تحليل سياسي… هل الانفصال ممكن في اليمن؟ وهل هو حل؟

     
عدن توداي             عدد المشاهدات : 346 مشاهده       تفاصيل الخبر
تحليل سياسي… هل الانفصال ممكن في اليمن؟ وهل هو حل؟

عدن توداي/كتب د . مصطفى أحمد النعمان

لن يعيش اليمن، جنوباً وشمالاً، في استقرار ولن ينعم بتنمية وازدهار ما لم تتدارك جماعة الحوثي في صنعاء أن الحكم لن يستقر لها بالقوة، وعليها أن تفهم أن ما تفعله سيفاقم الكراهية والأحقاد. وعلى المجلس الانتقالي أن يعي أن له شركاء في الشمال والجنوب يمكن أن يكونوا عوناً له في تحقيق مبتغاه.

يعيش اليمن حاضراً قلقاً دامياً، ويلوح أمامه مستقبل غامض، ومع مرور الوقت تترسخ على الأرض قوى هي أقرب إلى سلطات أمر واقع منها إلى مؤسسات منضبطة تمارس مهمات دستورية ووطنية. وما من شك في أن بدايات ملامح الانهيار طفت على السطح في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 حين استغلت جماعة “أنصار الله” الحوثية حال الفوضى السياسية والانشقاقات التي سادت البلاد مع انطلاق الاحتجاجات على حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ثم تنازله عن موقع الرئيس إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.

يضاف إلى ذلك الفترة بين بدايات ما يسمى بحروب صعدة (2004 – 2010) التي شكلت علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث لأنها حسمت نتيجة المعارك فعلياً لمصلحة جماعة مسلحة لا تعترف بالدستور القائم ولا قواعد العمل السياسي المتعارف عليه، وبين ضعف المؤسسات في مواجهة تمرد عسكري.

استخدام القوة

مقالات ذات صلة

وزير الدفاع يعقد اجتماعاً موسعاً بقيادة المنطقة العسكرية الأولى واللجنة الأمنية بوادي وصحراء حضرموت

زوجة تقتل زوجها بتسديد عدة طعنات في صدره خلال نومه

ولكن هذا لا يعني بأي حال أن نغفل الصدع الكبير الآخر الذي أحدثته الحرب السابقة في صيف 1994 حين استُخدمت القوة المفرطة لمنع حركة “الانفصال/ استعادة الدولة” التي أعلنها باسم جنوب اليمن، نائب الرئيس حينها علي سالم البيض، الأمين العام للحزب الاشتراكي في 21 مايو (أيار) 1994 بعدما توصل إلى قناعة بأن تجربة السنوات خلال السنوات الأربع التي سبقت الحرب (أعني إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990) كانت غير قابلة للاستمرار، وأن قراره في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 بالدعوة إلى قيام وحدة اندماجية ودولة واحدة تبسط سلطتها على مجمل الأرض اليمنية، كان متعجلاً.

ثم هناك الحدث الرابع الذي سيشكل ملامح اليمن القادم وهو آثار الحرب الشاملة التي بدأت في سبتمبر 2014، حين قررت “الجماعة” الحوثية الانطلاق خارج بيئتها الزيدية الحاضنة ووصولهم إلى الحديدة وشبوة وعدن وتعز، بعد إحكام سيطرتهم على المساحة الجغرافية الممتدة من صعدة في الشمال على الحدود مع المملكة العربية السعودية وصولاً إلى صنعاء وذمار.

هذه الأحداث تلقي بظلال من الشكوك حول الوصول إلى بلد مستقر وإمكانية بقائه موحداً، أو التوصل إلى توافق مقنع للجميع، أو الغالبية، حول نموذج قابل للحياة بين مناطقه. فهل ذلك ممكن؟

الخطاب الحوثي

من المهم ملاحظة أن الثقة والتواصل بين الأطياف اليمنية (جغرافياً ومذهبياً) بلغا أدنى منسوب في تاريخه المعاصر، فقد أصابت ممارسات جماعة “أنصار الله” الحوثية قواعد التعايش الاجتماعي في مقتل، وفجرت – إلى جانب تفجير البيوت – مخزوناً من الأحقاد التي سعت القيادات التاريخية اليمنية إلى التعامل معها بحكمة وصبر وتعال. من العجيب، مثلاً، أن يظهر من ينفي وجود مذهب زيدي ووصمه بأقذع الألفاظ إلى حد نفي جنسية أتباعه على رغم أن اليمنيين تعايشوا مع الأمر منذ قرون على وجود مذهبين شافعي وزيدي. ويبدو الأمر حملة منظمة لتغيير المفاهيم التي يعرفها اليمنيون من قرون.

وتمكن الخطاب الحوثي وخطاب خصومهم من غرس جذور فتنة اجتماعية ستحتاج عقوداً وأجيالاً لتفكيك تعقيداتها. لكن أسوأ النتائج هو ما تراكم في المحافظات الجنوبية من دعوات إلى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه في 21 مايو 1990، وتنامي التحريض فيها ضد كل ما هو شمالي.

صحيح أن مخرجات لقاءات منتجع الموفينبيك وضعت القضية الجنوبية على رأس مخرجاتها، لكنها كانت محاولة للتذاكي والقفز فوق الواقع الذي تشكل بقوة على الأرض بعد حرب 1994، وكانت بدايته مع ما عُرف حينها بـ “الحراك الجنوبي” الذي كانت أقصى أمانيه المعالجة القانونية لآثار الحرب، ولكنها لم تلق آذاناً صاغية ولا عقولاً تتفهم تبعات العناد والتسطيح للقضايا الوطنية الكبرى.

تدهور الوضع

هكذا تحولت المطالبات القانونية التي تباطأت السلطة في معالجتها إلى دعوة بدأت خافتة وخجولة تدعو إلى فك الارتباط واستعادة الدولة التي كانت قائمة في 21 مايو 1990. ومرة أخرى تكررت لعبة الاحتواء من دون وضع معالجات جادة تتناول جذور الأزمة التي كان من الممكن تناولها بحلول سياسية وقانونية.

ما يجري طرحه اليوم أصبح بحاجة إلى تفكير عقلاني وخيال سياسي مبتكر يتعاملان مع قضية “الانفصال/ استعادة الدولة” من منطلق الممكن والمقبول من كل الأطراف، لأن الأمر لا يخص قانونياً أبناء المحافظات الجنوبية وحدهم فقد صار على دولة الوحدة التزامات دولية وقانونية لا يمكن لطرف واحد بمفرده تقرير نتائجها.

إن رفع سقف الدعوات وتأجيج المشاعر واستخدام الشعارات الشعبوية، كل هذا لن يسهم في إيجاد مناخ لحوار بين كل الأطراف اليمنية لطرح هذه القضية على بساط النقاش. وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي أولاً أن يقدم رؤيته المتكاملة للحل الذي يظنه الأسلم والأجدر. ما أقصده هنا هو كيف يرى “فك الارتباط/ استعادة الدولة” من وجهة نظر قانونية مع الأخذ في الاعتبار أن معه في اليمن القائم اليوم شركاء فعليين في الرقعة الجغرافية، وعليه إدراك أن المسألة ليست رغبة يجب تلبيتها في الوقت الذي يحدده، بل يجب توافر شروط وطنية وإقليمية ودولية بعيداً من الشطط والمزايدات.

لن يعيش اليمن، جنوباً وشمالاً، في استقرار ولن ينعم بتنمية وازدهار ما لم تتدارك جماعة الحوثي في صنعاء أن الحكم لن يستقر لها بالقوة، وعليها أن تفهم أن ما تفعله سيفاقم الكراهية والأحقاد. وعلى المجلس الانتقالي أن يعي أن له شركاء في الشمال والجنوب يمكن أن يكونوا عوناً له في تحقيق مبتغاه وهذا أمر يستوجب منه التعامل العاقل والانفتاح الرزين مع معارضيه ومنتقديه.

* دبلوماسي يمني سابق عمل وكيلا لوزارة الخارجية وسفيرا لبلاده في عدد من البلدان يكتب في الشأن السياسي اليمني

نقلاً عن (اندبندنت عربية)

شارك هذا الموضوع:

Tweet

المزيد

Telegram

معجب بهذه:

إعجاب

تحميل...

مرتبط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تعميم جديد بشأن صرف المرتبات

عدن توداي | 4548 قراءة 

مصرع أبرز قيادات الحوثي.. مسلح ينتقم بشجاعة شرق صنعاء

نيوز لاين | 3437 قراءة 

حكومة عدن تكشف تفاصيل اتفاق سلام سعودي ـ حوثي وشيك

مساحة نت | 2757 قراءة 

اعلان حكومي بشأن التسوية الجديدة

العربي نيوز | 2015 قراءة 

مفاجأة سارة! المغرب تقدم هدية قيمة لليمن

المشهد اليمني | 1962 قراءة 

قرارات جديدة من البنك المركزي تُغير ملامح المشهد المالي

شمسان بوست | 1814 قراءة 

صرف معاشات المتقاعدين ورواتب موظفين في 8 محافظات يمنية 

يمن إيكو | 1766 قراءة 

أول تعليق لـ ”عبدالملك الحوثي” على تخلي ”حزب الله” عن غزة ومصير عمليات جماعته بعد وقف حرب لبنان

المشهد اليمني | 1442 قراءة 

ذعر حوثي كبير بعد انهيار مليشيات إيران في سوريا ووصول المعارضة مشارف حلب. الجماعة تطلق مناشدة لتركيا وقطر بالتدخل

المشهد اليمني | 1088 قراءة 

جريمة نكراء تهز هذه المحافظة.. قتل من أجل 500 ريال

كريتر سكاي | 969 قراءة