في ظل استمرار مواجهة اليمن لأزمة مائية متفاقمة نتيجة لتغير المناخ والتدهور البيئي، حققت المنظمة الدولية للهجرة، بدعم من الوكالة الكورية للتعاون الدولي، تقدماً كبيراً في مشروع "المياه من أجل السلام". وتم إطلاق هذا المشروع في أواخر عام 2023 لمعالجة نقص المياه الحاد والتخفيف من حدة النزاعات على الموارد المائية، ويهدف المشروع إلى خدمة أكثر من 211,000 شخص في مختلف أنحاء محافظة حضرموت.
يحتل اليمن المرتبة الثانية عشرة في قائمة الدول التي تُعاني من ندرة المياه على مستوى العالم، حيث يواجه نقصاً شديداً في المياه الجوفية، وتعمل البنية التحتية العامة للمياه بكفاءة تقل عن 5 في المئة. حالياً، يفتقر 27 في المئة من السكان إلى الوصول إلى المياه الآمنة. في وادي تريم بمحافظة حضرموت، تسببت الفيضانات الموسمية في تدمير الأراضي الزراعية وأنظمة الري، مما أدى إلى خسائر زراعية كبيرة وزيادة في انعدام الأمن الغذائي.
تسببت دورات الفيضانات والجفاف في تدهور التربة وخلق نقص حاد في المياه، مجبرة العديد من المزارعين على الهجرة إلى المناطق الحضرية بحثاً عن فرص أفضل. بالإضافة إلى ذلك، زاد نقص تدابير السيطرة على الفيضانات من خطر النزاعات على الموارد الطبيعية.
أصبحت النزاعات على الأرض والمياه، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، مشكلة كبيرة، وهذا بدوره ساهم في النزوح وزعزعة استقرار المنطقة. ووفقاَ لوزارة الداخلية، فإن النزاعات المتعلقة بالمياه تؤدي إلى وفاة أكثر من 4,000 شخص سنوياً، مما يضعف تماسك المجتمعات بشكل كبير.
وقال مات هابر، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن بالإنابة: "تمثل أزمة المياه المستمرة في اليمن أكثر من مجرد تحد بيئي، بل تمثل تهديداً أساسياً لاستقرار المجتمع والسلام،" وأضاف: "يهدف المشروع إلى التصدي لهذه الأزمة مباشرةً من خلال تقديم حلول مستدامة توفر الوصول إلى المياه النظيفة، مع تمكين المجتمعات من إدارة مواردها بشكل تعاوني. ومن خلال تعزيز الحوار والتعاون بين القادة المحليين والنساء والشباب، نضع الأساس لمجتمعات أكثر مرونة وتناغم."
اخبار التغيير برس
مع التركيز على ثبي، ودمون، ومشطه، وروغه في مديرية تريم، وعلى وادي حضرموت في مديرية سيئون، يهدف المشروع إلى معالجة التحديات المتعلقة بالمياه من خلال تعزيز إدارة الموارد وتمكين المجتمعات من حل النزاعات بطرق سلمية. قامت المنظمة الدولية للهجرة بإجراء تقييمات مُسبقة بالتعاون مع السلطات المحلية، حيث تم تحديد الفجوات الحرجة في أنشطة السيطرة على الفيضانات والبُنية التحتية للري، والتي أكد أصحاب المصلحة أنها تفاقمت بسبب القيود الاقتصادية.
يركز المشروع على بناء وترميم البنية التحتية الأساسية للمياه، بما في ذلك المدرجات الزراعية، وأنظمة الري، وقنوات التحويل، والمضخات التي تعمل بالطاقة الشمسية. ومن خلال بناء القدرات المحلية لإدارة الموارد بشكل مستدام، يهدف المشروع إلى تعزيز الإنتاجية الزراعية، وتقليل التوترات المجتمعية، وتوفير المياه النظيفة لحوالي 115,000 شخص، مع خطط للوصول في النهاية إلى 180,000 شخص.
سيعمل المشروع على حماية حوالي 33 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الزراعية من الفيضانات وتحسين الري من خلال إعادة تأهيل وبناء الجدران الداعمة، والسدود الصغيرة، والتحويلات المائية، والبنية التحتية الأساسية الأخرى في 48 موقعاً داخل الأودية الثلاثة. تقوم المنظمة الدولية للهجرة أيضاً بتنفيذ أنشطة "النقد مقابل العمل" لصالح 200 مزارع في مواقع متعددة لزيادة الإنتاجية واستعادة الأراضي الزراعية الحيوية مع تقديم فوائد اقتصادية فورية.
يجري تأسيس ثلاث جمعيات لمستخدمات المياه لإدارة استخدام المياه وتدعمها لجان حل النزاعات. ومن خلال تدريب متخصص في القيادة والتوسط في النزاعات، تعمل هذه المجموعات على تعزيز مرونة المجتمع وتعزيز السلام. كما تتعاون المنظمة الدولية للهجرة مع شريكين محليين لتعزيز الإدارة الرشيدة للنزاعات المائية والقضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي، وتشجيع الأفراد على تحمل مسؤولية عملية حل النزاعات.
من خلال معالجة هذه القضايا الحرجة، تكرس المنظمة الدولية للهجرة جهودها لدعم تخفيف النزاعات وخلق فرص اقتصادية مع تعزيز تماسك المجتمع. ومع استعداد العالم للاحتفال باليوم الدولي للسلام في 21 سبتمبر، تسلط هذه الجهود الضوء على الرابط الأساسي بين إدارة الموارد المستدامة والسلام الدائم في المنطقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news