القاضي أنيس جمعان: الرشوة و الواسطة عنوان لفساد المجتمع

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 84 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
القاضي أنيس جمعان: الرشوة و الواسطة عنوان لفساد المجتمع

الرشوة هي ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل، وهي محرمة، بل هي من الكبائر، فقد قال اللَّهِ تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).[البقرة: 188].

الواسطة تعتبر هي أخطر أنواع الفساد الخفي الذي يهلك المجتمع، وذلك لما يترتب عليها من وصول أشخاص إلى مواقع قيادية وإلى مواقع صنع القرار دون النظر إلى التأهيل والكفاءة، ولقد سميت الواسطة في القرآن الكريم بالشفاعة، وقسمها إلى حسنة وسيئة، وذلك في قوله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا).[النساء: 85]، فكل شفاعة ترتب عليها إضرار بأحد فهي شفاعة سيئة لما فيها من التعدي والظلم، فالشفاعة السيئة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانهم من عمل الأكفاء، وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشؤونها في هذا الجانب على خير حال، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع، أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد، أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعًا، ويؤجر عليها الشفيع،كما ثبت في الصحيح عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (اشفَعوا تُؤجَروا).[متفق عليه]، وذلك لقضاء حوائج الناس بعضهم لبعض.

إن الرشوة و الواسطة التي تؤكل بها حقوق الآخرين، وتعتدي على مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، فهي شكل من أشكال الفساد، ولون من ألوان الظلم الاجتماعي الذي حرمه اللَّهُ عز وجل، حيث قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا...).[رواه مسلم]، ويتجلى هذا الظلم والفساد عندما تؤخذ حقوق الآخرين، أو يوضع شخص في مكان لا يستحقه، أو يعتدى على حقوق الآخرين.

إن الرشوة والواسطة إذا شاعت في المجتمعات فإنها تؤدي إلى ضياع الحقوق وشيوع الظلم وإنتشار الفساد، ولا شك أن الذي يأخذ الرشوة إنما يأكل سُحتـًا، وقد ذم اللَّه تعالى هذا الصنف من الناس، وشنَّع عليهم أشد التشنيع، فقال تعالى: (وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).[المائدة:62].

*إن أول أسباب فساد المجتمعات، هو الرشوة و الواسطة في هدم العدل بين أفراد المجتمع فتضيع الفُرص من مُستحقيها، وهي أكثر أنواع الفساد شيوعاً في الوسط الإداري والمالي، وخاصة في الدول العربية، حيث يلجأ أكثر من 50 مليون شخص تقريباً فيها إلى الرشوة، للتسريع في قضاء حوائجهم وتحصيل ما تيسر من الخدمات، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، ويعتبر هذا الرقم الصادم والمفجع هو مؤشر من مؤشرات الفساد، وهذه الأرقام في الدول العربية ومنها اليمن هي تعبر عن واقع مؤلم، فهي جريمة يعاقب عليها القانون، وسلوك لا يقبله أي دين، ولا تقرّه أي شريعة، وقد لعن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تعامل معها، في حديثه عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي).[رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ].*

نصيحة: ينبغي أن يكون الحصول على الوظائف منضبطاً بمعايير واضحة وصحيحة محققة للنزاهة والشفافية، وترجع هذه المعايير إلى الكفاءة والقدرة على الإنجاز، مع مراعاة الأمور الخاصة بكل وظيفة؛ لأن للواسطة والمحسوبية أثراً سلبياً كبيراً على المجتمع، فهي تؤدي إلى الفساد المجتمعي والترهل الإداري، إذ يسود عندئذ الشعور بالظلم، فيؤدي ذلك إلى قلة الإنتاج وانعدام الكفاءة، وشيوع أخلاق النفاق والكذب، بل قد يؤدي ذلك إلى ممارسات وأفعال غير مقبولة، كالسرقة والنهب والرشوة والتعدي على المال العام والخاص.

وختاماً .. يجدر بكلّ صاحب مسؤولية أن يكافح هذا النوع من الفساد، وأن يحرص على عدم وقوع هذه الممارسات مطلقاً، بأن يُعطي كل ذي حق حقه، وأن لا يقدم أحداً على صاحب الحقّ، ويكون ذلك بالحرص على تقوى اللَّهُ تعالى والصدق مع الناس وتنفيذ القوانين المتعلقة بهذا الشأن، والإنسان سيسأل عما أسترعاه اللَّه تعالى يوم القيامة، فقد قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).[رواه البخاري].

المصادر:

*(1) الرشوة - مساوئ الأخلاق - موقع إسلام ويب*

*(2) حكم الواسطة والمحسوبية - دار الأفتاء*

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مأساة على طريق العرقوب في أبين.. النيران تلتهم باص ركاب بالكامل وعدد كبير من الضحايا - صور

المشهد اليمني | 451 قراءة 

أسماء الناجين من حادث احتراق حافلة النقل الجماعي في أبين

العاصفة نيوز | 396 قراءة 

إحتراق باص نقل جماعي بمن فيه قادم من السعودية في أبين (صور+الاسماء)

نيوز لاين | 371 قراءة 

أكثر من 40.. أسماء ضحايا حادث احتراق حافلة ركاب ‘‘صقر الحجاز’’ على طريق العرقوب في أبين

المشهد اليمني | 297 قراءة 

مأساة مروعة في أبين.. احتراق باص نقل جماعي ووفاة عشرات الركاب.. صور

نافذة اليمن | 279 قراءة 

الإعلان عن فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك كأول مسلم يتولى المنصب

يمن ديلي نيوز | 254 قراءة 

فاجعة.. وفاة نحو 40 مواطنا إثر احتراق باص نقل جماعي في أبين

الصحوة نت | 244 قراءة 

وزير يمني سابق يؤكد ان القرار رقم 11 سيعيد رسم ملامح اليمن !

يمن فويس | 238 قراءة 

من هو الفائز برئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني.. العدو الجديد لترامب؟

اليوم برس | 232 قراءة 

طارق صالح على متن الطائرة اليمنية.. لحظة رمزية تذكر اليمنيين بعلي عبدالله صالح

نيوز لاين | 222 قراءة