تساءلت مجلة أمريكية عن إمكانية استبدل إيران جماعة الحوثيين بمركزية محور المقاومة بدلا عن حزب الله اللبناني بعد تلقي الأخير ضربات موجعة من قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت قيادات صفه الأول على رأسهم أمين عام الحزب حسن نصرالله.
وذكرت مجلة "
ناشيونال انترسيت
" في تقرير ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن إيران تواجه معضلة استراتيجية نتيجة لخسارة حزب الله المذهلة للسلطة في لبنان، مشيرة إلى أن الحوثيين في اليمن قد يكونوا الخيار الأكثر وعدًا لإيران.
وقالت "كان حزب الله عميلاً قويًا لطهران في العالم العربي لعقود من الزمان، حيث عمل كقناة بين إيران والشيعة في العالم العربي والجماعات المسلحة الأخرى في المنطقة. بالنسبة لدولة غير عربية مثل إيران، كانت لغة حزب الله وعرقه أداة في تأسيس وربط "محور المقاومة".
وأضافت المجلة الأمريكية "في الأسبوع الماضي، انهارت هيبة حزب الله وقوته الصلبة بشكل كبير نتيجة لاغتيال حسن نصر الله، والمزيد من الاغتيالات في جميع أنحاء سلسلة القيادة العسكرية، وانهيار واضح للاتصالات، وضربات واسعة النطاق من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي على قواعده وأصوله.
وتساءلت المجلة: مع هذا التحول في الحظوظ، إلى أين تتجه إيران من هنا؟
وتابعت "لقد دفع الغزو الإسرائيلي للبنان أكثر من مليون شخص، معظمهم من المناطق التي يسيطر عليها حزب الله، إلى البحث عن ملجأ في أجزاء أخرى من البلاد. بالإضافة إلى ذلك، فر حوالي 76 ألف لبناني إلى سوريا إلى جانب 200 ألف لاجئ سوري إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية".
وأردفت إن "الكارثة السياسية والاقتصادية التي كان لبنان يمر بها قبل اندلاع الأعمال العدائية هي في الغالب نتيجة لنفوذ حزب الله الطفيلي في السياسة والمجتمع اللبناني. كما أدى الافتقار إلى المساعدة من الحكومة اللبنانية إلى تغذية الإحباط بين أعضاء حزب الله في القاعدة الشعبية في حين أدى إلى تصعيد الأعمال العدائية بين اللاجئين الشيعة وسكان البلاد من غير الشيعة".
وأكدت أن هذا لن يؤدي إلا إلى عدم الاستقرار المستمر وتراجع شعبية حزب الله. وسوف تتطلب إعادة إعمار حزب الله استثمارًا كبيرًا من الوقت والموارد، وهو ما قد لا تتمكن إيران من تحمله، وخاصة في ظل أزماتها الاقتصادية الخاصة.
واستدركت "تمتلك طهران أدوات أخرى في صندوق أدواتها الإقليمية وقد تلجأ قريبًا إلى استبدال الدور المهيمن لحزب الله. إن قوات الحشد الشعبي الشيعية في العراق قد تكون مرشحة قابلة للتطبيق. ومع ذلك، فإن الطابع المجزأ للمجموعة يجعلها أقل قوة. وقد يكون الحوثيون في اليمن الخيار الأكثر وعدًا لإيران".
وقالت "إن الهجوم الإيراني على إسرائيل بـ 181 صاروخًا الأسبوع الماضي يوفر لمحة عن الكيفية التي قد تغير بها إيران استراتيجيتها. أولاً، أظهر الهجوم استعدادًا للمخاطرة بالانخراط بشكل أكثر مباشرة في المواجهات العسكرية. حتى أن خامنئي اعترف بأن إيران ستضرب إسرائيل مرة أخرى إذا لزم الأمر. ومع إصرار إسرائيل على الرد بقوة، يبدو أن دورة من تبادل الضربات المتبادلة، والتي قد تتصاعد إلى صراع أوسع أو حتى حرب واسعة النطاق، وشيكة بشكل مثير للقلق".
وزادت "في هذا السيناريو، يمكن أن يكون أسلوب إيران في الحرب الصاروخية بعيدة المدى بمثابة نموذج للحوثيين، الذين، على عكس حزب الله، ليسوا متمركزين على حدود إسرائيل. لقد أظهر الحوثيون بالفعل قدراتهم في عمليات البحر الأحمر، ومن خلال تبني استراتيجية قائمة على الصواريخ، يمكنهم توسيع نطاقهم وزيادة قيمتهم كوكيل لطهران في الصراع الأوسع ضد إسرائيل".
على عكس الحشد الشعبي المجزأ -حسب التقرير- فإن الحوثيين هم مجموعة أكثر تماسكًا مع هيكل قيادي موحد، على غرار حزب الله بشكل وثيق وتم تأسيسها بدعم من الحرس الثوري الإسلامي.
وأكدت أن الحوثيين يديرون فعليًا أجزاء كبيرة من اليمن وأظهروا براعتهم العسكرية من خلال استهداف المصالح الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر، وتهديد المنافسين الإقليميين لإيران، مثل المملكة العربية السعودية، وحتى مهاجمة الموانئ الإسرائيلية بصواريخ بعيدة المدى.
إلى ذلك تشير المجلة الأمريكية إلى أن هناك عامل حاسم آخر هو روسيا. وقالت إن موسكو تنظر إلى الحوثيين كأصل استراتيجي بينما تصعد استفزازاتها للغرب.
وطبقا للتقرير فإن العلاقة الحوثية الروسية الناشئة تقدم لإيران فرصة فريدة لتعزيز نفوذها الإقليمي. من خلال التحالف مع روسيا، يمكن لطهران ممارسة ضغوط أكبر على المنافسين في المنطقة والاستفادة من موقف الحوثيين لتعطيل المصالح الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية.
وذكر أن هذا التحالف قد يمكن إيران أيضاً من التنسيق بشكل أكثر فعالية مع موسكو بشأن أهداف جيوسياسية أوسع نطاقاً، مثل مواجهة النفوذ الغربي في الشرق الأوسط وتقويض النظام العالمي.
وختمت مجلة "ناشيونال إنترسيت" تحليلها بالقول "من السابق لأوانه أن نستنتج ما إذا كان تراجع حزب الله سيقلل من نفوذ إيران في المنطقة؛ ولكن من الممكن أن يؤدي إلى تحول في الاستراتيجية. وإذا حصل الحوثيون على دعم روسي كبير، فقد يثبتون أنهم شركاء أكثر فائدة، والواقع أن كيفية تعامل الولايات المتحدة وحلفائها مع الحوثيين اليمنيين وتهديدهم للممر المائي الحيوي في البحر الأحمر هي مسألة ستزداد أهمية في المستقبل".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news