⁃ سألت عضو مجلس قيادة رئاسي، وهو صديق كبير للغاية، أجابني مُحدِقًا في عيّنيّ بطريقته تلك التي تشعرك بغوصه في ثناياك من الداخل، قال: لم أكن أعرفه جيدًا، كصديق مُقرّب، ولم أعهد معه شأن ذي صلة بأمور الدولة مذ كان وزيرًا للداخلية.
أعاد "الرجل" الذي أصبح "عضوًا بمجلس القيادة الرئاسي"- حسب اختيار الرئيس السابق له - رأسه إلى الوراء، مضيفًا: ورغم ذلك، لم تكن الأشهر الأولى لنا في مجلس القيادة واضحة لنعرف الرجل الأول الجديد، كصانع قرار، غير أن الأيام والأسابيع التالية حدّثتنا بجلاء عن رجل محترم في شخصيته، وقور، وحكيم، لا تأخذه الإنفعالات، وقد كان مُجرِبًا للحياة والسُلطة، ومُجربًا في السِلم والقوة، ينبذ العنف، ويرى أن رد الفعل الغاضب من قادة الصف الأول في أي بلد يقود إلى إنهيار الحياة وبدأ الحروب وتشظي المجتمعات.
يسترسل الأستاذ عضو مجلس القيادة - في حديث عابر غير رسمي - أنه سَمِع إسمه في التلفاز، ولم يكن يتوقع اختياره من قِبل الرئيس هادي عضوًا بهذا المجلس، قال: كُنّا قريبين من قاعات المشاورات العامة، وفي الفجر حدث الانتقال السلمي للسلطة، وتنازل الرئيس هادي وفق اجماع المشاورين إلى مجلس القيادة الجديد، وكان إسم د. رشاد العليمي مبعثًا للتفاؤل والجدية في اختيار نهج جديد لليمن، وهذا ما أردناه، وكان توقعنا صواب، فإيمان الرئيس التام بالعمل الجماعي مع أعضاء المجلس، وثقتنا جميعًا ببعضنا، خفّف كل احتمالات الاختلاف بين مكونات كبيرة وكفاحية، حيث كانت تراهن على ذلك قوى الشر الإيرانية، لكننا بفضل الله ثم إلتزامنا بالنهج الوطني الخالص، وثقتنا في قيادة التحالف العربي بقيادة الملك سلمان
@KingSalman
وولي عهده الأمين يحفظهما الله تعالى، كل هذا، وأكثر، مما يمكن الحديث عنه، جعلنا عائلة واحدة، واستطاع الرئيس د. رشاد العليمي في تقديم أفضل ما يمكن بقيادة جماعية، كان هو أبوها ورئيسها.
- سألته: هل هذا رأيك أنت، أم رأي الجميع؟
وكعادته، يبتسم، ثم يرمقني من الأعلى، لا أدري كيف يثقب رأسي وينبش مكر الصحافي ومشاغبته، غير أنه يفعل على الدوام، فلا أقوى على التحفظ، مُعلنًا استسلامي لما يقول، ومنها عبارته الأثيرة: شوف يا صاحبي!، ويسرد: حقيقة أن الرئيس يحظى بكل احترام تام لدى جميع أعضاء مجلس القيادة، لقد تعلمنا منه، وسمع مِنّا واحترم آرائنا وأفكارنا في قضايا عِدّة، وعمل بها، كان قرارنا جماعيًا وما يزال، ودومًا ما يُحدّثنا الرئيس عن التزامنا الدستوري أمام الله والشعب، لنحرص أشد ما يمكن على اتخاذ أفضل القرارات الممكنة بما يخدم الناس، فالظروف العصيبة التي تعيشها اليمن، وليس بخافٍ على أحد ذلك، ليست مطمعًا ولا مغنمًا لأحد، فمن ذا الذي يفكر في مصالح خاصة، أو جهوية، واليمن كما ترى، فإنه خاسر، ولا نريد لهذا المجلس منذ اليوم الأول الفشل، وكلما حاد بنا أمر عُدنا إلى الناس، في زيارات متكررة، إلى شبوة، وعدن، وحضرموت، ومارب، وتعز.
⁃ هل ستذهبون إلى تعز ؟ - سألته.
• طبعًا، بعد أسبوع !
توقفت عن الإدلاء بهذه المعلومة، حتى رأيت الرئيس يخرج وسط الناس، يبتسم، يلقي التحية، يُرسل القبلات، تنهمر الدموع الصامتة من عينيه فرحًا، بأنه كان من الناس، وما يزال منهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news