، وذمار، وحضرموت، وتعز، وإب. وتنتج الشركة مجموعة من أصناف السجائر لتلبي حاجات المستهلك المحلي، فضلاً عن التصدير لبعض دول الجوار.
ومؤخراً، عقدت جماعة الحوثيين اجتماعات غير قانونية لما سُمي بـ"الجمعية العمومية" لشركة كمران للصناعة والاستثمار، إذ نظمت اجتماعاً في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، يفتقد إلى النصاب القانوني، وجرى عقده أحاديّاً، من دون دعوة من مجلس الإدارة، بهدف تصعيد عدد من قيادات الجماعة إلى مجلس إدارة الشركة.
وقد عقد اجتماع الجمعية العمومية غير الشرعي بدون دعوة من مجلس إدارة الشركة، وغاب عنه ممثلو الحكومة وشركة التبوغ العالمية (بي إيه تي) والبنك اليمني للإنشاء والتعمير، وهي جهات مساهمة.
مصدر في شركة كمران، طلب عدم الكشف عن هويته، قال لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثيين قامت باتخاذ عدد من الإجراءات غير القانونية بهدف ممارسة غسل الأموال، وتهريب أصناف مقلدة من السجائر مثل (شملان، مانشستر، مودرن)، وتزوير العلامات التجارية الوطنية".
وأضاف المصدر أن "جماعة الحوثيين تسعى للاستيلاء على أصول وأموال وأرصدة الشركة الرائدة، والتي تعد من أكبر الشركات الممولة للخزينة العامة للدولة، وبالتالي السيطرة الكاملة على القطاع التجاري، وتدمير الاقتصاد الوطني لصالح شركات ومؤسسات تم استحداثها مرتبطة بقيادات حوثية".
واتهم بيان لشركة كمران للصناعة والاستثمار صادر عن فرعها الرئيسي في عدن جماعة الحوثي باختطاف قرارها، والسيطرة على أصولها وأرصدتها، بهدف جرها إلى الانفصال وإقحامها في مهاترات سياسية.
ووصف بيان مجلس إدارة شركة كمران الاجتماع الذي عقد في صنعاء بغير القانوني. وشدد البيان على رفض الاجتماع "كونه فاقد النصاب القانوني وغاب عنه ممثلو أغلبية رأس المال."
وأضاف البيان: لقد نما إلى علم مجلس الإدارة ما آل إليه الاجتماع المنعقد في صنعاء عندما تحول إلى كرنفال من حيث إجراءات التصعيد والتزكية لأعضاء في مجلس الإدارة من خارج قائمة المساهمين بشكل غير قانوني وارتجالي.
ووفق البيان، فإن الهدف من هذه الإجراءات السيطرة على قرار وأصول وأموال الشركة والمساهمين، وبالمخالفة للقانون والنظام الأساسي للشركة الذي يؤكد أن الانتخاب يتم للأعضاء الممثلين للمساهمين في مجلس الإدارة بالاقتراع وليس بالضغط والتدليس أو التزكية.
وفي السياق حذّرت الحكومة المعترف بها دولياً من محاولات مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، للسيطرة على أصول شركة كمران للصناعة والاستثمار وأرصدتها عبر اجتماع غير قانوني لما يسمى "الجمعية العمومية".
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الشرعية، معمر الإرياني، إن الحوثيين يسعون إلى تحويل إيرادات "كمران" التي تعد من أبرز الشركات الوطنية وأحد أهم مصادر تمويل الخزينة العامة للدولة، إلى دعم أنشطة تجارية غير مشروعة، بما في ذلك غسل الأموال. وأضاف الوزير أن هذه التحركات تهدد الشركة بالتعرض للعقوبات الاقتصادية الدولية، حيث إن المليشيا مصنفة جماعةً إرهابية من قبل المجتمع الدولي.
وأشار الوزير إلى أنّ "الاجتماع الذي عقد في 30 سبتمبر 2024 يفتقر إلى الشرعية القانونية، إذ انعقد بدون النصاب القانوني اللازم، وبغياب أغلبية المساهمين، كما تم بشكل أحادي دون دعوة مجلس الإدارة". وأضاف الوزير أنّ الحوثيين استغلوا الاجتماع لتصعيد عدد من قياداتهم إلى مجلس الإدارة، من خارج قائمة المساهمين، بهدف اختطاف القرار الإداري للشركة.
وبحسب تقرير سابق للجنة الخبراء التابعين للأمم المتحدة، صدر مطلع 2021، حقق الفريق في حالة واحدة من حالات تحويل الأموال المتعلقة بمؤسسة كمران للصناعة والاستثمار المملوكة للدولة، حيث دفعت الشركة ضرائب تزيد عن 23.9 مليار ريال (64.7 مليون دولار) في عام 2015، مما يجعلها واحدة من أكبر المساهمين الماليين للحكومة اليمنية.
لكن في عام 2017، سيطر الحوثيون على شركة كمران وعيّنوا أحمد الصادق رئيساً تنفيذياً لها، وحينها كانت الشركة في وضع مالي جيد للغاية.
وبدأ الحوثيون بممارسة الضغط على الشركة من خلال طلب مساهمات مالية كبيرة لصالحهم، على سبيل المثال، طلبت وزارة المالية من الشركة إجراء تحويل بقيمة 38 مليار ريال يمني، أي ما يعادل 152 مليون دولار (في عام 2017 الدولار = 250 ريالاً)، دليلاً على التضامن معهم".
كما كشف تحقيق الفريق أن الرئيس التنفيذي للشركة المعين من قبل الحوثيين بدأ بإنفاق ملايين الريالات في المدفوعات والمكافآت والهدايا إلى الموالين للحوثيين وقادة المليشيات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news