كشفت قناة الجزيرة عن التناقض الواضح في سياسات نيجيريا تجاه القضية الفلسطينية، إذ على الرغم من مواقفها العلنية التي تنتقد بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة، تستمر أبوجا في الحفاظ على علاقات تجارية وأمنية وثيقة مع تل أبيب.
وفي حين تدين نيجيريا، على لسان وزارة خارجيتها، ما وصفته بـ"المجزرة غير المبررة" ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإنها في المقابل تُعدّ واحدة من الدول التي تمد إسرائيل بالنفط اللازم لتشغيل آلتها العسكرية.
التقرير الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية كشف أن نيجيريا توفر حوالي 9% من احتياجات إسرائيل النفطية، وهو ما يشير إلى دور نيجيريا في دعم الآلة الحربية الإسرائيلية التي تستخدم هذا النفط في تشغيل الطائرات الحربية والدبابات التي تستهدف الفلسطينيين.
ورغم أن نيجيريا كانت قد دعمت قرارات دولية تُدين إسرائيل، منها قرار محكمة العدل الدولية بشأن حرب غزة، فإن هذا التعاون النفطي أثار تساؤلات حول مدى التزام نيجيريا بمواقفها المعلنة تجاه القضية الفلسطينية.
على الصعيد الدبلوماسي، أظهرت نيجيريا دعماً قوياً للفلسطينيين، حيث تواصل إدانتها العلنية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وألغت مؤخرًا زيارة رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا بسبب دعمه للحرب الإسرائيلية.
كما تدرس أبوجا إمكانية قطع علاقاتها مع تل أبيب، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية النيجيري. لكن في الوقت نفسه، تواجه الحكومة النيجيرية ضغوطاً داخلية من جماعات مؤيدة للفلسطينيين، مثل المجلس الأعلى للشريعة، الذي دعا صراحةً إلى قطع العلاقات مع إسرائيل.
من ناحية أخرى، تُظهر العلاقات النيجيرية الإسرائيلية بُعداً اقتصادياً وأمنياً معقداً. منذ استقلال نيجيريا في عام 1960، استمرت العلاقات بين البلدين في التطور، وشهدت تعاوناً كبيراً في مجالات مكافحة الإرهاب والتكنولوجيا السيبرانية، حيث لجأت نيجيريا إلى الخبرات الإسرائيلية في مواجهة التحديات الأمنية، مثل جماعة بوكو حرام. وقد توسعت هذه العلاقات مع مرور الوقت، لتشمل مجالات اقتصادية مثل الاتصالات والزراعة، ما أدى إلى دخول أكثر من 50 شركة إسرائيلية إلى السوق النيجيرية.وعلى الرغم من هذا التعاون، فإن نيجيريا لا تزال تُظهر التزاماً دبلوماسياً بدعم الحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية، إذ تصوت في أغلب الأحيان لصالح القرارات التي تُدين الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة.
لكن تباين المواقف الداخلية في نيجيريا بين المؤيدين والمعارضين للعلاقات مع إسرائيل يعكس حالة الانقسام العميق في البلاد، حيث تختلف المواقف بين الجماعات الدينية والعرقية، مما يزيد من تعقيد موقف نيجيريا على الساحة الدولية.
في النهاية، تحاول نيجيريا الموازنة بين احتياجاتها الاقتصادية والأمنية وبين ضغوطها الداخلية والدولية لدعم الفلسطينيين، ما يجعل علاقتها بإسرائيل مثالاً على الدبلوماسية المتناقضة التي تجمع بين التعاون الوثيق والنقد العلني في نفس الوقت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news