سفير إيراني جديد في صنعاء.. السياقات والأهداف الإيرانية الحوثية ودلالات التوقيت

أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” – سلمان المقرمي:

أعلنت جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا في صنعاء فجأة عن استقبال السفير الإيراني الجديد لديها يوم الثلاثاء 27 أغسطس/آب لأول مرة منذ إعلان إيران وفاة السفير السابق حسن إيرلو بشكل غامض نهاية 2021.

ويدعى السفير الجديد “علي محمد رمضاني” وتعهد جمال عامر وزير الخارجية في حكومة الحوثيين (غير معترف بها) بتعزيز العلاقات مع طهران الدولة الوحيدة التي تعتبر بجماعة الحوثي بعد تخلي سوريا عنهم، وكذلك قال رمضاني.

لا معلومات متاحة

وفقا لـ”أمل عالم” الباحثة اليمنية المتخصصة في الشأن الإيراني فإن وسائل الإعلام الإيرانية لم تتحدث مطلقا عن السفير الجديد وخلفيته ومنشأه وأعماله السابقة، واكتفت بنقل الخبر من وكالة سبأ الحوثية.

وقال “أحمد الباشا” الخبير اليمني في شركة نفتاني للاستشارات إن المعلومات شحيحة عن السفير الجديد.

السياق المحلي:

أعلن الحوثيون عن وجود السفير الإيراني بعد قرابة شهرين من سلسلة من التهديدات باستهداف مصالح المملكة العربية السعودية بما فيها مطاراتها وموانئها وبنوكها، ردا على قرارات اتخذتها الحكومة اليمنية عبر البنك المركزي كانت تجبر من خلال تلك القرارات على تقييد الوصول الحوثي للنظام المصرفي.

ومع احتدام تلك الصراعات الاقتصادية تراجعت الحكومة اليمنية عن قراراتها وتعهدت بأكثر من ذلك، بعدم اتخاذ أي إجراءات بنكية ضد الحوثي مستقبلا، كما تنازلت عن 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية لصالح الحوثيين بما يعني تقسيم الشركة أيضا بين الطرفين.

فشلت المحادثات التي كان اقترحها المبعوث الأممي في 22 يوليو/تموز في التقدم، وليس هناك أنباء عن مفاوضات جارية حالياً بين الحكومة والحوثي لتنفيذ تلك الاتفاقات التي تركز على الجانب الاقتصادي والإنساني.

حكومة حوثية جديدة:

يتزامن إعلان الحوثيين عن سفير إيراني، مع إعلانه حكومة جديدة واستبعاد شامل للمؤتمر الشعبي العام الموالي له في صنعاء، وتغيير سلسلة واسعة من مؤسسات الدولة وإلغائها ودمجها، وإنشاء مؤسسات جديدة تلبي المصالح الإيرانية والحوثية في اليمن.

وقال الباحث “سليم عبدالعزيز” لـ”يمن ديلي نيوز” إن وصول رمضاني جاء في وقت إيران في مرحلة تحاول تثبيت ميليشياتها أي مأسستها سياسيا والاعتراف بها بعد أن خلقت البيئة الجيوسياسية والاستراتيجية لتثبيتها ميليشيا وحربيا.. يلاحظ أن ما يسمى السفير هنا جاء بعد تشكيل حكومة حوثية”.

السياق الإقليمي:

على المستوى الإقليمي ما تزال الحرب الوحشية الصهيونية على قطاع غزة مستمرة منذ عشرة أشهر، وما تزال الأذرع الإيرانية تستغل تلك الحرب لتحقيق مصالح على حساب الفلسطينيين والبلدان العربية.

وتقول “أمل عالم” إن السياق الإقليمي متوتر جدا، وتشابه الظروف الإقليمية التي جاءت عند تعيين “إيرلو” من وصول التصاعد بين إيران والغرب وتحديدا الولايات المتحدة إلى نقطة حرجة.

وأكدت “عالم” أن إيران بحاجة ماسة لتوظيف قدراتها الإقليمية لمنع التصعيد الغربي ضدها، عبر ساحات عدة أبرزها اليمن التي أثبتت إيران أنها حققت فيها مكاسب استراتيجية مهمة في البحر الأحمر وباب المندب، وفي الضغط على السعودية ودول الخليج وفي خليج عدن.

طور جديد من الابتزاز

وتعليقا على وصول السفير الإيراني إلى صنعاء يقول “عبدالهادي العزعزي”: معنى ذلك أننا سوف ندخل طور جديد من علاقات الابتزاز الإيراني في ملفات عدة التي تحاول إيران فرض ملفات تهمها.

وتحدث لـ”يمن ديلي نيوز” عن وظائف عدة محليا للسفير الإيراني قائلا: “السفير أتى باعتباره المراقب العام أو ما يمكن تسميته بالمندوب السامي لقم، للحرس الثوري الإيراني مهمته الأساسية الضغط باتجاه انفراجة في الملف النووي وعلاقة إيران بالغرب، عبر استغلال جماعة الحوثي وتحويلها إلى مخلب يهدد ظاهريا المصالح الغربية في البحر الأحمر وخط التجارة الدولية في حين حقيقة الأمر تمارس إيران تطويقا منظما لمنطقة الخليج”.

ويؤكد العزعزي أن الوصول جاء بعد “تصريحات المرشد الإيراني من أن صراعه الحقيقي سوف ينصب داخل الحظيرة الإسلامية ليقسمها إلى صراع مذهبي سني شيعي.

ويضيف: الأهداف الإيرانية من الوجود العلني المباشر في صنعاء يشمل “تعزيز قدرة الجماعة وفك عزلتها العربية والإسلامية عن طريق فتح أفق للتعامل مع مناطق سيطرة الحوثي التي تعد مناطق نفوذ إيراني”.

كما “يعزز العلاقة بين النظام الشيعي العراقي والحوثي في صنعاء وسوريا ولبنان بالإضافة إلى تعزيز العلاقة مع سلطنة عمان”.

ويعتقد “العزعزي” أن الوجود الإيراني يعمل أيضا على توفير متنفس لجماعة الحوثي كما يعمل على تعزيز التماسك داخل الجماعة الحوثية المكونة من عدد من الأجنحة، أحدها الجناح الاثني عشري الذي يسعى السفير لفرض هيمنته على جماعة الزيدية التقليدية.

وأردف: يعني أن إيران موجودة وحيوية وفاعلة وأن وجود السفير لا يعني فقط أن هناك بعثة دبلوماسية، بل يعني أن هناك منظومة متكاملة من رجال النظام الإيراني خصوصا جناحهم العسكري والاستخباراتي والأيديولوجي.

وتابع: السفير هو رأس الحربة ومهمته تنظيم علاقة الجماعة فيما بينها والأطراف الحليفة لها، وتنظيم العلاقة بين إيران والحوثيين.

دلالة التوقيت:

التوقيت في هذه المرحلة يتزامن مع توجه غربي لإعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط، تشمل اليمن التي ستعترف فيها تلك الدول بأن إيران لاعب رئيس ويجب أن تراعى مصالحه وأن يكون له نصيب بحجمه وبتأثيره وبأداء جناحه المتمثل بالحوثي.

هذا التوجه الغربي يعقد التسوية في اليمن لأن تلك الترتيبات ترفع سقف المطالب الإيرانية مثلا قد يطالب بأن ترتفع حصته وتمثيله إلى أكثر من النصف مثل مطالبته بحصة كبرى من عائدات النفط.

ويقول “عدنان الجبرني” في منشور له على منصة إكس إن إعلان وجود السفير الإيراني في صنعاء أول تصعيد منذ اتفاق السعودية وإيران برعاية صينية قبل سنة ونصف تقريبا.

ويقول العزعزي عند هذه النقطة: أعتقد أن إيران تحاول التنصل من التزاماتها للصين كوسيط تسوية بين إيران والمملكة ويحسن وضعها التفاوضي واشتراطاتها خصوصا أن وتيرة تطبيع العلاقات لم تجري بوتيرة سريعة كما كان متوقعا بين البلدين، أو أن هناك تفاهمات لم تنجز وإيران بأمس الحاجة إلى إنجازها عبر الوساطة الصينية.

إدارة شبكات التهريب:

كشفت سلسلة من التقارير مؤخرا عن سلسلة من شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات تديرها إيران عبر البحر الأحمر بين القرن الأفريقي واليمن.

كما كشفت التقارير أيضا عن وجود سلسلة من شركات التهريب مقرها في سلطنة عمان ولبنان يديرها أشخاص مرتبطون بالحوثيين يعملون على خطف وتجنيد الشباب اليمنيين في عدة جبهات خاصة في لبنان وبعضهم أرسل إلى روسيا.

ويعتقد على نطاق واسع أن الإدارة الإيرانية المباشرة تهدف إلى ضمان أكبر المكاسب المالية من هذه العمليات المعقدة.

مرتبط

الوسوم

السفير الايراني لدى الحوثيين

سفير ايران

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط