يعود وهج الحياة للعاصمة اليمنية عدن من مدرجات ملاعب "الكبة"، الاسم الدارج شعبيا لكرة القدم، هنا في أقدم معاقل هذه اللعبة في الجزيرة العربية.
وللكبة، مكانة خاصة لدى العدنيين، فصخبها الهادر وأهازيج نصرها، هي بلسم جراح وعلاج يكفي لترميم الأرواح وطمس آثار حرب الحوثي.
ورغم ذلك، لا تزال أقدام لاعبي عدن تعزف الألحان في الحواري والملاعب، إذ لم يكن الهدف الخرافي للمقصية المزدوجة لمصعب حيدرة المقرحي في إحدى "حوافي" عدن إلا شاهداً على فاعلية اللعبة.
قبل 9 أشهر، ظهر المقرحي وهو لاعب في نادي التلال العدني، في تسجيل مرئي وهو يضع الكرة في الشباك عبر مقصية خرافية في ملعب ترابي، مما خطف أنظار الملايين ووصلت للعالمية بعد أن تداولتها منصات رياضية كبرى وأعاد نشرها نجم أتلتيكو مدريد ممفيس ديباي.
ولا يختلف المقرحي، عن نجم التلال الصاعد، والفتى الذهبي عادل عباس الذي نثر، أمس الإثنين، سحره على ملعب مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز في مدينة أبها برباعية سجلها في 20 دقيقة مانحاً المنتخب اليمني الشاب فوزا وديا على نظيره السعودي.
ولمعت نجوم عدة في عدن منذ تأسيس نادي التلال عام 1939 كأقدم ناد في الجزيرة العربية، كما أنه صاحب أول بطولة في الدوري اليمني عقب الوحدة الطوعية في عدن، ويحظى دوما لقاء التلال ووحدة عدن بأعراف تنافسية خاصة فهو الدربي الأكثر إثارة حتى لدى كبار السن في عدن.
من هذه الأسماء التي لا تزال عالقة في ذاكرة الزمن الجميل؛ حسين عمار، عباس كوكني، شكري صعيدي، عزيز سالم من جيل خالد عفارة وجيل شرف محفوظ وهذا الأخير هو الحائز على جائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف للدوريات العربية في موسم 1991 / 1992.
مدخل للتعافي
توهجت الكرة العدنية منذ القرن الماضي بعد أن نأت بنفسها عن "السياسة"، وظلت قوة ناعمة موازية أكثر تأثيرا لدى الجماهير الهادرة العاشقة لـ"الكبة" منذ نعومة الأظافر، كما يقول أهالي العاصمة اليمنية المؤقتة.
وتجسيدا لذلك، تشارك السلطة المحلية المعترف بها ممثلا بوزير الدولة محافظ عدن، أحمد لملس، المجلس الانتقالي الجنوبي في اتخاذ هذه اللعبة مدخلا لتعافي العاصمة وإنعاش القطاع الرياضي كقوة أكثر فاعلية في تطبيع الحياة ومنع انجرار الشباب لجماعات متشددة.
وهي رسالة حملتها حضور لملس قبل يومين مباراة شمسان والتلال كرد حاسم لكل من يحاول العبث باستقرار عدن وترك فراغات يستثمرها الحوثيون والإخوان، ولو من بوابة تعطيل أنشطتها الرياضية وبطولاتها التي تمثل متنفسا لشباب المدينة ورياضييها.
ويرى العدنيون أن محافظتهم لا زالت تحت طائلة المخططات والمؤامرات المسيئة التي تحاول تعطيل اي توجهات لتطبيع الأوضاع فيها، وخاصة في المجال الرياضي، المعبر التلقائي لاستقرار والسلام والأمان.
تعطيل الحياة في عدن
ويعتقد الرياضي اليمني محمد النعماني، أن عدن عانت، خلال السنوات التي أعقبت حرب الحوثي، الكثير من المشكلات ومنها في الجانب الرياضي.
ويشير إلى أن المدينة تستعيد عافيتها تدريجيا عبر إعادة ترتيب وإقامة بطولات محلية مثل "كأس العاصمة" التي يرعاه المجلس الانتقالي والسلطة المحلية.
وتأسف النعماني خلال حديثه مع "العين الإخبارية" من محاولات البعض جر عدن لأحداث مثيرة بتعطيل مسابقات رياضية، بشكل متعمد ومقصود؛ لشل الحياة في عدن، وخاصة في مجالات ذات المكانة الشعبية.
وأشاد بجهود وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس في عدم السماح لأي أحد باستغلال منصبه للإساءة إلى عدن أو تعطيل أنشطتها، مشيرا إلى أن حضوره كان دليل قاطع ودعم معنوي ورسالة لمن يحاول العبث بعدن ورياضتها.
كما حمل رسالة لأبناء عدن ودافعا قويا لعشاق "الكبة" العدنية لتشجيع إقامة مثل هذه البطولات واستمراريتها.
ومن المتوقع أن تشهد عدن، الجمعة المقبل، نهائي بطولة الكأس بين التلال والشعلة، وهي مواجهة نارية من المرجح أن يحضرها كبار القيادات والمسؤولين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news