ولاية الفقية والمرشد الأعلى النسخة اليمنية، تتأسس على خلفية السير الحثيث للحوثي، على طريق الإجهاز على كل القوانيين التي ترسِّم الحدود والصلاحيات بين السلطات الثلاث، وتحافظ ولو في الإطار الشكلي غير المكتمل، على إستقلالية القضاء، وحصانة القضاة والسلطة القضائية.
بعد أن قضى الحوثي على التعليم المدني ،وأجرى عملية إنقلاب منهجي على الطابع الوطني للتعليم، بتطييفه ومذهبته وإعادة صياغة الوعي المعرفي للجيل، على أساس الكراهية والتكفير وإعداد خميرة حروب المذاهب ، وبعد أن تم بناء مؤسسة عسكرية طائفية بعد الإنقلاب، لا تؤمن باليمن كوطن نهائي ، بل تأتمر بمرجعيات ماوراء الوطن ، وبعد أن وسع مذابحه للحقوق والحريات، وأوغل بعمليات قمع الناشطين ، ومن تحوم حوله مجرد شبهة تمايز وأسئلة وشك بعدم الولاء ، وبعد أن وسع الإعدامات والإغتيالات ، وكرس رعب الأجهزة البوليسية وخطف النساء والسجون السرية والإخفاء القسري ،وبعد أن أكمل تجويع المجتمع وضرب المؤسسات الإقتصادية والبيوت المالية ، وأفقر كل الفئات ، بعد كل هذا يأتي الدور الآن على السلطة القضائية ،بإحداث عملية إنقلاب شامل على موادها التي تمنحها قدراً ولو طفيفاً من الاستقلالية الإسمية ، ليفرض تبعيتها بالمطلق لمن يسمونه ب(قائد الثورة ) وهو إسم لا مكان له في منظومة القوانين والدستور، ومجرد باسط على السلطة من غير ذي صفة.
نحن بحياديتنا والإنتماء لمساحات الظلال والمناطق الرمادية ،نتساوق مع الحوثي وهو يمضي باليمن نحو تكريس قيم التخلف ،وضرب أسس الدولة وإستنساخ النموذج الإيراني ، بفرض زعيم الإنقلاب كمرشد أعلى يمتلك بين يديه كل السلطات ، وينفي كل العناوين المغايرة لسياساته التمييزية العنصرية في مناطق سيطرته وفي صنعاء المختطفة.
السكوت على جريمة تطييف القضاء ،وإجازة حبس المحاميين وعزل القضاة ، وإعتماد مبدأ الإحلال محلهم من ذوي الولاء لا التخصص ، هذا الصمت يأتي منسجماً مع سياقات نوايا الحوثي المبيتة ، لتغيير كل الدولة ، من جمهورية ولو بالعنوان إلى ملكية إمامية ، من أُطر منتخبة إلى ولي فقيه هو السيد والحاكم الدكتاتوري المطلق.
اللافت ان الحوثي إستمرأ تسريع خطى تفكيك أوصال البلاد، ونظامها السياسي ، بعد أن سوى الأرضية بتنظيفها من المعارضة بالرشى والتخويف ،وتعميم سلطة الرعب على إمتداد جغرافيته ، حيث تهمة التخوين وشبكات التآمر الصهيو إمريكي جاهزة لتصفية مخالفيه .
تم ترتيب كل شيء من الجيش إلى التعليم إلى الإقتصاد وحتى القضاء ، ولم يبقَ سوى الإعلان الرسمي عن تسمية العصبوي الأول في الجماعة، مرشداً أعلى لفرع إيران في اليمن.
بكل المقاييس ما يحدث كارثة تؤبِّد التخلف، وتنفينا خارج العصر والمدنية.
وسط كل هذا العبث المذهبي لا أحد يخرج ليصرخ:
نحن نستحق حياة ونظام حكم أفضل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news