خرافة التمايز الطبقي والعرقي

     
الصحوة نت             عدد المشاهدات : 133 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
خرافة التمايز الطبقي والعرقي

إن من بين ما يلفت النظر عند مطالعة بعض صفحات التراث؛ أن عدداً من الباحثين القدامى قد أقر التمايز الطبقي والعرقي بين المسلمين، متأثراً في رأيه ذاك ببعض النظريات الفارسية واليهودية التي كانت سائدة في عالم ما قبل البعثة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

تلك النظريات الخرافية الزائفة التي تخالف منطق العقل، وتخالف أصول البنية الإنسانية، وتخالف -أولاً وأخيراً- إحدى الغايات الأساسية التي جاء الإسلام لترسيخها في أفهام وعقول المسلمين، وأعلنها مدوية في أسماع الزمن: أن الناس ((سواسية كأسنان المشط))، وأن البشر كلهم: مسلمهم وكافرهم، عربيهم وأعجميهم.

(( كلهم لآدم وآدم من تراب )).

والإسلام بإعلانه هذا قد سوّى بين البشر -دون استثناء- وأفصح منذ البداية بعالمية الإسلام من خلال الآيات القرآنية التي تنزلت على المصطفى -صلى الله عليه وسلم-في مكة المكرمة، في وقت كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يبحث بين قومه على من يؤمن به وينصره..

ويشاء الله أن يكون من بين المستجيبين لدعوته بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي مثلهم في استجابتهم لدعوة الله مثل من استجاب للدعوة من العرب في بداية أمرها.

ورغم هذه الحقيقة -حقيقة عالمية الإسلام ومساواته بين معتنقيه- فقد جاء من يفسر الإسلام تفسيراً بعيداً عن حقيقته تلك، وبعيداً عن كون الإسلام ديناً للبشرية كلها بمختلف الألسن والألوان والأوطان..

لقد جاء من المسلمين من حاول أن يربط مصير الإسلام بمصير جنس معين من البشر؛ متجاهلاً أن هذا الدين يعز الله به من يلتزم به عقيدة وشريعة دون ما تفريق بين الناس .. لأن الناس -في نظر الإسلام- مهما كانوا وأينما كانوا لا يتمايزون فيما بينهم بأصول عرقية تختلف من جنس إلى آخر !

وكون الإسلام عالمي الدعوة والتبليغ؛ فقد وجب على كل من يعتنقه أن يعي جيداً أن هذه"العالمية" تتنافى مع كل قول يدعي أن الإسلام جاء ليعز شعباً مسلماً على حساب شعوب مسلمة أخرى، أو أنه جاء ليحفظ مصالح أسرة بذاتها على حساب بقية الناس ومصالحهم!

إن الإسلام جاء ليجعل من معتنقيه أمة واحدة، يشكل المسلمون فيها طبقة واحدة، لا فرق بين غنيهم وفقيرهم، ولا أبيضهم وأسودهم وأصفرهم وأحمرهم

﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ﴾ [الحجرات: ١٠]

ولا يتفاضلون إلا بقدر قربهم أو بعدهم من الله عز وجل :

﴿إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم﴾ [الحجرات: ١٣]،

﴿وَمَن يَعمَل مِنَ الصّالِحاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمونَ نَقيرًا﴾ [النساء: ١٢٤]

﴿مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ﴾

[النحل: ٩٧]

إن الإسلام دين الله في الأرض .. وليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة ولا نسب، كما أن دعوى بني إسرائيل

﴿نَحنُ أَبناءُ اللَّهِ وَأَحِبّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]

وقول إبليس ﴿أَنا خَيرٌ مِنهُ﴾ [الأعراف: ١٢]، كل ذلك ماهو إلا زيف أبطله الإسلام، وزعم كاذب فنده القرآن في أكثر من موضع في القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة.

لقد عمل البعض على تأويل بعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بحسب أهوائهم ومصالحهم، وعملوا بتلك التأويلات على تمزيق الأمة الواحدة، وصوروا الإسلام تصويراً مشوهاً، وقدموا الإسلام - للمسلمين وغير المسلمين - على غير حقيقته، وعملت هذه التأويلات في الأمة المسلمة مالم يعمله أعداؤها فيها.

وصدق العالم الجليل ابن قيم الجوزية-رحمه الله- عندما قال في كتابه "إعلام الموقعين عن رب العالمين": "أصل خراب الدين والدنيا إنما هو من التأويل الذي لم يرده الله ورسوله بكلامه، ولا دل عليه أنه مراده، وهل اختلفت الأمم على أنبيائهم إلا بالتأويل؟ وهل وقعت في الأمة فتنة كبيرة أو صغيرة إلا بالتأويل؟ وهل أريقت دماء المسلمين في الفتن إلا بالتأويل؟".

-----------------------

*محمد بن عبدالله اليدومي - رئيس الهيئة العليا للإصلاح.

كتب هذه الافتتاحية لصحيفة الصحوة العدد (105) 

 الخميس 29 صفر 1408هـ  

الموافق 22 / 10 / 1987م.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الكريمي والقات وشركات صرافة كبر.. نقابة الصرافين تخرج عن صمتها وتكشف المستور

نافذة اليمن | 907 قراءة 

الريال اليمني ينهي تعاملات الأسبوع بتحسن جديد اليوم الخميس.. السعر الآن

مساحة نت | 853 قراءة 

حول سياسي واقتصادي كبير مرتقب في اليمن ومركزي عدن على موعد مع مليارات الدولارات المجمدة

نيوز لاين | 729 قراءة 

امريكا تقول كلمتها بشأن البنك المركزي في عدن وتحركاته.. وتحذر

نافذة اليمن | 682 قراءة 

مليشيا الحوثي تفضّ اعتصامًا قبليًا بالقوة وتختطف مشايخ من خولان في صنعاء

حشد نت | 615 قراءة 

وفاة عريس في صنعاء بعد ساعات من زفافه والسبب لا يصدق

كريتر سكاي | 583 قراءة 

تخفيضات "السنابل" تُجسّد الدور الوطني لمجموعة هائل سعيد أنعم.. «وثيقة»

يمن فويس | 456 قراءة 

كم بلغ سعر الدولار اليوم؟ تعرف على أحدث أسعار الصرف في صنعاء وعدن

نيوز لاين | 420 قراءة 

مصدر أمني مسؤول لـ"بران برس": الزراحي مرتبط بشبكة إرهابية تمتد في 3 محافظات وعلى تواصل بقيادات حوثية

بران برس | 402 قراءة 

خالد بن سلمان يعلق على حديث مدير شرطة خورمكسر مع شاب عدني ويطالب بهذا الامر

كريتر سكاي | 323 قراءة