عدن توداي
الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
رحل عنا الشاعر الكبير شايف الخالدي اليافعي، لكن كلماته ما زالت حية في قلوب الناس، تعبر عن واقع مليء بالتحديات والصراعات التي تواجه المجتمع.
كانت قصائده دائماً تنبض بالحقيقة، وتحمل في طياتها رؤية عميقة لما يجري من أحداث وتغيرات.
ومن أبرز تلك القصائد، قصيدته الشهيرة التي قال فيها:
قلبي مع الوحــدة وعقلــي ضــدها
من بايوحد بين فكري والضمير
خايف على الوحدة وخايف منها
أخاف أزرع بر ويطلـع لي شعير
أخاف على جاموس يأكل سمنها
كلاب مسعورة وترضعها حمــير
هذه الأبيات تلخص واقعًا معقدًا عاشه الخالدي وتأمله بعمق. تتناول الصراع الداخلي الذي شعر به تجاه مفهوم الوحدة اليمنية، وتلك المخاوف المشروعة التي كانت تراود العديد من المواطنين في تلك الحقبة.
فكيف يمكن أن تكون الوحدة مشروعًا يضم القلوب، بينما الأفكار والضمائر قد تكون متناقضة؟
قلب مع الوحدة وعقل ضدها: رؤية ثاقبة:
في البيت الأول، يجسد الخالدي الصراع الداخلي الذي يعيشه كثير من اليمنيين.
فهو مع الوحدة اليمنية قلبًا، لأنها تمثل حلمًا نبيلًا يجمع شتات الوطن.
لكن العقل يرفضها في ظل الظروف التي يعيشها الناس، حيث تغيب العدالة والمساواة، ويهيمن الاستبداد والظلم.
السؤال الذي يطرحه الشاعر: كيف يمكن توحيد الأفكار والضمائر إذا كانت الفوارق والظلم لا تزال قائمة؟
الخوف من الوحدة ومن نتائجها:
يعبّر الشاعر في الأبيات التالية عن مخاوفه العميقة تجاه الوحدة.
فهو لا يخشى الوحدة فقط، بل يخشى نتائجها غير المتوقعة.
كما يشبه نفسه بالمزارع الذي يخشى أن يزرع برًا (القمح) ويجني شعيرًا، في إشارة إلى خيبة الأمل التي قد تواجهه.
هذه المخاوف تعكس قلقًا حقيقيًا من أن المشروع الوحدوي الذي تم بناؤه لن يحقق تطلعات الشعب، بل قد ينحرف عن مساره.
صورة حية للفساد والانحراف:
في الأبيات الأخيرة، يبرز الخالدي رؤيته للفساد والانحراف الذي قد يرافق الوحدة.
فهو يخشى على الجاموس (رمز القوة والإنتاج) أن يُستغل من قِبَل “كلاب مسعورة” و”حمير” ترضع من خيراته.
هذه الصورة الكاريكاتورية تعكس كيف أن الفساد يمكن أن يسلب موارد الوطن وينهش في خيرات البلاد، ويُستبدل الصالح بالسيئ، والكفاءات بالمتملقين والفاسدين.
الخالدي.. صوت المواطن البسيط:
ما يميز شعر شايف الخالدي هو أنه كان دائمًا صوت المواطن البسيط.
لم يكن شعره مجرد كلمات مرصوفة أو زخارف لغوية، بل كان تعبيرًا عن هموم الناس ومعاناتهم.
كان يكتب عن الفقر، والظلم، والفساد، والأمل في مستقبل أفضل. ورغم تلك المخاوف والهموم، لم يكن شعره يخلُ من الأمل، بل كان دائمًا يحث الناس على التمسك بالعدل والحرية والمساواة.
ختامًا:
إرث خالد رحم الله الشاعر شايف الخالدي اليافعي.
لقد ترك لنا إرثًا أدبيًا عظيمًا، وكلمات تحمل في طياتها حكمة عميقة.
نحن اليوم نعيش في واقع لا يختلف كثيرًا عن ما كان يصفه الخالدي في قصائده، ولهذا، فإن كلماته ما زالت تُلهم وتدعو للتفكير والتأمل.
نأمل أن نستفيد من دروس الماضي وأن نعمل على بناء وطن تسوده العدالة والكرامة.
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news