«آه لقيت الدغدغة»

     
يمن الغد             عدد المشاهدات : 167 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
«آه لقيت الدغدغة»

على وزن أغنية الجسمي «لقيت الطبطبة» فإن هناك كثيرين من جماهيرنا العربية لهم مشاعر سهلة الانقياد وسهلة الإقناع، وبالتالي سهلة الدغدغة، فلا تحتاج للكثير كي تتمكن من دغدغة مشاعرها والحصول على تصفيق حار ونيل الإعجاب منها.

تلك ظاهرة تستحق التمعن فيها ودراسة العقل الجمعي لها، فالخطاب الرائج جماهيرياً والأكثر تداولاً بين جماهيرنا العربية الآن هو ذلك الخطاب الذي يلوم ويؤنب الأنظمة العربية، ويتهمها بالتخاذل والتهاون، بل الخيانة ضد إخوتنا الفلسطينيين، ومما يؤسف له أن يجد مثل ذلك الخطاب أذناً عربية صاغية واستحساناً ورواجاً!

بالنسبة لجماهيرنا، فإن الأنظمة العربية متهاونة، لأنها لم تعلن الحرب على إسرائيل بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) ولم توسع نطاق الصراع مع إسرائيل وتمده إلى دولها، وهذه خطيئة تعدّها الجماهير للأنظمة العربية، تسببت في وصمها بالعار وبالخيانة والعمالة، يكفي أن يكون خطابك مليئاً بجلد الذات العربية ومداعبة الضمير الذي يتعذب نتيجة عجزه عن مساعدة إخوانه في غزة، فتضمن له الرواج والانتشار، تضع فيه اللوم على الأنظمة، فتثير حالة من الحنق والتذمر ضدها، وهو المطلوب، فتشعر أيها المتلقي بالارتياح، وتكتفي بهذه الدغدغة، ظناً منك أن القصة انتهت هنا.

الغريب أن هذا العقل الجمعي لا يدرك أنه ليس القصد من هذا الخطاب راحة ضميرك بدغدغة مشاعرك فحسب، بل المقصود هو خلق حالة التذمر العربية وتوسيع الفجوة بين المواطن العربي ونظامه السياسي بإقناعه بأنه يعيش تحت مظلة نظام «مقصر» في خدمة عروبته ودينه، وإقناعه بالتالي بأن محور المقاومة هو الوحيد الذي ثأر للشرف العربي!

المقصود هو ألا تبحث وتتقصى عن حقيقة تلك الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية، فقد ساعدك هذا الخطاب على أن تلقي باللائمة عليهم، من غير إدراك أنك تلقي باللائمة على أنظمة توفر الرفاهية والنمو الاقتصادي لمواطنيها، وأنظمة تنشغل بك كمواطن وتتحمل مسؤوليتك ومسؤولية أبنائك من بعدك، موفرة لهم بيئة آمنة ومستقبلاً زاهراً، أنظمة لا تفكر في أن تقحمك في حرب تعرف كيف تشعلها، إنما لا تعرف كيف توقفها، كما فعل النظام الإيراني بمحور المقاومة، ويحاول الآن جاهداً أن يبعد النار عنه، ويبتعد عن الصراع الذي أشعله بعد أن دفع ميليشياته لتدخل فيه دون أن يخبرها كيف ومتى وأين سيخرجهم منه.

خطاب يجعلك تصدق أن الأنظمة التي تعيش في كنفها لم تقدم يد العون للفلسطينيين وخذلتهم فاستسغت جلدهم والإذعان لخطاب الذل والهوان الذي أقنعوك أنك تستحقه.

دغدغة لا يراد منها التنفيس، إنما يراد منها الغضب، ويراد منها الحنق والتذمر، بالرغم من سذاجة منطقه، وبالرغم من عدم استناده لمعطيات واقعية، وبالرغم من عدم اجتهاده في إسناد حجته بالبراهين والحجج، إلا أنه -كأي خطاب عاطفي- يلقى رواجاً وازدهاراً وقبولاً عند النفس اللوامة العربية، التي اعتادت أن تشتكي وتتذمر وتتذرع بالعجز والهوان.

دغدغة لم تكلف نفسها بالبحث عن المواقف والدور الحقيقي لتلك الأنظمة التي تلومها وتتحسب عليها، وهي مواقف تاريخية دفعت من أجلها أرواحاً وأموالاً ومصالح حقيقية، مواقف قدّمت الدعم الذي بسببه استطاعت الملايين الفلسطينية أن تصمد إلى الآن، سواء باستضافتها في دولها أو بتقديم الدعم لها في أرضها المحتلة، أفعال لا أقوال، وحقائق لا ادعاءات، وشواهد ترى بالعين المجردة، يكفيك ما تقدمه المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين للمواطنين. تكفي قصة «الفارس الشهم 3» الذي أوصلت به دولة الإمارات ماء الشرب للنازحين في رفح، حين كان القصف يطاردهم من مكان لمكان، حين جازف الشباب الإماراتي بحياته على الحدود، وحين مدّ آلاف الأنابيب، ومحطة تحلية لمياه الشرب، كي يساعد إخوانه الفلسطينيين. وقصص الفروسية والشهامة العربية كثيرة، لا تعد ولا تحصى، تقف وراءها تلك الأنظمة التي تنعتها بالتخاذل، ألا تدغدغ تلك القصص الإنسانية مشاعرنا، أم أن مشاعرنا لا تتدغدغ إلا حين نجلد ذاتنا؟ حقاً إنها ظاهرة تستحق الفهم.

*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مشرف حوثي يعدم أسرة كاملة بدم بارد في صنعاء

حشد نت | 986 قراءة 

توتر في عدن عقب إصرار الانتقالي على رفع علم الانفصال والمحافظ يرفض

الموقع بوست | 953 قراءة 

صحفي جنوبي يوجه نصيحة للمجلس الأنتقالي بالإبتعاد عن هذه الخطوة التي ستقودهم الى الخسارة !

يمن فويس | 850 قراءة 

زلزال في وادي حضرموت... بيان قبلي مفاجئ يقطع "شريان الحياة" عن إخوان اليمن

الناقد برس | 793 قراءة 

تحشيد حوثي كبير صوب جنوب اليمن

عدن حرة | 681 قراءة 

عاجل:وفاة ابرز واكبر القيادات الجنوبية

كريتر سكاي | 658 قراءة 

الطيران الحربي يغزو أجواء حضرموت.. وهذا ما يحدث اليوم

المشهد اليمني | 619 قراءة 

دعوة للزحف نحو غيل بن يمين.. حلف قبائل حضرموت يستعد لهذا الأمر

موقع الأول | 617 قراءة 

السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق قاتل قائد قوات التحالف في وادي حضرموت

بوابتي | 533 قراءة 

عاجل:محافظ حضرموت يتحدث عن رحيل قوات الانتقالي

كريتر سكاي | 528 قراءة