الــزبيـري فــي جـــهـنـم.. كيف وصلها وما المهمة التي كلف بها؟!

     
سبتمبر نت             عدد المشاهدات : 509 مشاهده       تفاصيل الخبر
الــزبيـري فــي جـــهـنـم.. كيف وصلها وما المهمة التي كلف بها؟!

 

 

سبتمبر نت/ تقرير- منصور أحمـد

في الوقت الذي كان فيه أبو الأحرار الزبيري، شاردا، تائها في أزقة السيدة زينب وفي زوايا الازهر الشريف في القاهرة، يبحث عن وطنه الذي لا يعلم عنه شيئا، ولا يعرف إن كان قد أضاعه أم ضيعه..؟!، ظل يهيم في ارض الله لعله يجد من يرشده إليه، أو على الأقل يحصل على الموقع الجغرافي لوطنه الذي كانت جدته تقول له أن اسمه مملكة (واق الواق)، فكان كلما التقاه شخص أو وقع نظره عليه، بادره بالسؤال: من أنت ومن أي بلد؟! فيجيب: أنا العزي محمود، من بلاد واق الواق. الامر الذي سبب له مشاكل كثيرة مع علماء ومشايخ الازهر الشريف، بسبب أنهم لا يعرفون لهذا الاسم مكانا على ظهر المعمورة، واتهموه بالجنون، أو بالهزل معهم، وأن هذا الاسم اسطوري، ليس له وجود على الأرض، رغم أن العزي محمود كان يقسم بالله أنه لا يعرف من وطنه إلا هذا الاسم الذي كانت تحفظه له جدته، وإن كان لا يوجد في الارض،فإين سيكون إذا؟! لا بد أن يكون في السماء.. وهل هذا الاسم حقيقي لوطن حقيقي أم أنه مجرد أسطورة؟!

وشعبنا اليمني الأبي يحتفي بالذكري الـ62 لثورته 26سبتمبر، التي خاض لأجلها أبو الاحرار تلك المغامرة الخطيرة، والرحلة والسفر عبر الزمن  إلى عالم  الاحياء- الشهداء- التي طار به ملاك السماء، والعزي محمود متعلقا بين ريش جناحيه الضخم، من مسجد الحسين في قاهرة المعز، والتقاهما بحور العين، هي الجدة لميس بنت معد يكرب، فتعارفا، وفي حوار ثنائي ناقشا فيه كثير من القضايا والاحوال، وفي الوقت ذاته أخبرته عن مهمتها الرئيسية وهي حراسة دماء الشهداء الاحرار حتى لا تسقط وتفقد طهارتها، وسألته عن أحوال احفادها وكيف احوالهم، ولماذا لا يحررون انفسهم من العبودية، فأجابها، لهذا الامر أنا هنا أتيت للالتقاء بالثوار الاحرار في الجنة لأستشيرهم في هذه القضية، لأن الشهداء هم اصحاب الحق الوحيد للبت في هذه القضية، ولذلك اريد الوصول إلى الاحرار في الجنة؟ فكيف تريد الذهاب إلى الجنة وانت لازلت من اهل الدنيا، وبعد اصراره، أمرت الملائكة بإيصاله للقاء الثوار الشهداء في منطقة الاعراف فقط، باعتبارها منطقة حرة، والتي التقى فيها بوفد الاستقبال- من أحبته وزملائه الشهداء الاربعة، الذي سمح لهم رضوان الجنة بالخروج ، والمكون من رئيس اللجنة الشهيد عبدالوهاب نعمان، والشهيد زيد الموشكي، والشهيد محمد صالح المسمري، والشهيد الضابط العراقي ج. ج، والسماح لهم الالتقاء ومناقشة القضايا المفصلية في مشارف الجنة والتطواف بها على أقطابها وأبطالها وشهدائها، وكذا المهمة التي كلف بها خازن جهنم أبو الاحرار العزي محمود، تفقد أهل النار للتعرف إن كان من يشكو من ظلمهم موجدين في جهنم، والاطلاع على كيفية إجراءات ووسائل التعذيب في جنهم لأولئك الطغاة.. هل تتناسب مع طغيانهم على احفاد الجدة لميس؟!

بهذه الاستهلالة، نقدم قراءة لهذه الرحلة وتلك المغامرة، التي كانت أشبه بالانتحار-في حلقات-، لما لها من فائدة كبيرة على الثورة اليمنية، والصعوبات والاهوال التي قابلت العزي محمود، والنتائج المثمرة التي حصدها الاحرار، اليمنيون واستلهام منها العظات لتفجير ثورة 26سبتمبر بعدها بسنة ونصف، 26سبتمبر1962، فإلى التفاصيل:

لا شك أن أبا الاحرار- العزي محمود- كما هو اسمه في واق الواق- صال وجال، باحثا عن وطنه الضائع في دنيا الارض، وهو يدرك أن ضياع الاوطان خيانة لا تغتفر، لكنه لم يترك مكانا على ظهر المعمورة إلا وبحث فيه عن وطنه المسمى (مملكة واق الواق)، ودخل في جدال مع كثير من البشر حول وجودية وطن بهذا الاسم إلى حد أنهم اطلق عليه البعض بالشاعر المجنون أو ان العزي محمود ليس من فصيلتنا الآدمية، وإنما هو كائن غريب ودخيل على الارض، ويمكن أنه هبط من الفضاء، أو أن الوطن الضائع الذي يقول إن اسمه (واق الواق)، ما هو إلا اسم اسطوري لا حقيقة له على ارض الواقع.. إصراره هذا على أن وطنه حقيقة لا مجازا، ولا اسطوريا، ومادام لم يجده على ظهر كوكب الارض، ولا في دنيا الاموات- كما وصفهم ابو الاحرار في روايته الوحيدة واق الواق- والتي استطاع بها الاختراق والعبور بها إلى الجنة والى جهنم ويتبوأ مهام ومسؤوليات جسام، والاشراف على إجراءات التعذيب للمدعو يحيى الطباطبأ (الرسي) واحفاده وابائه وصولا إلى الهالك حسين الحوثي، وكل من له علاقة بمزاعمهم. في الوقت الذي ينكر عليه هذا العالم حقيقة وجوده، فلم يعد أمامه مكانا يبحث عنه إلا في السماوات العلا وفي الاخرة- عند سكان أهل الجنة- الشهداء- الاحياء الحقيقيين، متكأ إلى تلك الآمال التي تلوح في الافق  بأنه سيلقى من يدله  على وطنه الضائع، دون جدوى؛ وعندما ألح بالسؤال على مشايخ وعلماء الازهر، الذين دخل معهم في جدال ما اعتقدوا في بداية الامر، أن العزي محمود مجنونا، لكنهم حينما عرفوا أن ما يبحث عنه بالفعل حقيقة وليس اسطورة، رفقوا لحاله، وقرروا الانضمام إليه في عملية البحث.. وعندما كانوا يفكرون في طريقة ووسيلة توصل صديقهم العزي محمود إلى وطنه وتحديد مكانه، خطر على أحدهم اللجوء إلى الاستعانة بالأرواح.

الفكرة استحسنها العزي محمود، بعدما ضاقت به دنيا الاحياء وهو يبحث عن وطنه فلم يجده، فكان أمام خيارين لا ثالث لهما، إما إيجاد وطنه الضائع وإما القيام بأي شيء يذهب به إلى رفاقه الاحرار والثوار الشهداء.

وبعد أخذ ورد، اقترح أحد العلماء فقال: أما أنا، فعندي رأي آخر وسط: أنا مع زميلي فضيلة الشيخ في أن تحضير الارواح لا ينطلي على عقولنا، ولا ينبغي أن تدخل إلى أماكننا المقدسة، ولكن، لنا في التدابير الروحية المشروعة مندوحة عن -الانزلاق في المهازل المضلّة، وكلّكم يعرف-يا أصحاب الفضيلة- أخانا العلامة التقى فضيلة الشيخ (سعدان زكي)، هذا الشيخ الذي جمع بين تقوى اللّه والتبحر في علوم الشريعة والإلمام الواسع بعلم  النفس والعلوم الروحية: قديمها، وحديثها، وقد طبَّق معارفه كلّها بممارسة البحوث الروحية عن طريق التنويم المغناطيسي، حتى أصبح مرجعاً للناس في كشف الاسرار والخفايا التي تعجز عنها أجهزة الامن  العام.

الجميع هنا- علماء الازهر والعزي محمود- تقبلوا  فكرة التعامل مع علم (عالم الارواح) او السفر عبر الزمن، وبقي البحث في وجهه الشرعي من حيث أنه- حلالا أم حراما- وكيفية اقتحام هذا العالم الخارجي ومن القادر على خوض هذه المغامرة غير المحسوبة مع عالم الارواح، إلى أن اهتدى أحد مشايخ الازهر، إلى اللجوء إلى عالم الارواح فضيلة العلامة الشيخ« سعدان زكي» الخبير والعالم بشؤون عالم الارواح، يعلم كل شيء عن هذا العالم الواسع والكبير ويعرف مداخله ومخارجه، والشيخ سعدان ذائع الصيت ومكانة رفيعة ونفوذ قوي عند ملائكة السماء، وحاصل منهم على تزكية، واسمه عندهم (عطر)،وهذا ما اعترف به ملاك السماء الذي رافق العزي محمود في رحلته الخارجية الفضائية، ونقله تحت احد أجنحته الضخمة من مسجد الحسين بالقاهرة.

وله أيضا مقصورة صغيرة- لها مكانة عند الملائكة- في إحدى زوايا مسجد الحسين، يتعبد فيها ويجري فيها عمليات التنويم المعقدة، واطلاق الارواح تسافر إلى اوطانها وإلى قضاء حوائجها،  في رحلات تعبدية ومهام وطنية كبيرة.

وإنهاء لهذا الخلاف المحتدم بين العزي محمود التائه المشرد خارج وطنه الذي لا يعلم عنه شيء سوى أن اسمه بلاد واق الواق، تابع الشيخ مقدم مبادرة الحل الوسط لإنهاء الجدال حول مشروعية التنويم المغناطيسي- على العموم-من الفنون النافعة المشروعة التي لا تتنافى مع الدين ولا مع العلم، وحسبكم أن التنويم أصبح يستخدم في المستشفيات لإجراء العمليّات الجراحية، فهو ليس دجلا ولا تضليلا، فما رأيكم يا جماعة؟

وما كاد يتم تساؤله حتى نهضوا جميعا، وأخذ متحدثهم الاول بيد العزي محمود، واتّجهوا به خارج الجامع الازهر، وتوقف العزّي محمود يسأل مرافقه المتحدِّث الاول قائلا: ولكن، ما دام التنويم عملا مشروعاً، فلماذا لا يتم إجراؤه في الجامع الازهر؟!

قال فضيلة المتحدث: إننا ذاهبون من مسجد إلى مسجد، وفضيلة الشيخ (سعدان زكي) لا يجري عمليات التنويم إلا في مقصورة خاصة في مسجد سيدنا الإمام الحسين (رضوان اللّه عليه)، ولعلّنا إذا ما واتانا الحظ ندركه في هذه الليلة المباركة، فيكون ذلك فألا حسنا لمصير(واق الواق).

العزي محمود الثابت على موقفه  وإيمانه بوجود وطنه على سطح الارض، دخل في مغامرة وتحد مع كبار مشايخ الازهر المشككين بادعائه، فكان القرار أن يتم البحث عنه في عالم الاحياء، أهل الجنة، فهم وحدهم الذين سيفيدونه بالحقيقة، ولو اضطره امر ذلك أن يسافر عبر الزمن إلى ذاك العالم الحي، لتقديم مرافعاته وشكواه المؤلمة إلى سيد الاحياء وسيد شباب الجنة، بما يفعله اناس اشكالهم على هيئة آدمية، لكن تصرفاتهم وسلوكهم لا تمت للآدمية بصلة.. إنهم جاؤوا يستعبدون الناس وقد ولدوا احرارا، قسموا أمة الاسلام إلى طبقات ليحكموهم باسم الاسلام، على أن حكمهم حق إلهي موصى لهم من السماء- حسب ادعائهم- في مخالفة صريحة للإسلام ورسالته السمحة يدعون زورا وبهتانا انهم من نسلك واحفادك يا أبا الإماميين.

يرفعون شعارات الاسلام، لكنهم يسبون ويلعنون امهات المؤمنين- زوجات النبي والصحابة ويقتلون كل مسلم يقول لا اله إلا الله، افعالهم وسلوكياتهم مشينة ومسيئة للإسلام ورسالته السمحة.. افعال يندى لها الجبين، وسلوكياتهم من انزل الله بها من سلطان، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، يقبلون بحماس على ارتكاب المحرمات ويدبرون عن الحلال، فهم ينبذون وينصرفون عن الفضائل والمحمودات.. يتهافتون على القاذورات والنجاسة ويرمون المحصنات وينفرون الناس عن سنة النبي جدك أيها الإمام الكبير.

هذه هي طبائعهم التي لم تنته منذ مقتل الخليفة عثمان ومقتل والدك ومقتلك، فهم يقدمون على كل ذلك بادعائهم زورا وبهتانا بقولهم إنهم من آل بيت رسول الله، وانهم احفادك ، لكنهم لا يشبهون لا الحسين ولا الحسن، فهم من عالم غريب الاطوار، فها انا قادم إليك لأشكوهم بالجرائم التي، يرتكبونها بحق الشعب والامة منذ ان خرجوا إلينا ببدعهم الضلالية المضلة، فانظر ما أنت قاض.. صاح الحسين في وجهه: هؤلاء ليسوا مني! هؤلاء مجوس، اعداء ديني، قتلوا أبي، قتلوا اصحابي قتلهم الله، قاتلوهم قاتلوهم حتى تكون لكم الغلبة!

وذهب العزي محمود في روايتها الوحيدة (واق الواق)، يتحدث شارحا عن كيفية المشهد والصورة، التي يكون عليها الحال مسجد الامام الحسين وما حوله، في ليالي رمضان، تتجلّى فيه مكان قدسية الصيام والعبادة وطقوس رمضان، كما لا تتجلّى في أي مكان آخر في القاهرة أو في غير القاهرة: جماعات يصلّون، وجماعات يرتّلون القرآن، وجماعات من حول المسجد ينشدون الاناشيد الدينية ويرقصون، وجماعات في المنعطفات والقهوات المجاورة يدخنون الشيشة، ويشربون الشاي، ويتسامرون.

وقد استطاع فضيلة الشيخ سعدان أن يخلق الهدوء في وسط الضجة الهائلة، بفضل الاستعداد في مكانه الخاص المهيَّأ لمثل هذه الجلسات، وكاد الشيخ سعدان يعتذر لزملائه من العلماء لولا أن قدموا له العزي محمود ضيفاً، وبسطوا له مشكلة الخلاف على أسطورة (واق الواق)، وأشعروا هذا العالِم التقي بأنه إذا تَمَّ العثور على هذا البلد واكتشافه بهذه الطريقة الروحية، فربّما كان أهله عرباً حقّاً، فيكون الشيخ قد قام بعمل عربي جليل!.

قال الشيخ سعدان: أنا عندي وسيط، أستطيع تنويمه بسهولة، ولكن طبيعة المشكلة التي نحاول، بحثها تقتضي أن يكون الوسيط هو صاحب المشكلة بالذات، فهل عند ضيفنا الاستاذ العزّي محمود مانع أن يكون هو الوسيط في هذه المهمة؟

قال العزي محمود: هذا ما كنت أتمنّاه، فلا اَحب إليَ من أن أذهب بروحي إلى أجواءّ بلادي الحبيبة، وأنقل إليكم- بأمانة وإخلاص- كل ما أشهده وأراه هناك.

قال الشيخ سعدان: نحن متأكدون من صدقك وإخلاصك اولا، أما ثانياً، فأنا منوِّمك؛ ومعنى ذلك أنني أسيطر عليك سيطرة تامة، لا تستطيع معها أن تحدِّثني إلا بالحق.

قال العزي محمود: اتَّفقنا، ولكن، بقي شيء آخر هو أننا لم ندبر تسجيل هذه الرحلة الروحية حتى نتركها كوثيقة روحية للناس.

قال أحد العلماء: كيف تظن هذا- يا أخانا العزي محمود- ونحن كلنا جئنا إلى هنا لنكون شهوداً للتاريخ وسنسجل ما نسمعه منك، وما نلاحظه على  ملامحك في أثناء التنويم، ثم أخذ قلماً وورقا، وقعد على الكرسي يستعدّ للكتابة، أما الشيخ سعدان، فقد هيّأ كرسيّاً آخر مستطيلا، من القماش، من النوع الذي يُستعمَل للراحة، وأجلس العزي محمود عليه، وظل هو واقفاً خلف الكرسي، وطلب من العزي محمود أن ينظر بإمعان، إلى عينيه الملتهبتين بإشعاع روحي أخاذ!

وماهي إلا دقائق معدودة حتى شهق العزي محمود شهقة مسموعة، واسترخت أعضاؤه وتخشبت، واصفر لونه، وبدا كأنه قد انتقل إلى جوار ربّه؛ مما أثار الرعب بين جماعة العلماء الذين أخذ كل منهم كرسيا، وراح يتابع هذه العملية في سكون وذهول.

وبدأ العزي محمود يتكلم.. الكلمات تخرج من فمه وكأنها تخرج من جثّة ميّت لا حراك به، ويبدو أنه كان مُدلهاً بحب بلده، وكانت روحه تحاول أن تنطلق، حتى بدون تنويم؛ لذلك سرعان ما استجابت روحه للإشعاع السحري المنطلق من عيني الشيخ سعدان، ولكن العزي محمود كان لسانه يختلج كالخائف المضطرب لهذه الحالة الجديدة التي ألمَّت به.

قال الشيخ سعدان: لا تخف، تحدَّث، وانطلق حيثما تشاء، إنني سأمنحك القدرة علىَ  الانطلاق إلى حيثما تلهمك روحك، وسوف تهديك، لا محالة- إذا كنت صادقاً- إلى حقيقة وطنك، إلى موقعه من المعمورة، وستعرف ما إذا كان جزيرة في البحر أو وطناً مسحوراً أو مدفوناً تحت الرمال أو معلَّقا، بقدرة قادر بين السماء والارض! وستكون مضطرا، تحت سيطرتي إلى أن تصارحنا بكل الحقائق التي تكتشفها في هذه المرحلة: ستخبرنا، ما لون هذه الارض، وما جنسية أهلها، وما لغاتهم كما تتخيّلهم أنت أم أنهم مخلوقات من نوع آخر خلّفتها التكوينات الاولى للأرض وتركتها كمتحف للنماذج القديمة من مخلوقات اللّه، منذ أسدل على نهايتها الستار، بعد التطوّرات الاخيرة في قصة الارض وما عليها!

وعلى كل حال، فإن لنا من وراء رحلتك الروحية هذه أهدافاً ضخمة.. إننا لو استطعنا، بوسائلنا الروحية، أن نكشف هذا البلد العجيب فإننا نكون- حينئذ – قد فضحنا الدول الكبرى فضيحة مخزية: فإما أن ،نقضي على سمعتها العلمية، إذا كانت لم تعرف بعد وجود هذا البلد أو نقضي على سمعتها الانسانية، فيما إذا كانت تعرف وجوده وتتستّر، عليه، كما يفعل اللصوص بمسروقاتهم. ومحاولتنا هذه، في الحالتين ستكشف للعالم سخف البحوث الكونية التي تتّجه لاكتشاف، الكواكب والنجوم. بينما يوجد على أرضنا هذه وطن كـ(واق الواق)، لا تزال معلومات الحضارة الحديثة عنه، ربّما، أقل من معلوماتها عن القمر والمريخ، قد تكون الاخبار الاسطورية عن (واق الواق) أكثر لكن الثقة بها أقل ، وما يدرينا؟ فقد يكون العثور على هذا البلد حلّا لمشاكل المخلوقات في (واق الواق) هي الحلقة المفقودة في دراسة الجنس البشري أو غيره من الاجناس، فيسدّ اكتشافها حاجة العلم في هذه الناحية، وقد يحل  بعض الالغاز المحيِّرة في أصل الحياة، على أنه من المحتمل، أيضاً- أن المخلوقات في (واق الواق) أكثر تقدُّماً منا بآلاف السنين فتخرِّ ج من شعبها أساتذةً للبشر، ومن يدري؟ فمن المحتمل أن السر في غموض هذا البلد أن لديه وسائل علمية متقدِّمة جدّاً، استعان على صنع مادة سحرية مكنته من أن يظل بها سرّاً مستغلقاً على أهل الارض جميعاً؟ ومن يدري؟ فربّما كانت الاطباق الطائرة تنطلق من هذه البقعة المطلسمة.

بل، ومن يدري؟ قد يكون العزي محمود نفسه هبط علينا من طبق طائر في طفولته، فنشأ نشأة عربية، ونسي قصته، ولم يبق له من وطنه إلا رؤيا حالمة.

ورأى جماعة العلماء أن العزي محمود، وهو متخشِب على الكرسي هامد الجثة تماماً، ما إن سمع حكاية هبوطه من الطبق الطائر حتى ارتعدت شفتاه فيما يشبه الابتسام، ولكن الشيخ سعدان سلَّط عليه روحه القوّية، وقال له: استمرّ في همودك واستسلامك لإرادتي، ولا تظنّني أهزل في هذا الكلام، فأنا في موقف كلّه جدّ، ولم أتحدّث هذا الحديث الطويل معك إلا لأعدك للرحلة إعداداً روحياً كاملا، واُشعرك بأهمية أهدافها.

قال العزي محمود: إني لست في حاجة إلى تشجيع أو تحريض أو إعداد. إنني مضطرم كالجحيم باللهفة إلى لقاء بلادي، فأسرع بي- يا أستاذ- وأطلق روحي من محبسها، فإني أكاد أتمرَّد عليك وعلى جسدي، فأنطلق بلا منوِّم والتنويم.

قال الشيخ سعدان زكي: إذاً ، قد أعطيتك إشارة البدء، فانطلق بكل حرية، وسأتركك ترى وتسمع، وتطير وتتَّخذ كل وسائل المحاولة والتحايل لاكتشاف أسرار بلدك والوصول إليه، في السماء كان أم في الارض، ولن أتدخل إلا في هذه الدفعة الروحية الاولى التي أطلقك بها إلى المجهول، أو عندما تعود فنأخذ المعلومات عنك قبل أن تستيقظ، لأنك قبل اليقظة ستكون، تحت سيطرتي، وستكون عندك القدرة الكاملة على استذكار كل شيء مر بك في رحلتك هذه.

قال أحد العلماء، وهو الذي كان، منذ تناول القلم والقرطاس، يكتب ويسجل: إن معنى هذا- يا أستاذ سعدان- أن صاحبنا سيظل الساعات الطوال، غائباً صامتاً، فيضيع وقتنا نحن بلا عمل، والافضل أن نخرج لشأننا ونعود إلى الساعة التي تحددها لعودته من الرحلة.

قال الشيخ سعدان: هوّن عليك يا صاحب الفضيلة، أتظنّ أن حساب الزمن في الحياة الروحية يساوي حسابه في الحياة العادية؟ كلا..

إن عالم الروح له منطق آخر ونواميس مغايرة لنواميس الحياة التي تعوّدناها، ألا ترى أنه حتى النائم الحالم قد يطوي، في ومضة خاطفة من سباته، قصة من الرؤيا، تستغرق السنين من سني الروح؟ وماعليكم إلا أن تنتظروا برهة قصيرة.

وها هو ضيفنا العزي محمود ينطلق في هذه اللحظة، ليصبح ضيفاً لعوالم مجهولة، قد يكون فيها مالا يخطر على بالنا.

وأخذ الشيخ سعدان يضع يديه في صدره، ثم يمدّهما شيئاً فشيئاً، في عصبية وانفعال، على الجسد الهامد في كرسي التنويم، فانطلق تنهُد طويل من فم العزي محمود، وهمد كأنما قد همد إلى الابد، وأشار الشيخ سعدان إلى أصحاب الفضيلة بالصمت، وترك الجسد النائم على الكرسي، ثم أشار إليهم بالخروج من مقصورته، وخرج معهم إلى ضريح الامام الحسين، فقرأوا عليه الفاتحة، ثم انصرفوا إلى زاوية من زوايا المسجد، وصلّوا ركعتين تحية للمسجد.

ثم استدار الشيخ سعدان إلى جماعة الشيوخ، وأخرج مصحفاً صغيرا كان في جيبه، وقال لهم: سوف أقرأ هذه الآيات الكريمة بصوت مرتفع، وعليكم أن تسايروني في القراءة بدون صوت، وأخذ يتلو من سورة «النمل» قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسلَيْمَان علما وقالا الحمدلله الّذي فَضَلنا على كثير من عباده المؤمنين)، وما بعدها، وارتفع صوته بشكل ملحوظ عندماُ بلغ هذه الآية: (قالت ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أغزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون)، ومضى في قراءته حتى توقف قليلا عند هذه الآية: (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي).

ولما انتهى من قراءة السورة نهض من جلسته، وأومأ إلى العلماء بالنهوض، وأخذ يحثّهم، وهو يتجه إلى مقصورته، قائلا: إن تعتقدوا بأنني قرأت هذه السورة معكم لأستعين بها على  هذه البعثة الروحية التي نطلقها هذه الليلة، فآيات القرآن أعظم وأجل من أن تستخدَم لمثل هذه الامور، ولكني قرأتها على سبيل المراجعة لموقفنا هذا، والاستئناس بمثل تلك الآيات التي تشير لنا إشارات ذات مغزى إلى أن هناك علوماً روحية أو غير روحية قد لا تأخذ بيد الانسان إلى ما وراء طاقته العادية المنظورة، ومعظم الناس في هذا العصر يحاولون التفريق بين الروح والعقل، وأنا لا أؤمن بهذا التفريق، فالإنسان برمته، قوّة خلاقة، وتجزئته إلى عدة قوى، يُعنى ببعضها ويهمل البعض الآخر، ما هو إلا إهدار، لا منطق له، لجانب هام من كيان الانسان، بل هو مدعاة للفشل في العناية، حتى بالجانب الذي تتجه إليه العناية، لأنها ستكون عناية مبتورة، قال ذلك الشيخ سعدان، وهو يمشي، حتى بلغ باب مقصورته، ففتحه ودخل متجهاً إلى كرسي التنويم، وأشار إلى أصحاب الفضيلة، وكانوا قد شغلهم شاغل عن القرطاس والقلم بملاحظة الجسد الهامد على الكرسي، وكأنما كانوا يظنون الظنون بحياة هذا النائم الممدد على كرسيه المرهوب، ولكن الشيخ لم يشأ أن يهتم بقلقهم هذا، وأخذ يمد يديه في اتجاه صدر النائم ويسحبها إليه، مَرّة بعد مَرّة، وإذا نَفَس يتنفّسه العزّي محمود النائم، فبادره الشيخ سعدان بقوله:  لا بدّ أنك قد انتهيت من المهمة، فنطق العزي محمود بصوت هزيل خفيض قائلا: لقد انتهيت، نعم، وإنها- لو تعلمون- رحلة رهيبة رائعة جدا!، فكم أياما تركتموني في هذه المقصورة؟

قال الشيخ سعدان: ليس هذا وقت الحساب، ونحن الان في حاجة إلى أن تقص علينا رحلتك خطوة خطوة، وتحدثنا بكل ما رأيت وسمعت، وستظل نائماً كما أنت حتى تنتهي من حديث الرحلة كاملا، هيّا، هيّا، تكلَّم.. والتفت الشيخ إلى الكاتب، وأشار إليه بأن يكتب سيتكلم به العزي محمود عن رحلته.

* تقرؤون في العدد القادم، تفاصيل رحلة العزي الزبيري مع ملاك السماء، والمصاعب والاهوال التي واجهته، وكذا لقائه بالجدة لميس، ولقائه بالأحرار الشهداء في الاعراف، وقرار تكليفه من خازن جهنم في السفر إلى جهنم للإشراف على إجراءات تعذيب المدعو يحيى الرسي وكل احفاده واتباعه (العياني والقاسمي والمطهر وشرف الدين وكل بيت حميد الدين، حسين الحوثي ويحيى الحوثي وكل  أدعياء الامامة والسلالة المستبدين).

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

صدور أخطر قرارات جماعة الحوثي بشأن ”التغيير الجذري”.. الإطاحة بمئات المسؤولين من الهياكل الحكومية

المشهد اليمني | 4609 قراءة 

جماعة الحوثي ترفع رسوم أهم خدمة من 40 ألف إلى نصف مليون ريال..

وطن الغد | 3967 قراءة 

تفاصيل محاولة اغتيال وزير داخلية الحوثي شمال العاصمة صنعاء

وطن الغد | 2456 قراءة 

عاجل : دون علم الملك ... محمد بن سلمان يفاجئ الجميع ويصدر قرارات مفاجئة "نص"

اليمن السعيد | 2298 قراءة 

الكشف عن تفاصيل خطيرة حول قضية الناشطة "سمية العاضي" المتهمة بقتل زوجة عاقل الحارة"لن تصدق ماذا عمل الحوثيين"

اليمن السعيد | 2218 قراءة 

الزوج أصبح عما لزوجته.. قصة أغرب من الخيال تبطل زواجاً دام 3 سنوات

اليمن السعيد | 2144 قراءة 

ماذا وجد طبيب التشريح في جثمان الشهيد "يحيى السنوار"؟

يني يمن | 2101 قراءة 

الخطوط الجوية تكشف مصير طائرة اليمنية التي اختفت في الأجواء و هي بطريقها إلى عدن!

وطن الغد | 2098 قراءة 

واشنطن تعلن مصرع اثنين من طياريها الذين شاركوا في هجمات على اليمن

يمن إيكو | 2022 قراءة 

الكشف عن خطة إماراتية لتغييرات رئاسية وحكومية

موقع الجنوب اليمني | 1217 قراءة