آباء في صنعاء يبحثون عن تعليم أولادهم بين كراتين القمامة (تقرير)

     
يمن ديلي نيوز             عدد المشاهدات : 167 مشاهده       تفاصيل الخبر
آباء في صنعاء يبحثون عن تعليم أولادهم بين كراتين القمامة (تقرير)

تقرير خاص بـ”يمن ديلي نيوز”:

بنظرات مليئة بالحسرة وصوت تخنقه العبرة، يحكي المواطن “صلاح زياد” (إسم مستعار حرصا على سلامته) “أموت في اليوم مئة مرة، وأعمل بكل جهدي في جمع الكراتين، من أجل أطفالي يدرسوا.

ويضيف: ماقدرت أوفر لهم احتياجاتهم أنا عاجز بسبب الوضع وأنت تعرف ان ماعاد فيش مرتبات والأسعار مرتفعة والاعمال تعطلت، وماهان علي أشوف أولادي ما يدرسوا.

كنا نتعلم بلاش والمناهج بلاش واليوم نحتاج على الأقل 9 ألف حق الرسوم لكل واحد ومنهج بفلوس أقل واحد ب 5 ألف ومافيش معانا مرتبات والوضع كما يعلمه الله”.

ويواصل العم صلاح حديثه لـ” يمن ديلي نيوز” “أقسم بالله إنني ما عرفت ألم الفقر إلا هذي الأيام، كنّا نعيش حياتنا كفاف مقتنعين ومتأقلمين مع وضعنا، لكن على الأقل ماكنت أتوقع يأتي يوم ما أقدر أدرس أولادي”.

يُعيل صلاح زياد الذي يقطن في مدينة صنعاء ولداً وثلاث بنات، أصغرهن التحقت بمدرسة حكومية منذ عامين.

ليس وحده “صلاح زياد” من لجأ للبحث عن الكراتين في الشوارع وبراميل القمامة بهدف إعادة بيعها، إذ باتت مهنة بيع الكراتين سوقا رائجة نظرا لأن الكثير من المواطنين الغير قادرين على شراء غاز الطهي يشترونها لطهي طعامهم.

“محمد ناصر” أب لأربعة من الأبناء 2 منهم في المرحلة الأساسية، هو الآخر لجأ للبحث وجمع الكراتين وعلب الصحة البلاستيكية التي تباع بأثمان تعينهم على شراء بعض الحاجيات.

يقول “محمد” إن الكراتين الجيدة التي يمكن استخدامها من جديد تباع للتجار بسعر 200 إلى 300 ريال للكرتون الواحد، والكراتين التالفة تباع لمن يستخدمها في طهي طعامه نظرا لعدم قدرة الكثير على شراء الغاز.

مع بداية العام الدراسي قام “محمد ناصر” بالبحث عن الكراتين، وقال إنه تمكن من دفع رسوم الشهر الأول لأبنائه 5000 ريال، وهو الآن يعمل من أجل جمع شراء بقية الكتب، مؤكدا أن ابنه في الصف السادس حصل على نصف المنهج من ابن جارهم الذي يدرس حاليا في الصف السابع، ووفر عليه جهدا كبيرا.

شكوى مريرة

ومع الإعلان عن بدء العام الدراسي الجديد لجميع المراحل الدراسية في السابع من محرم 1446 هـ الموافق الـ 13 يوليو الجاري، في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابياً، يشتكي أولياء الأمور من ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية.

بحسب آباء تحدثوا لـ”يمن ديلي نيوز” فإن أسعار الزي المدرسي للبنين والبنات وصلت إلى ما يعادل ما يعادل 9000 ألاف ريال، أي بما يعادل 17 دولار أمريكي، بالإضافة إلى رفع الرسوم الدراسية سنوياً والتي تقرها أغلب المدارس الأهلية والحكومية.

ووفق نزول ميداني لمعد التقرير ارتفعت رسوم الدراسة هذا العام في أغلب المدارس الأهلية بنسبة مابين 10 و20%، وهو ارتفاع يضاعف الرسوم المرتفعة أساساً من العام السابق وما قبله.

ففي المدارس المتوسطة وصلت رسوم تسجيل الطفل في الصف “الأول ” إلى من 160 ألف ريال في كثير من المدارس الأهلية بالعاصمة، أما الطالب في الصف التاسع فوصلت رسوم دراسته إلى 240 ألفاً، وطالب الصف الثالث الثانوي إلى 270 ألفاً.

وفي المدارس الحكومية فرضت جماعة الحوثي على أولياء أمور الطلبة ما أسمته “مساهمة مجتمعية” مبلغ يصل إلى 9000 ريال سنويا على كل طالب في السنة.

ووفق قانون وزارة التربية والتعليم في اليمن تنص مادته الثامنة على أن “التعليم مجاني في كل مراحله تكفله الدولة وتحقق الدولة هذا المبدأ تدريجياً وفق خطة يقرها مجلس الوزراء”، كما أن رسوم التسجيل في المدارس الحكومية تتراوح بين 150 و200 ريال يمني.

لمن استطاع

وفي الوقت الذي عجزت فيه آلاف الأسر اليمنية من إلحاق أبنائها بالمدارس بسبب الظروف المعيشية الصعبة، يقول خبير تربوي في صنعاء فضّل التحفظ عن ذكر إسمه لـ “يمن ديلي نيوز”: فاتورة الحرب والرسوم الباهظة ضحاياها الأطفال الذين يفتقدون إلى أبسط ظروف التعليم.

ويضيف: قلة قليلة من فئات المجتمع في ظل هذه الظروف ستتمكن من الوصول إلى المدرسة ونوعا من التعليم بينما الأغلبية لن تستطيع الوصل إليه.

ويلمح الخبير التربوي إلى وجود سياسة ممنهجة من قبل سلطة صنعاء (جماعة الحوثي) في عرقلة وصول المجتمع إلى التعليم الجيد والمجاني، وينحصر التعليم على فئات معينة هي التي تريد أن تستمر وتحكم مستقبلا.

وتحدث عن مشكلتين يواجهها المجتمع في صنعاء، فالذين لا يستطيعون الوصول للتعليم سيعانون من الأمية مستقبلا، لكن الأخطر أن من يلحقون أبناءهم بالتعليم سيواجهون أبناء مفخخين بأفكار خطيرة وتحريضية ضد المجتمع اليمني.

وأضاف: للأسف يتم حاليا في المدارس تفخيخ عقول اليمنيين، وغسل أدمغتهم، والتأسيس لسياسة تجهيل ممنهجة بدأت من إفراغ العملية التعليمية من مضمونها.

وسائل مجتمعية

ومع بداية العام الدراسي الجديد الذي بدأ السبت قبل الفائت في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، تبدأ الأمهات في ظل الظروف الاقتصادية البائسة، بتجميع ما يحتاجه أولادهن من مستلزمات المدارس.

كما تبدأ مبادرات بسيطة بين الأسر المتجاورة وهي عبارة عن تبادل تلك المستلزمات، في محاولة من أولياء الأمور لتخفيف العبء عن كاهل بعضهم جراء الظروف التي يعيشونها في ظل انقطاع المرتبات بسبب الحرب.

تقول “أم غسان” والدة طفل يدرس في الصف الرابع الابتدائي، إنها حصلت على كتب مدرسية مستعملة من جيرانها، حسب ما ذكرته لـ “يمن ديلي نيوز”.

وذكرت أنها لن تتمكن من شراء الكتب الجديدة لارتفاع أسعارها، وعجز المدرسة الحكومية التي سيدرس فيها ابنها عن توفيرها.

الأمر ذاته، تؤكده “منتهى عبد الرحمن” في حديثها لـ”يمن ديلي نيوز” وهي والدة طالبة في الصف الثالث الإعدادي، بقولها “نمر جميعاً باختلاف مستوياتنا بظروف معيشية قاسية تحول دون تمكننا من توفير المناهج المدرسية الجديدة، التي كانت تصرف للطلبة مجانا في المدارس الحكومية”.

وأشارت إلى أن “أحد أقاربها، أعطاها زي مدرسي مستعمل لابنتها لكيلا تتخلف عن الدراسة، بعد أن عجزت هي عن شرائه”.

نقاط بيع للكتب

وانتشرت في السنوات الأخيرة نقاط لبيع الكُتب المدرسية في أحياء وشوارع العاصمة صنعاء وبشكل رسمي، وبمبالغ تتراوح بين 500 و1000 ريال للكتاب الواحد، بعد أن كانت المناهج الدراسية تصرف للطلبة مجانا في مدارسهم.

ويباع المنهج الدراسي في صنعاء بـ 3600 ريال للصف الأول الابتدائي، وما يقارب 7 آلاف ريال للمرحلة الأساسية، و11 آلاف ريال للمرحلة الثانوية.

إيقاف مبادرات خيرية

وفي ظلّ هذه الظروف التي تجد الأسر اليمنية نفسها على عتبة عام دراسي تحدثت تقارير عن إيقاف جماعة الحوثي مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس في صنعاء وريفها، وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر وصفتها بـ”المقربة من دائرة حكم الجماعة في صنعاء: تلقي ما يسمى “المجلس الأعلى لتنسيق الأعمال الإنسانية” خلال أسبوعين بلاغات من أتباعه بوجود متطوعين في صنعاء وريفها يقومون بتنفيذ مبادرات لمساعدة الطلبة الأشد احتياجاً.

وبموجب تلك البلاغات سارعت الجماعة الحوثية إلى شن حملات مباغتة استهدفت نحو 27 مبادرة كانت تقوم بعملها الإنساني، وتوزيع احتياجات مدرسية لمئات الطلبة الفقراء في أحياء عصر، والسنينة، ومذبح، ومسيك، ونقم، وفي معين وآزال داخل مدينة صنعاء، كما استهدفت مبادرات ومتطوعين آخرين في قرى شعبان والحائط وجوزة وبيت نعامة وجيرف بمديريتي بني مطر وسنحان في ريف المدينة.

وإلى جانب اعتقال الحملات التعسفية عشرات العاملين في المبادرات التطوعية وإيداعهم السجون، عمدت الجماعة أيضاً، وفق المصادر، إلى مصادرة كميات كبيرة من اللوازم المدرسية، يشمل بعضها حقائب ودفاتر وأقلاماً وأزياء مدرسية، وخصصت كميات منها لمصلحة ذوي القتلى والجرحى من عناصرها، وقامت ببيع البقية في السوق لغرض التكسب غير المشروع.

واشتكى عاملون في فريق تطوعي طاله استهداف الحوثيين بصنعاء، من تكثيف الجماعة حملات البطش والنهب بغية سرقة كل ما يتم جمعه من لوازم ومتطلبات مدرسية لمصلحة الطلبة الفقراء، وضمن مساعي الجماعة لإعاقة العملية التعليمية بهدف إبعاد أكبر عدد من الطلبة عن المدارس لهذا العام من أجل استغلالهم للتعبئة والتجنيد.

ولجأ العاملون في الفريق التطوعي إلى تخصيص أوقات عملهم خلال الفترات المسائية ومن بعد الفجر وحتى طلوع الشمس، وذلك حتى لا يراهم المخبرون والجواسيس الحوثيون، حيث يباشرون بالإبلاغ عنهم.

وتحدث رئيس الفريق التطوعي، الذي فضّل عدم نشر اسمه، لـ”الشرق الأوسط”، عن أنه قد تفاجأ، قبل عدة أيام، بمجموعة مسلحين على متن عربات حوثية تباغتهم أثناء عملية توزيع اللوازم المدرسية على بعض الطلبة في حي فقير بصنعاء، ومصادرة كمية المستلزمات، واعتقال عدد من المتطوعين لساعات، ثم الإفراج عنهم بعد الالتزام بعدم العودة إلى العمل في هذا المجال.

مرتبط

الوسوم

مدارس اليمن

الدراسة في اليمن

جماعة الحوثي

صنعاء

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : بعد طول انتظار...الاعلان رسمياً عن موعد بدء تصدير النفط وصرف مرتبات الموظفين

اليمن السعيد | 2625 قراءة 

ياسين سعيد نعمان: لهذا السبب لن تضرب إسرائيل ‘‘طنين الذبابة في اليمن” في اليمن

المشهد اليمني | 1419 قراءة 

تنبأ مسبقا باغتيال حسن نصرالله وسقوط بشار الأسد.. محمد علي الحسيني يتوقع مصير الحوثي في “ثلاث خطوات رئيسية ستُنفذ قريبًا” !

نيوز لاين | 1174 قراءة 

عاجل : انسحاب مفاجئ لقوات الحوثي من مأرب ومصادر تكشف عن تطورات خطيرة في الساعات القادمة

اليمن السعيد | 1047 قراءة 

تفاصيل المواجهات التي إندلعت بين قوات الجيش والحوثيين في تعز

اليوم برس | 849 قراءة 

عاجل : اول رد حكومي على الاشتباكات التي اندلعت امس بمدينة تعز

اليمن السعيد | 781 قراءة 

طائرة مجهولة تهبط في مطار صنعاء.. والحوثي يوافق على جميع شروط الشرعية والتحالف

نافذة اليمن | 781 قراءة 

تعز تشتعل.. القوات الحكومية تُلحق بالحوثيين هزيمة ثقيلة وخسائر بشرية وتجبرها على الفرار (فيديو)

مأرب برس | 772 قراءة 

القوات الحكومية تتقدم وتسيطر على مواقع جديدة بعد معارك طاحنة

نيوز لاين | 706 قراءة 

تعزيزات ضخمة نحو تعز عقب اندلاع معارك عنيفة

المشهد اليمني | 667 قراءة