مدخل عام للنشيد الوطني:
النشيد الوطني يعبر عن الهوية الوطنية كانتماء فطري، وهو في الوقت ذاته هوية مكتسبة، يكتسبها الإنسان في كل مراحل نموه، ويتصاعد هذا الانتماء في كل المراحل الدراسية.
تعمل البيئة المحيطة على توجيه هذا الانتماء والمحافظة على مساره الوطني، من انحراف هذه الهوية إلى مزالق الهويات المتناحرة أو القاتلة كما يقول أمين معلوف.
العلم الوطني، النشيد الوطني، الزي العسكري، السيادة والعملة النقديه الوطنية … الأسس الرئيسه التي تُبنى عليها الأوطان، وتحدد وجهتها وتوجهاتها وعلاقاتها مع الإقليم والمحيط.
تصنف الموسوعة البريطانية الأناشيد الوطنية إلى ثلاثه تصنيفات أساسية:-
أناشيد تدعو للحاكم بالسلامة.
أناشيد تشير إلى المعارك التي خاضتها الأمة.
وثالثة تعبر عن المشاعر الوطنية.
(بحسب هذا التنصيف فإن التغني بعظمة الشعب وكبرياء نضاله، وتمجيد بطولاته، وترسيخ معتقداته، والتمسك القويم بحماية السيادة الوطنية للدولة، هي أهم ملامح النشيد الوطني. ولذا تغيب العاطفة وقيم التسامح من عبارات النشيد الوطني بل ونجد بعض الاناشيد تتمسك بخيارات القتال دفاعًا عن الوطن وسيادته،كما نجدها ترفض المساواة مع الآخر أو وصاية الآخر عليها).
مقدمة:
النشيد الوطني اليمني
(رددي ايتها الدنيا نشيدي)
النشيد الوطني اليمني لدولة الوحدة والذي كان نشيدًا وطنيًا لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة اليمنية، يتفرد عن غيره من الأناشيد الوطنية العربية بأنه ينطلق من الأسس الحضارية، والدينية، لليمن أرضًا وإنسانًا،
وهو يستحث الدنيا ويصدح معها بالقول (رددي أيتها الدنيا نشيدي).
هذه العبارة التي أصبحت فيها الذات الواحدة ذاتًا جمعية تنطق باسم الجماهير التي تضم جميع الأفراد دونما تمايز كون التمازج بينهما تمازجًا تامًا.
المنطلقات الأساسية للنشيد الوطني اليمني:
المنطلق الأول:
الفرحة في تذكرها للشهداء
الدنيا التي تردد نشيد الجماهير اليمنية في مشارق اليمن ومغاربها وجنوبها وشمالها، وتصدح به كل ذرات رمالها وجبالها، وهي تذكر في اثناء فرحتها الوطنية كل الشهداء عبر التاريخ اليمني، وتكسيهم حللًا من ضوء هذه الأعياد المتمازجة حد التجانس بعبارة (من ضوء عيدي).
رددي أيتها الدنيا نشيدي
ردديه وأعيدي وأعيدي
واذكُري في فَرحتي كلَّ شهيد
وامنحيه حُللاً من ضَوءِ عِيدي
المنطلق الثاني:
الوحدة اليمنية
ينبثق المنطلق الثاني من الأسس الراسخة في بناء الوحدة اليمنية عبر تاريخ اليمن قديمه وحديثه.
هذه الوحدة التي أصبحت نشيدًا يملأ النفس اليمنية بالروعة والجمال، وصارت عهدًا عالقًا في كل ذمة يمنية حيثما وجدت.
وَحدتي .. وحدتي
يا نشيدًا رائعًا يملأ نفسي
أنتِ عهدٌ عالقٌ في كل ذِمّة
المنطلق الثالث:
الراية
الراية عنوان العنفوان، والإباء والشموخ، وقائد الانتصارات الشعبية، نسجت وحيكت من كل شمس، شمس الحرية، شمس العلم والمعرفة، شمس الحماسة في خضم النضال، شمس الرفعة والشموخ، و شمس الثقافه والفكر والأدب. وهي بهذا النسيج ستظل خافقة في كل قمة يمنية طبيعية أو معرفية.
رايتي .. رايتي
يا نسيجًا حكْتُهُ من كل شمس
أخلدي خافقةً في كل قِمّة
المنطلق الرابع:
الأمة:
الأمة هي مصدر البأس الشديد والرأي الأشد في معتركات الحياة، النضالية، الإقتصادية والإجتماعية والصحية والتربوية والتعليمية، وهي مخزون كل هذه العطاء الوطني.
أمّتي .. أمّتي
امنحيني البأس يا مصدر بأسي
واذخريني لك يا أكرم أمّة
المنطلق الخامس:
الإنسانية
باعتبار الإنسانية حمالة الحياة والتعايش السلمي بين جميع الشعوب، فلابد أن يبدأ هذا النشيد التغني بالإنسانية جمعاء، ولهذا التغني أسسه الشمولية في الإسلام، ويأتي المسار الثاني لهذا المنطلق الأممي عربيا لغة وتاريخًا ودماء، ثم تاتي الخصوصية اليمنية مجددة في نبضات القلب تدفق دمائه اليمنية في المسار العربي وصولًا إلى الإنساني الأممي.
عشتِ إيماني وحبي أمميا
ومسيري فوق دربي عربيّا
وسيبقى نبضُ قلبي يمنيّا
المنطلق السادس:
السيادة
السيادة التي حددتها المواثيق الدولية، بكل حدودها البحرية والجوية والبرية، والحفاظ على سلامة أراضيها، وعدم السماح لأي كان أن ينتقص من هذه السيادة، أو أن يكون وصيًا على هذه السيادة ولذا نجد النشيد يؤكد بملء بصوته
لن ترى الدنيا على أرضي وصيّا.
لمحات من الجميل والأجمل في النشيد الوطني اليمني
الجميل في النشيد الوطني اليمني:
انه تحقق وجدانيًا في ذات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول) قبل أن يتحقق واقعًا وحدويًا في 22 مايو 1990 (كما يشير إلى ذلك الدكتور سلطان الصريمي في محاضرة صوتية).
إننا حين نردده نضع على قلوبنا جذوة من جمرة راحة الكف اليمنى كتقليد صار واجبًا.
الأجمل في النشيد الوطني اليمني:
أما أجمل ما في النشيد فهي تلك الروح الوثابة المنطلقة إلى الأعلى حين نردده في احتفالاتنا الرسمية وفي بداية العابنا الرياضية المحلية والاقليمية والدولية، وفي بدايات أيامنا الدراسية وغيرها من المناسبات التي تستحضر هذا النشيد.
وبين الجميل والأجمل، نجد أشياء يندى لها جبين النشيد، حين نراه مغيبا في أكثر المحافل اليمنية، أو نجده يشدو بصوت طائر سجين هنا أو هناك.
خاتمة:
النشيد الوطني لأية دولة، بكل تصنيفاته الثلاث، التي تدعو للحاكم بالسلامة وطول العمر، أو تلك التي تشيد بالمعارك التي خاضها الشعب وتدعو للاحتفاظ بسيروة المقاومة، أوهذه التي تمجد المشاعر الوطنية، تظل بعيده بعد الخافقين عن الصوت والصدى، ما لم تحقق للوطن سيادته، وأمنه واستقراره، وللمواطن رخائه الإقتصادي ومقوماته الصحية والتربوية والتعلمية والفكرية وغيرها، تحت راية هذا النشيد الخفاقة في كل الأرجاء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news