تهامة: قلعة النضال والتحرر... دورها الحاسم في إسقاط الهيمنة الإمامية

     
المشهد اليمني             عدد المشاهدات : 50 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تهامة: قلعة النضال والتحرر... دورها الحاسم في إسقاط الهيمنة الإمامية

تهامة التي ساهمت في تغيير مجرى التاريخ اليمني الحديث، فهي الأرض التي شهدت مقاومة مستمرة ضد محاولات الهيمنة الخارجية والإمامية على مر العصور. ولفترة طويلة، كانت تهامة تتمتع بحكم ذاتي وقبلي مستقل، يقوده زعماؤها وأعيانها وفق تقاليدها وأعرافها الراسخة. حتى في فترة الاحتلال العثماني لليمن، استطاعت تهامة الحفاظ على نوع من الحكم الذاتي الذي يعكس قوة استقلالها وتماسك مجتمعها القبلي.

عندما بدأت القوى الزيدية الإمامية محاولاتها لفرض سيطرتها على ما يسمى اليمن الاسفل، كانت تهامة تشكل عائقا كبيرا أمام طموحاتهم في السيطرة على اليمن بشكل كامل. هذه القوى لم ترَ في تهامة سوى عدو عنيد لا يمكن إخضاعه بسهولة. وكانت هذه المحاولات جزءا من خطة الإمامة للهيمنة على كل اليمن، لكنها اصطدمت بمقاومة شديدة من قبائل تهامة، خصوصا من قبائل الزرانيق وغيرها من القبائل التي تصدت بشجاعة لهذه المحاولات.

لقد رأت الإمامة الزيدية في تهامة منطقة يجب إخضاعها بالقوة، نظرًا لما تتمتع به من استقلالية ونفوذ ذاتي. وفي هذه الفترة، كانت قبائل تهامة، وعلى رأسها الزرانيق، تقود مقاومة شرسة ضد القوات الإمامية، ورفضت تمامًا الانصياع لأي حكم خارجي أو إمامي. هذه المقاومة لم تكن مجرد نضال عسكري فقط، بل كانت دفاعًا عن الحرية والكرامة واستقلالية الأرض والشعب التهامي، الذي اعتاد على حريته في إدارة شؤونه دون تدخل خارجي.

تهامة لم تكن منطقة خاضعة للإمامة كما هو الحال في مناطق شمال اليمن التي كانت تحت سيطرة الزيدية. على العكس، كانت تهامة مستقلة بروحها وقبائلها، وعاشت تحديا دائما أمام محاولات الهيمنة الإمامية. الإمامة الزيدية لم تستطع فرض سيطرتها بسهولة على تهامة، فكانت ترى في تهامة أرضا خارجة عن طوعها، وهو ما جعلها تتعامل معها بسياسة الحديد والنار، محاوِلة كسر إرادة أهلها بالقمع والمجازر.

منذ بداية النزاع مع الإمامة، كانت تهامة تمثل حجر عثرة أمام مشروع الهيمنة الإمامي. القبائل التهامية، وعلى رأسها الزرانيق، رفضت أي محاولة لفرض الهيمنة الإمامية عليهم، وبفضل صمودهم، استطاعت تهامة أن تظل رمزا للنضال في وجه الطغيان. فمقاومة الزرانيق وباقي قبائل تهامة لقوات الإمامة الزيدية ليست فقط قصصا عن نضال محلي، بل هي جوهر التحدي اليمني أمام نظام استبدادي حاول فرض سيطرته على اليمن بالقوة والقمع.

وفي ثورة 26 سبتمبر، فإن دور تهامة لم يكن هامشيا أو محدودا، بل كان محورياً وحاسما في إنجاح الثورة. كانت تهامة، بكل تاريخها المقاوم، المحرك الأساسي والدافع الحقيقي وراء إسقاط النظام الإمامي. لقد قدمت تهامة أبناءها وضحت بدماء رجالها في سبيل التحرر من الاستبداد الإمامي. إلا أن ما حدث بعد الثورة كان مفاجئا وصادما لأبناء تهامة، إذ تعرضت تهامة لعملية تهميش وإقصاء غير مبررة، بل كانت أولى المناطق التي طالتها خيبات الأمل من الجمهورية التي ساهمت في إنشائها.

ورغم أن تهامة كانت الرمز الأول للنضال ضد الهيمنة الإمامية، إلا أن القوى التي استحوذت على السلطة بعد الثورة كانت، في واقع الأمر، تحمل إرثا إماميا مقنعا بلباس الجمهورية. وهذه القوى، وإن ادعت الثورة، إلا أنها تراجعت سريعا عن المبادئ التي انطلقت من أجلها، وأقصت تهامة من دائرة القرار السياسي والقيادي في اليمن الجديد. وكانت تهامة، التي قدمت كل شيء في سبيل تحرير البلاد، تجد نفسها مستبعدة ومهمشة في الجمهورية الوليدة، رغم دورها الجوهري في إسقاط الإمامة.

ولم تكتفِ هذه القوى برداء الإمامة الجديد، بل استعادت أساليب القمع والإقصاء التي استخدمها النظام الإمامي، مما جعل تهامة تشعر بالخذلان والظلم من الجمهورية التي ولدت من رحم ثورتها. تهميش تهامة بعد الثورة لم يكن مجرد صدفة تاريخية، بل كان انعكاسا لاستمرارية مشروع الهيمنة القديم بوجوه جديدة. فالقوى التي تصدرت المشهد الجمهوري، حملت معها سياسات وتوجهات مشابهة لتلك التي كانت تتبعها الإمامة، مما عمق الإحباط لدى التهاميين.

تهامة اليوم، ورغم كل ما عانته من الإقصاء والتهميش بعد الثورة، تظل روحها المقاومة حية فيها. فهي الأرض التي احتضنت نضالهم الأول، وهي القلب الذي نبض بحرية واستقلال رغم كل محاولات القمع والإخضاع. الا أن تهامة لا تزال تمثل رمزًا للصمود والتحدي، وستظل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ اليمن الحديث، باعتبارها الحصن الذي انهارت عنده قلاع الاستبداد الإمامي.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

قائد عسكري يكشف عن انتشار عسكري كبير للهجوم البري على الحوثيين

عدن نيوز | 1264 قراءة 

أوامر ملكية تغير حياة حاملي الجنسية اليمنية في السعودية عام 2025

المرصد برس | 1182 قراءة 

القيادة المركزية الأمريكية تفجرها في وجه الحـ.وثيين (عملية مرتقبة)

كريتر سكاي | 890 قراءة 

عاجل:الطيران يقصف بـ 25 غارة هذه المحافظة

كريتر سكاي | 846 قراءة 

موقف أمريكي صارم يقهر قيادات الانتقالي ويمنع تدخلهم في حضرموت

المشهد اليمني | 845 قراءة 

فرار مفاجئ.. مليشيات الحوثي تبدأ بالانسحاب من أول محافظة يمنية استراتيجية

المشهد اليمني | 693 قراءة 

عاجل.. انسحاب جديد ومفاجئ لقوات الحوثي من هذه المواقع الاستراتيجية

وطن نيوز | 687 قراءة 

بالفيديو.. وزير الدفاع السابق المقدشي يكشف عن الدولة المعرقلة لـ(الحسم العسكري) في اليمن

موقع الأول | 630 قراءة 

عاجل:الطيران يعاود قصف هذه المحافظة الآن

كريتر سكاي | 497 قراءة 

غارات مكثفة للمقاتلات الأمريكية تهز صنعاء

قناة المهرية | 418 قراءة