تمويل حماس عملية معقدة.. كيف يتم ذلك؟
أعلن مكتب المدعي العام الوطني الفرنسي لمكافحة الإرهاب أنه باشر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 تحقيقا يطال جمعية “أوماني تير” حول شبهات بتحويل أموال إلى حماس، مؤكدا بذلك معلومات لصحيفة “لوفيغارو”.
بوشر التحقيق الأولي في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بتهم “تمويل الإرهاب وتشكيل شبكة إرهابية اجرامية وتبييض أموال ضمن عصابة منظمة مرتبطة بشبكة إرهابية”، حسب ما أوضحت النيابة العامة لمكافحة الارهاب.
وقال المصدر نفسه إن المداهمات التي نفذت في مقر الجمعية الفرنسية في كانون الثاني/يناير سمحت مع تجميد الحسابات المصرفية بمصادرة أكثر من 36 مليون يورو.
وأضاف أنه لم يتم عقد جلسات استماع في إطار هذا التحقيق الذي يتعلق بالأموال التي جمعتها منظمة أوماني تير وتبرعت بها بشكل مباشر أو غير مباشر لحماس على أن يتم تحديد طرق التمويل بحسب النيابة العامة.
وتعتبر الولايات المتحدة و
إسرائيل
والاتحاد الأوروبي حماس “منظمة إرهابية”.
تأسست منظمة أوماني تير عام 2018 ومقرها الإداري في ضواحي باريس، وهي “متخصصة في نشر برامج المساعدة الإنسانية للسكان الذين يواجهون صعوبات” ويعيشون “في الأراضي الفلسطينية وفي مخيمات اللاجئين” في لبنان والأردن وتركيا، بحسب موقعها الإلكتروني.
وتعتبر السلطات أن الجمعية قريبة من جماعة الإخوان المسلمين، حسبما ذكرت صحيفة “لوفيغارو” المحافظة.
إسرائيل تعد قائمة بموظفين بـ”أونروا” يعملون لصالح حماس
ليس بعيداً عن المنظمات الإنسانية، قالت إسرائيل إنها أعدت قائمة بأسماء موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الذين يتردد أنهم ينشطون لصالح حماس.
وأعلنت السفارة الإسرائيلية في برلين أن إسرائيل حددت 108 من موظفي أونروا الذين ينطبق عليهم ذلك، وقدمت نسخة من القائمة للمفوض العام للمنظمة فيليب لازاريني.
وأشارت السفارة إلى ما يتردد عن تجنيد حماس، أو جماعة الجهاد، لعدد صغير من المئات من موظفي أونروا، وهي معلومات لم يتسنَّ التحقق منها بشكل مستقل، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إن القائمة قُدمت أيضاً لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دون أن تنشرها تل أبيب.
وأكدت أونروا، بناء على طلب، أنها تلقت رسالة من الحكومة الإسرائيلية تتضمن اتهامات لموظفي (المنظمة) العاملين في قطاع غزة.
وقالت إن الرسالة تضمنت قائمة بنحو مائة شخص، تردد أنهم أعضاء في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، مضيفة أنها تأخذ هذه المزاعم على محمل الجد.
وأوضحت المنظمة أنها ردت على الرسالة وطلبت معلومات، والتعاون في هذا الشأن. وقالت أونروا إنها لا تمتلك موارد للتحقيق في المزاعم، مثل أجهزة المخابرات الخاصة بها.
وتصدرت الاتهامات الإسرائيلية لموظفي أونروا عناوين الأخبار في يناير (كانون الثاني)، عندما اتهمت إسرائيل عدداً منهم بالتورط في هجوم حماس الواسع والمباغت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
أعضاء من الأونروا شاركوا بهجوم 7 أكتوبر بحسب إسرائيل
في أبريل الماضي وبعد تحقيقات استمرت نحو شهرين، حول تورط موظفين في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في
هجوم السابع من أكتوبر
، الذي نفذته حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة، خلصت مراجعة إلى أنه لا وجود لدلائل حول تلك المزاعم.
فقد جاء في تقرير اللجنة التي كلفتها الأمم المتحدة بقيادة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، من أجل مراجعة حياد الأونروا، أن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة داعمة لادعائها بأن عددا كبيرا من موظفي الوكالة الأممية أعضاء في منظمات إرهابية.
كما لفت التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية قدمت “ادعاءات” علنية، استنادا إلى قائمة لموظفي الأونروا قدمت لها في مارس، بأن “عددا كبيرا من موظفي الوكالة أعضاء في منظمات إرهابية، إلا أنها لم تقدم بعد أدلة داعمة لذلك”، حسب ما نقلت رويترز.
وقد تدفع هذه الخلاصة بعض المانحين إلى مراجعة تجميد التمويل للأونروا، إثر زعمت إسرائيل أن 12 من موظفي الوكالة شاركوا في هجوم أكتوبر.
علماً أن هيئة رقابية تابعة للأمم المتحدة تنظر في تحقيق منفصل، بالاتهامات الموجهة للموظفين 12.
جاء هذا التقرير بالتزامن مع مناشدة الأمين العام لأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جميع الدول المانحة إلى دعم الوكالة، التي يتركز عملها على دعم المحتاجين في غزة، لاسيما وسط الحرب المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023.
كما جاء وسط تصاعد تحذيرات المنظمات الإغاثية والأممية من اقتراب مئات الآلاف من المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر من حافة الجوع.
ماذا عن تمويل حماس؟
النظام المالي لحماس معقدٌ ومبهم، وتمتد جذوره إلى ما هو أبعد من قطاع غزة.
وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حماس كمنظمةٍ إرهابية، وهي منبوذة مالياً، وتخضع لعقوبات منذ عقود للحيلولة دون وصولها إلى النظام المصرفي الدولي.
ولكنها، مع ذلك، تمكنت من إظهار قدراتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول عندما شنت هجوماُ مفاجئاُ على إسرائيل باستخدام آلاف الصواريخ والطائرات بدون طيار وغيرها من المعدات العالية التقنية، ولا يبدو أنّ الجماعة المسلحة تعاني من نقص في الموارد.
فكيف تتمكن من تمويل نفسها؟
تجمع الضرائب، باعتبارها منظمةً سياسيةً واجتماعية، وتتلقى المساعدات الدولية من حكوماتٍ أجنبية ومنظماتٍ خيرية ذات نهج مماثل، ولكنها تمكنت – كما أظهرت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول – من الوصول إلى معداتٍ عسكرية.
وتمتلك أيضاً محفظة استثماريةً دوليةً غامضة تستخدم غالباً العملات المشفرة وسيلةً للتحايل على العقوبات الدولية.
وقد أدى الدمار الذي لحق بغزة في الحروب المتعاقبة، والحصار الإسرائيلي، بسكان القطاع للاعتماد على المساعدات الدولية.
وحماس هي إحدى الجماعات التي تشكل تحالفاً يُعرف باسم محور المقاومة تقوده إيران ويضم، من بين آخرين، سوريا و حزب الله اللبناني، والعامل المشترك الرئيسي بينهم هو المشاعر المعادية لإسرائيل والولايات المتحدة.
وترعى طهران شبكةً من الحلفاء في المنطقة لاحتواء النفوذ الإسرائيلي، تساعدهم في “التمويل أو التدريب أو الأسلحة”، كما كتبت صنم وكيل، مديرة قسم الشرق الأوسط والشمال في تشاتام هاوس، برنامج أفريقيا، في مقالةٍ نشرها في الفترة الأخيرة مركز الأبحاث.
ومن بين هؤلاء الحلفاء حماس والجماعات الفلسطينية الأخرى، التي تدعمها إيران بشكل متزايد منذ التسعينيات، بحسب ما تقوله وكيل.
ويترجم هذا الدعم، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، إلى 100 مليون دولار سنوياً تمنح لحماس والجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعلى الرغم من وجود خلافاتٍ بين حماس وإيران خلال الحرب السورية عندما رفضت الجماعة الفلسطينية دعم بشار الأسد، فإن “التمويل الإيراني لم يتوقف أبداً، ربما قطع بعض منه للأنشطة السياسية، لكنّ الأموال المخصصة للجماعة المسلحة استمرت”، كما يقول ماثيو ليفيت، المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بحسب بي بي سي.
وبحسب خالد الحروب، فـ”ليس من الواضح حجم الأموال التي تتلقاها حماس من إيران سنوياً، لكن من الواضح أنها تتلقى تمويلاً”.
الضرائب
كانت حماس تجمع باعتبارها السلطة التي تدير القطاع، الضرائب على الواردات – ومن بينها تلك التي تُهرّب عبر الأنفاق من مصر – وعلى الأنشطة التجارية الأخرى في القطاع، على الرغم من أنّه من غير الواضح مقدار الأموال التي كانت تجمعها كل شهر.
ويتراوح هذا الرقم بين 15 مليون دولار، بحسب ما قالته وزارة المالية في غزة لمراسل بي بي سي رشدي أبو العوف في عام 2016، وما يتراوح بين 300-450 مليون دولار، بحسب ما ذكره محللون مثل ماثيو ليفيت.
والأمرُ الواضح هو أنّ غزة تخضع لمستوى مرتفعٍ إلى حد ما من الضرائب، على الرغم من معدل البطالة الذي يبلغ 45 في المئة، وحقيقة أنّ 80 في المئة من سكانها كانوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية قبل الحرب، وفقا للأمم المتحدة.
ويقول الحروب “تخضع غزة والضفة الغربية لنفس البيروقراطية، على الرغم من اختلاف مستويات الدخل بشكلٍ كبير”. وتضاف إلى ذلك ضرائب أخرى تضيفها حماس على مر السنين “للتعويض عن الحصار”، مثل الضرائب على السجائر أو استيراد الجينز أو المركبات أو بعض المنتجات الغذائية التي تعتبر فاخرةً أو غير أساسية.
أما ليفيت فيقول “عندما تفرض ضرائب على كل شيء، أكثر فأكثر، فهذا في النهاية ابتزاز، وممارسات مافيا”.
وأدت الضرائب والرسوم الجمركية المتزايدة إلى حدوث اضطراباتٍ بين السكان، بل حتى بعض الاحتجاجات بين المستوردين، والتي قمعتها حماس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news