يواصل العديد من اليمنيين التدفق يوميا إلى محافظة حضرموت لزيارة مهرجان نجم البلدة السياحي الشهير الذي توافد إليه الباحثون عن مناظر طبيعية تنعش أرواحهم المرهقة بتداعيات الأوضاع الصعبة في البلاد.
وبدأ موسم نجم البلدة السياحي في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت يوم 15 يوليو الجاري، وتستمر فعالياته حتى نهاية الشهر.
وحسب بيان للسلطة المحلية في حضرموت “يحضر هذا المهرجان يوميًا المئات من الزوار من مديريات المحافظة ومحافظات اليمن والخارج، وذلك للاستمتاع ببرودة بحر العرب وأجواء نجم البلدة السياحي التي تُضفي برودة نسبية على مدن ساحل حضرموت هذه الأيام”.
ومع تدشين فعاليات المهرجان أطلق محافظ حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي 500 من الحمام الزاجل، في دلالة على رسالة سلام من اليمن إلى العالم.
وشهدت سواحل وفنادق مدينة المكلا ازدحامًا جراء تدفق الزوار من داخل وخارج حضرموت واليمن، ما انعكس إيجابًا على الحركة السياحية، كحالة نادرة في البلاد.
ويأتي مهرجان نجم البلدة السياحي مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر في حضرموت التي تعاني صيفا ساخنا خففت من وطأته برودة السواحل.
وفي السياق ذاته يقول الباحث والناشط سالم باراس، وهو من أبناء حضرموت، إن “نجم البلدة هو نجم من النجوم وفق الحساب الفلكي، ويختص بمدينة المكلا لوجود ظاهرة طبيعية تتمثل في برودة مياه البحر هذه الأيام رغم الأجواء الحارة خلال فصل الصيف”.
وأضاف أنه “على مدار 15 يوما تبدأ المياه الباردة بالتدفق على سواحل مدينة المكلا نتيجة لهبوب الرياح الموسمية في يوليو، والتي تكون سببا في نشوء المياه الباردة، في ظاهرة طبيعية تسمى التيارات البحرية الباردة المتدفقة على سواحل مدينة المكلا وحواليها”.
وأشار إلى أن “الناس يتدفقون من كافة أرياف حضرموت ومديرياتها، ومن المحافظات اليمنية الأخرى من أجل التمتع بالمياه الباردة”. ويفيد باراس بأن لهذه المياه الباردة “فوائد علاجية مثل علاج الحساسية وبعض التشنجات والأمراض العصبية”.
وأضاف أنه من “أجل السياحة العلاجية يتوافد إلى المكلا الكثير من أبناء محافظات شبوة والمهرة وسقطرى ومأرب”. وتابع “الناس يحبون هذه الظاهرة لبرودة المياه على امتداد سواحل مدينة المكلا ومدينة الشحر ومنطقة بروم وحتى منطقة بئر علي”.
ولفت إلى أن “موسم نجم البلدة يحول مدينة المكلا إلى عاصمة سياحية تجمع كل أبناء اليمن، حيث يأتي إليها المغتربون وأناس آخرون قاصدين السواحل للتنزه، وتمتلئ المطاعم والشاليهات والفلل بالزوار، ما ينعكس بشكل إيجابي على الحركة السياحية والاقتصادية”.
وشدد باراس “على الأهمية الاقتصادية والسياحية الكبيرة لهذا المهرجان”، لكنه يشير إلى “وجود تقصير في الترويج لهذا الموسم من قبل الحكومة”.
ونصح السلطات “بضرورة الاستفادة من هذه المعالم الطبيعية لجذب الزائرين وتنشيط الأنشطة سياحيا وفندقيا وخدميا وإيجاد مشاريع ومتنزهات على هذه السواحل”. وتعد حضرموت أكبر محافظات اليمن من حيث المساحة، وتتميز بأنها لم تنخرط في الحرب المستمرة منذ نحو عشر سنوات.
وفي هذا الشأن يقول الباحث باراس “بالنسبة إلى حضرموت وبعدها جغرافيا عن الحرب وعن مراكز الصراع في صنعاء وعدن تجد أنها الملاذ الأخير لليمنيين الراغبين في السياحة العلاجية أو الاستثمار الاقتصادي”.
وذكر أن” مهرجان موسم نجم البلدة السياحي انطلق بإمكانيات ضعيفة ومتواضعة من قبل السلطة المحلية والمجتمع المدني لإنعاش القطاع السياحي”. ويعاني المجتمع اليمني من مشاكل وهموم متعددة خلفتها أطراف النزاع، لكن المناظر الطبيعية مازالت تكافئ المواطنين على صبرهم المستمر.
وتقول عبير واكد، الصحافية بمحافظة حضرموت، “في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن يأتي موسم نجم البلدة السياحي”.
وأضافت “المواطن اليمني الذي طحنته الظروف السياسية والاقتصادية تأتي قوى الطبيعة حاليا لإبهاجه وإسعاده وتشكيل حدث سنوي يحتفي به الحضارم في كل عام يتمثل في مهرجان نجم البلدة السياحي”.
وأردفت “عندما تخذلك الأوضاع الاقتصادية، فإن قوى الطبيعة تقف معك لتخلق لك من اللاشيء شيئا من البهجة والسعادة والفرحة والسرور؛ الأطفال يسبحون في السواحل، والعائلات تخرج وتتنزه وسط مشاعر بهيجة وعميقة”.
وتابعت “في هذا المهرجان السياحي تنتعش حضرموت، وإن كان قد غابت عنا وعن أذهاننا مفردة السياحة لما نعيشه في هذه الأوقات العصيبة من تاريخ اليمن”.
وأردفت واكد “خلال هذا الموسم السياحي نجد الناس من المحافظات الأخرى كصنعاء والمهرة والمحافظات المجاورة، حيث يعتقدون أن السباحة في مياه البلدة تشفي من الأمراض وتشفي العليل”.
وأشارت إلى أن “هذا المعتقد متوارث منذ زمن، حيث يقترن اسم البلدة بالسباحة بهدف العلاج”. وأوضحت أن “حضرموت تتمتع بمعالم حضارية وأثرية وطبيعية جميلة، فتكون فيها فرصة لزيارة موسم نجم البلدة والتمتع بهذه الوجهة الثقافية في المحافظة العريقة”.
ويشمل برنامج المهرجان ندوات ثقافية وعروضا بحرية وتراثية ومخيمات للأسر المنتجة ومعارض للصور الفوتوغرافية والفنون التشكيلية ومسرح العائلة للأطفال ومنافسات رياضية في لعبة الجودو ومصارعة الذراعين وكرة السلة.
ويفيد شكري حسين مدير الإعلام في وزارة الشباب والرياضة اليمنية بأن “موسم نجم البلدة يتسم بحالة طقس خاصة تتميز بها سواحل مدن حضرموت وخصوصا المكلا والمدن القريبة منها”.
وأضاف “في هذا الموسم تكون درجة الحرارة منخفضة على عكس ما هو معتاد، بينما مياه البحر تتحول إلى باردة جدا ما جعلها محل اهتمام وجاذبية من قبل الزوار”.
وتابع “عملت السلطات في حضرموت على استغلال هذه الفرصة للترويج السياحي، ونفذت فعاليات مصاحبة كثيرة لهذا الموسم، كتنظيم حفلات ومعارض ثقافية وأنشطة رياضية”.
وأردف المسؤول اليمني “في موسم نجم البلدة يتوافد الكثير من أبناء اليمن في الداخل، ومن المغتربين في الخارج، يتخذون الزيارة كاستشفاء للكثير من المرضى عبر الاغتسال بمياه البحر الباردة”.
ومضى حسين قائلا “يجد الناس في مثل هذه المواسم أو مثل هذه اللحظات مساحة للتخفيف من المعاناة التي يعانونها داخل البلد جراء الحرب والأوضاع الاقتصادية والحياة المعيشية الصعبة”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news