تشير التقارير والمعلومات الأمنية الأخيرة إلى أن ميليشيات الحوثي قد وضعت خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى السيطرة على محافظة حضرموت من الداخل، وذلك من خلال سلسلة من الأنشطة والتكتيكات التي تستهدف إضعاف السلطات المحلية وتعزيز نفوذ الحوثيين في المنطقة؛ وتكشف هذه التحليلات عن جوانب متعددة لهذه الخطة، التي تشمل التهيئة الإعلامية، استقطاب الشخصيات المؤثرة، استمالة الشباب، والتسلل نحو موارد النفط والطاقة.
[حملة إعلامية ممنهجة]
في البداية، تعتمد ميليشيات الحوثي على التهيئة الإعلامية كمرحلة تحضيرية محورية. تركز هذه المرحلة على تنفيذ حملة إعلامية مكثفة تهدف إلى خلق أجواء مواتية لتحركات الحوثيين في حضرموت. هذه الحملة تسعى إلى نشر رسائل دعائية منظمة تهدف إلى تصوير الحوثيين كبديل شرعي قادر على حماية المصالح المحلية وتحقيق الاستقرار في مواجهة ما يتم وصفه بفشل السلطات الشرعية في إدارة الأوضاع الأمنية والاقتصادية. تقوم هذه الرسائل الدعائية بتقديم الحوثيين كحماة للمجتمع المحلي، مما يعزز من تقبل المواطنين لوجودهم المحتمل.
[استهداف سلطة حضرموت]
إلى جانب ذلك، تركز الخطة الحوثية على تشويه سمعة السلطات المحلية والحكومة الشرعية من خلال توجيه حملات إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على أوجه القصور في إدارة الأزمات المختلفة. يتم ذلك عبر نشر محتوى إعلامي يستهدف إبراز فشل السلطات في تحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية، مما يؤدي إلى تآكل الثقة الشعبية في القيادة الحالية ويمهد الطريق لتقبل النفوذ الحوثي كخيار أفضل.
[شراء ولاءات]
ومن جوانب الخطة الأخرى التي تعتمد عليها ميليشيات الحوثي، استقطاب الشخصيات المؤثرة والمشايخ المحليين. يسعى الحوثيون إلى كسب ولاء هؤلاء القادة المحليين من خلال استمالتهم بعروض اقتصادية ومناصب قيادية، مما يسهل لهم النفاذ إلى هياكل السلطة المحلية ويساهم في تقويض النفوذ الحكومي في المحافظة.
[استقطاب الشباب]
كما تسعى الخطة الحوثية إلى استقطاب الشباب في حضرموت، الذين يمثلون شريحة كبيرة ومؤثرة في المجتمع. يتم ذلك من خلال تنظيم برامج وأنشطة تهدف إلى تجنيد الشباب واستغلال أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، حيث يتم إغراءهم بوعود العمل والدعم المالي، مما يجعلهم عرضة للانخراط في الأنشطة الحوثية.
[السيطرة على موارد حضرموت]
ولا تتوقف طموحات الحوثيين عند الاستيلاء على النفوذ السياسي والاجتماعي فقط، بل تتجه أيضًا نحو السيطرة على الموارد الاقتصادية الحيوية في حضرموت، وخاصة موارد النفط والطاقة. حيث تعتبر حضرموت واحدة من أغنى المحافظات اليمنية بالثروات الطبيعية، والحوثيون يدركون أن السيطرة على هذه الموارد ستمنحهم قوة مالية واستراتيجية كبيرة. لذلك، تشمل الخطة الحوثية محاولات للتقرب من هذه الموارد، سواء من خلال تسهيل عمليات تهريب النفط أو من خلال التفاوض مع شخصيات محلية مؤثرة للحصول على دعمهم في هذا المجال.
[تحديات للحفاظ على الاستقرار]
في ظل هذه التحركات الحوثية، تجد السلطات المحلية في حضرموت نفسها أمام تحديات متزايدة للحفاظ على استقرار المحافظة ومنع انهيارها من الداخل. تتطلب مواجهة هذه التهديدات استجابة عاجلة وفعالة، تشمل تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر التغلغل الحوثي، وتقوية مؤسسات الدولة المحلية، وتعزيز التعاون مع القوى الجنوبية والحلفاء الإقليميين والدوليين.
يجب أن تتبنى السلطات المحلية والمجتمع في حضرموت نهجًا شاملًا لمواجهة هذه التهديدات. هذا النهج يجب أن يشمل تعزيز الجبهة الداخلية من خلال بناء قدرات المجتمع المحلي ودعمه لمقاومة التأثيرات الحوثية، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم للشباب وتحسين الظروف الاقتصادية لتقليل احتمالات انخراطهم في أنشطة معادية للاستقرار.
في الختام، فإن السيناريو الذي تحاول ميليشيات الحوثي تنفيذه في حضرموت يمثل خطرًا حقيقيًا على استقرار المحافظة وأمنها. إذا لم يتم التصدي لهذا المخطط بحزم وفعالية، فإن حضرموت قد تواجه مستقبلًا مظلمًا تحت هيمنة قوى تسعى لإضعاف نسيجها الاجتماعي والسياسي لصالح أجندات خارجية تهدد وحدة اليمن واستقراره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news