تحليل سياسي… هل الانفصال ممكن في اليمن؟ وهل هو حل؟

     
عدن توداي             عدد المشاهدات : 392 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تحليل سياسي… هل الانفصال ممكن في اليمن؟ وهل هو حل؟

عدن توداي/كتب د . مصطفى أحمد النعمان

لن يعيش اليمن، جنوباً وشمالاً، في استقرار ولن ينعم بتنمية وازدهار ما لم تتدارك جماعة الحوثي في صنعاء أن الحكم لن يستقر لها بالقوة، وعليها أن تفهم أن ما تفعله سيفاقم الكراهية والأحقاد. وعلى المجلس الانتقالي أن يعي أن له شركاء في الشمال والجنوب يمكن أن يكونوا عوناً له في تحقيق مبتغاه.

يعيش اليمن حاضراً قلقاً دامياً، ويلوح أمامه مستقبل غامض، ومع مرور الوقت تترسخ على الأرض قوى هي أقرب إلى سلطات أمر واقع منها إلى مؤسسات منضبطة تمارس مهمات دستورية ووطنية. وما من شك في أن بدايات ملامح الانهيار طفت على السطح في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 حين استغلت جماعة “أنصار الله” الحوثية حال الفوضى السياسية والانشقاقات التي سادت البلاد مع انطلاق الاحتجاجات على حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ثم تنازله عن موقع الرئيس إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.

يضاف إلى ذلك الفترة بين بدايات ما يسمى بحروب صعدة (2004 – 2010) التي شكلت علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث لأنها حسمت نتيجة المعارك فعلياً لمصلحة جماعة مسلحة لا تعترف بالدستور القائم ولا قواعد العمل السياسي المتعارف عليه، وبين ضعف المؤسسات في مواجهة تمرد عسكري.

استخدام القوة

مقالات ذات صلة

وزير الدفاع يعقد اجتماعاً موسعاً بقيادة المنطقة العسكرية الأولى واللجنة الأمنية بوادي وصحراء حضرموت

زوجة تقتل زوجها بتسديد عدة طعنات في صدره خلال نومه

ولكن هذا لا يعني بأي حال أن نغفل الصدع الكبير الآخر الذي أحدثته الحرب السابقة في صيف 1994 حين استُخدمت القوة المفرطة لمنع حركة “الانفصال/ استعادة الدولة” التي أعلنها باسم جنوب اليمن، نائب الرئيس حينها علي سالم البيض، الأمين العام للحزب الاشتراكي في 21 مايو (أيار) 1994 بعدما توصل إلى قناعة بأن تجربة السنوات خلال السنوات الأربع التي سبقت الحرب (أعني إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990) كانت غير قابلة للاستمرار، وأن قراره في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 بالدعوة إلى قيام وحدة اندماجية ودولة واحدة تبسط سلطتها على مجمل الأرض اليمنية، كان متعجلاً.

ثم هناك الحدث الرابع الذي سيشكل ملامح اليمن القادم وهو آثار الحرب الشاملة التي بدأت في سبتمبر 2014، حين قررت “الجماعة” الحوثية الانطلاق خارج بيئتها الزيدية الحاضنة ووصولهم إلى الحديدة وشبوة وعدن وتعز، بعد إحكام سيطرتهم على المساحة الجغرافية الممتدة من صعدة في الشمال على الحدود مع المملكة العربية السعودية وصولاً إلى صنعاء وذمار.

هذه الأحداث تلقي بظلال من الشكوك حول الوصول إلى بلد مستقر وإمكانية بقائه موحداً، أو التوصل إلى توافق مقنع للجميع، أو الغالبية، حول نموذج قابل للحياة بين مناطقه. فهل ذلك ممكن؟

الخطاب الحوثي

من المهم ملاحظة أن الثقة والتواصل بين الأطياف اليمنية (جغرافياً ومذهبياً) بلغا أدنى منسوب في تاريخه المعاصر، فقد أصابت ممارسات جماعة “أنصار الله” الحوثية قواعد التعايش الاجتماعي في مقتل، وفجرت – إلى جانب تفجير البيوت – مخزوناً من الأحقاد التي سعت القيادات التاريخية اليمنية إلى التعامل معها بحكمة وصبر وتعال. من العجيب، مثلاً، أن يظهر من ينفي وجود مذهب زيدي ووصمه بأقذع الألفاظ إلى حد نفي جنسية أتباعه على رغم أن اليمنيين تعايشوا مع الأمر منذ قرون على وجود مذهبين شافعي وزيدي. ويبدو الأمر حملة منظمة لتغيير المفاهيم التي يعرفها اليمنيون من قرون.

وتمكن الخطاب الحوثي وخطاب خصومهم من غرس جذور فتنة اجتماعية ستحتاج عقوداً وأجيالاً لتفكيك تعقيداتها. لكن أسوأ النتائج هو ما تراكم في المحافظات الجنوبية من دعوات إلى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه في 21 مايو 1990، وتنامي التحريض فيها ضد كل ما هو شمالي.

صحيح أن مخرجات لقاءات منتجع الموفينبيك وضعت القضية الجنوبية على رأس مخرجاتها، لكنها كانت محاولة للتذاكي والقفز فوق الواقع الذي تشكل بقوة على الأرض بعد حرب 1994، وكانت بدايته مع ما عُرف حينها بـ “الحراك الجنوبي” الذي كانت أقصى أمانيه المعالجة القانونية لآثار الحرب، ولكنها لم تلق آذاناً صاغية ولا عقولاً تتفهم تبعات العناد والتسطيح للقضايا الوطنية الكبرى.

تدهور الوضع

هكذا تحولت المطالبات القانونية التي تباطأت السلطة في معالجتها إلى دعوة بدأت خافتة وخجولة تدعو إلى فك الارتباط واستعادة الدولة التي كانت قائمة في 21 مايو 1990. ومرة أخرى تكررت لعبة الاحتواء من دون وضع معالجات جادة تتناول جذور الأزمة التي كان من الممكن تناولها بحلول سياسية وقانونية.

ما يجري طرحه اليوم أصبح بحاجة إلى تفكير عقلاني وخيال سياسي مبتكر يتعاملان مع قضية “الانفصال/ استعادة الدولة” من منطلق الممكن والمقبول من كل الأطراف، لأن الأمر لا يخص قانونياً أبناء المحافظات الجنوبية وحدهم فقد صار على دولة الوحدة التزامات دولية وقانونية لا يمكن لطرف واحد بمفرده تقرير نتائجها.

إن رفع سقف الدعوات وتأجيج المشاعر واستخدام الشعارات الشعبوية، كل هذا لن يسهم في إيجاد مناخ لحوار بين كل الأطراف اليمنية لطرح هذه القضية على بساط النقاش. وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي أولاً أن يقدم رؤيته المتكاملة للحل الذي يظنه الأسلم والأجدر. ما أقصده هنا هو كيف يرى “فك الارتباط/ استعادة الدولة” من وجهة نظر قانونية مع الأخذ في الاعتبار أن معه في اليمن القائم اليوم شركاء فعليين في الرقعة الجغرافية، وعليه إدراك أن المسألة ليست رغبة يجب تلبيتها في الوقت الذي يحدده، بل يجب توافر شروط وطنية وإقليمية ودولية بعيداً من الشطط والمزايدات.

لن يعيش اليمن، جنوباً وشمالاً، في استقرار ولن ينعم بتنمية وازدهار ما لم تتدارك جماعة الحوثي في صنعاء أن الحكم لن يستقر لها بالقوة، وعليها أن تفهم أن ما تفعله سيفاقم الكراهية والأحقاد. وعلى المجلس الانتقالي أن يعي أن له شركاء في الشمال والجنوب يمكن أن يكونوا عوناً له في تحقيق مبتغاه وهذا أمر يستوجب منه التعامل العاقل والانفتاح الرزين مع معارضيه ومنتقديه.

* دبلوماسي يمني سابق عمل وكيلا لوزارة الخارجية وسفيرا لبلاده في عدد من البلدان يكتب في الشأن السياسي اليمني

نقلاً عن (اندبندنت عربية)

شارك هذا الموضوع:

Tweet

المزيد

Telegram

معجب بهذه:

إعجاب

تحميل...

مرتبط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

من هي الشخصيات التى تم القضاء عليهم بصنعاء وصعدة .. الاسماء

جهينة يمن | 1398 قراءة 

البيت الأبيض: الضربات الأمريكية تقتل قيادات حوثية بارزة في اليمن

حشد نت | 1246 قراءة 

عاجل : الاعلان عن عملية عسكرية كبيرة ضد الحوثيين خلال الساعات القادمة

جهينة يمن | 1109 قراءة 

الاعلان عن أسماء منازل قادة الحوثيين الذين تم استهدافهم في صنعاء قبل قليل

وطن الغد | 1033 قراءة 

في اعلان عاجل : قناة إماراتية: تم القضاء على هؤلاء بقصف صنعاء وصعدة

وطن الغد | 947 قراءة 

عاجل : المملكة العربية السعودية تفاجئ الجميع وتعلن علاقتها بالضربات الامريكية الاخيرة على الحوثيين

جهينة يمن | 859 قراءة 

عاجل : بعد ساعات من القصف الامريكي...الرئيس العليمي يجتمع بالقيادات العسكرية ويصدر أوامر عاجلة "تفاصيل"

جهينة يمن | 687 قراءة 

عاجل:الحو ثيين يعلنون القيام بهذا الامر الليلة ردا على الضربة العسكرية بصنعاء

كريتر سكاي | 664 قراءة 

عاجل.. أمريكا: قتلنا العديد من قادة الحوثيين الرئيسيين في الضربات الأخيرة والجماعة تعلن حصيلة جديدة

المشهد اليمني | 616 قراءة 

مصادر عسكرية تتحدث عن عمليات عسكرية أمريكية برية ضد مليشيا الحوثي في هذه المحافظة

بوابتي | 553 قراءة