تصف سعيدة أحمد معاناتها بعد الطلاق، "شلي ده الكف أنتِ وعيالك عشان يشتيلك تربية من أول وجديد أنتِ وهم"، منذ أن تركها زوجها مع أطفالها قبل سبع سنوات.
وتصف الانتهاكات التي تعرضت، "تلقيت أنواع الضرب من زوجي، كان يستقوي عليّ من اليوم الأول لزواجنا، ويكبرني بـ15 سنة. أهلي لم يأخذوا لي حقي منه. وعندما نزحت مع إخواني وزوجاتهم، لم يقصروا بالإهانة والشتائم لي ولأولادي، وعاملوني معاملة خادمة في البيت".
حُرمت سعيدة من الطعام، وعانت العنف اللفظي والجسدي على يد زوجها. وعندما انتقلت إلى منزل أخيها الأكبر، عاشت فترة من المعاملة السيئة من زوجته التي سعت لتضخيم المشاكل ودفعت أخاها لطردها.
لجأت سعيدة إلى أخيها الثاني، لكن المشكلة تكررت، فتقرر أن تنصب خيمة للعيش في حوش منزل أخيها، "كنتُ أعمل ليل نهار في خدمة أخي وزوجته، وعندما كان يطلب منها مساعدتي كانت تهدده بالذهاب إلى منزل أهلها".
•
حلقة مفرغة
تصف النساء المطلقات حياتهن بأنها معقدة إلى حد المرض، حيث يتعرضن للتقريع والاستياء من المجتمع. تواجه المطلقة نظرات اللوم، تُخطّأ عندما تتحدث، وتُلام عندما تصمت. وعادة ما يتعرضنّ لمشاكل إضافية مثل التدخلات العائلية، والبحث عن نفقة، إلى جانب التهديدات بحرمانهن من أبنائهن، وأعباء الحياة المتجددة كل مرة.
•
الدعم النفسي والعلاج
تقول مديرة مركز العلاج والدعم النفسي بمستشفى الأمل للطب النفسي، نورة عبد المغني، إن "الشعور بالصدمة يصعب تحمله، إذ تشعر المرأة بالحزن العميق بسبب انهيار العلاقة الزوجية، وقد تعاني من الاكتئاب، وفقدان الشهية، واضطرابات النوم، والقلق".
تضيف، "قد تشعر المطلقة بالعار جراء الوصمة الاجتماعية للطلاق، وقد تؤدي هذه المشاعر إلى انخفاض تقدير الذات والثقة بالنفس"، إلى جانب "دخولها دائرة العزلة الاجتماعية بفعل الرفض من قبل المحيطين".
توضح عبد المغني أن بعض المطلقات يتعرضن للعنف الجسدي من الزوج أو الأسرة بعد الطلاق، وقد يصل الضرب إلى حد التسبب في كسور وتشوهات جسدية، مؤكدة على أهمية الدعم النفسي وتوفير المأوى الآمن والغذاء والدواء والاحتياجات الاجتماعية.
ودعت الأسر إلى "الإيمان بمقدرة ابنتهم المطلقة على النهوض والنجاح من جديد"، مشددة على ضرورة "إسنادها ودعمها للخروج من حالة الصدمة".
•
مراكز الإيواء
تعاني النساء المطلقات في اليمن من أنواع مختلفة من العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، فضلًا عن نظرات التحرش، إلى جانب تعرضهن للاعتداءات اللفظية والبدنية أو تحميلهن أعباء المنزل دون مقابل.
وارتفعت معدلات الطلاق والمشكلات المرتبطة به، ما دفع العديد من منظمات المجتمع المدني للعمل لتخفيف معاناة النساء.
يعد اتحاد نساء اليمن من أقدم المنظمات التي تدعم المرأة، إذ يدير العديد من دور الإيواء في مختلف محافظات الجمهورية، كما يعمل على توفير خدمات الدعم النفسي والقانوني والاقتصادي والعلاجي، بما في ذلك تنظيم جلسات نفسية، وتوفير المحامين، ودعم المشاريع الصغيرة، وتوفير الأدوية.
تقول القائم بأعمال رئيسة اتحاد نساء اليمن بمحافظة عدن، فالنتينا عبد الكريم مهدي: "بعد وصول الحالة، يتم رصدها من قبل المتخصصة بعملية الرصد، وتقديم الدعم النفسي الطارئ، وتوضيح الخدمات المتاحة، والاستماع إلى احتياجاتها".
•
صعوبات اقتصادية
لعبت الظروف الاقتصادية الصعبة، خلال سنوات الحرب، دورًا في زيادة حالات المضايقة والطرد الصريح للمطلقات، خصوصًا اللواتي يعولن أطفالًا بدون وظيفة ودون القدرة على تغطية نفقاتهن والمساهمة إلى ذلك في نفقات بيت الأسرة.
وتسببت الحرب في توقف الكثير من الأعمال وتدهور الحياة الزوجية، ما دفع بعض النساء إلى العمل أو استثمار مواهبهن في مجالات الطبخ والنقش والخدمة المنزلية، بينما لم يستطعن أخريات الانخراط في العمل؛ لعدم التأهيل أو غياب الأعمال، وأحيانًا لدواعي رعاية صغار السن.
ويعمل مركز إيواء الناجيات على توفير احتياجات النساء اللواتي لم يستطعن إيجاد حلول لأنفسهن أو لأسرهن، ويشمل ذلك التكفل باحتياجات أطفالهن.
تقول فالنتينا: "يعمل في دار الإيواء فريق متكامل من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين والقانونيين، وتستقبل الحالات لمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، مع توفير الدعم الكامل".
سلوى، وهي إحدى الناجيات اللائي استفدن من دور الإيواء التابع للاتحاد، "حظيت بالدعم النفسي والمعيشي لمدة شهرين، حتى تمت مصالحتي مع أهلي، وسُمح لي بالخروج للعمل وإعالة نفسي وطفلَيّ"، تقول، فيما لا تعرف سعيدة شيئًا عن مراكز الإيواء، ما يشكل من هذا التقرير نافذة قد تضيء لها ولأمثالها الطريق إلى الدعم والحماية.
- تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع "تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام" الذي ينفذه "مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news