منذ لحظة الإعلان عن توجه الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، انطلقت موجة واسعة من الترقب في الداخل والخارج، فالعاصمة الأمريكية ليست وجهة بروتوكولية عابرة، بل هي مركز صناعة القرار الدولي، ومن هناك تُرسم خرائط النفوذ وتُدار ملفات المنطقة الحساسة، وفي مقدمتها الملف اليمني الذي ظلّ لسنوات رهين التعقيدات والصراعات.
زيارة الزُبيدي تكتسب أهميتها من طبيعة المرحلة التي يمر بها الجنوب، إذ تأتي في وقت تتزايد فيه الدعوات لإعادة ترتيب المشهد السياسي بالجنوب، والبحث عن صيغة حل شامل، وفي ظل هذا الواقع، يذهب الجنوب إلى واشنطن وهو محمّل بتجربة سياسية وعسكرية أثبتت حضوره في الميدان، ويضع على طاولة البحث مطلباً أساسياً يتمثل في الاعتراف به كطرف رئيسي في أي تسوية قادمة، ما يجعل هذه الزيارة مختلفة هو أنها لا تقتصر على حضور شخصي لرئيس سياسي، بل تحمل في مضمونها مشروعاً متكامل الأركان يسعى إلى تثبيت قضية الجنوب كقضية سيادية لا يمكن تجاوزها.
على المستوى الإقليمي، لا يمكن فصل هذه الخطوة عن التحولات الكبرى التي يشهدها محيط البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، فالقضية الجنوبية لم تعد قضية محلية تخص أبناءها فقط، بل تحولت إلى عنصر فاعل في معادلة الأمن الإقليمي والدولي، نظراً للموقع الاستراتيجي الذي يسيطر على واحد من أهم الممرات المائية في العالم، الولايات المتحدة، ومعها القوى الدولية، تدرك جيداً أن الجنوب يشكل خط الدفاع الأول ضد الإرهاب والقرصنة البحرية، وأن أي استقرار في المنطقة لا يمكن أن يتحقق دون إشراكه في صياغة المعادلات الجديدة.
الموقف الأمريكي من الجنوب ظلّ حتى اليوم محكوماً بسياسة الحذر والترقب، غير أن مؤشرات عدة برزت في السنوات الأخيرة أظهرت اهتماماً متزايداً بالدور الذي يلعبه المجلس الانتقالي وقواته على الأرض.. زيارة الزُبيدي إلى واشنطن قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التفاعل المباشر، بما يتيح بلورة موقف أكثر وضوحاً تجاه حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم، أو على الأقل الاعتراف بهم كقوة سياسية وعسكرية لا يمكن تجاوزها في أي حوار مستقبلي.
انعكاسات هذه الزيارة على الداخل اليمني بدت واضحة منذ اللحظة الأولى، ففي الجنوب، استقبل الشارع هذه الخطوة بترحيب واسع، واعتبرها خطوة عملية باتجاه تحقيق التطلعات التاريخية في الحرية والاستقلال واستعادة الدولة، أما في المعسكر الآخر، فقد تباينت المواقف بين من حاول التقليل من أهمية الزيارة، ومن لجأ إلى حملات إعلامية مشحونة بالانتقاد والعويل، غير أن قراءة متأنية لهذه الردود تكشف أنها تعكس ارتباكاً أكثر مما تعكس موقفاً سياسياً صلباً، فمجرد وجود الزُبيدي في قلب واشنطن يمثل تحدياً لمعادلات ظلت لعقود حكراً على قوى بعينها.
التوقيت بدوره يزيد من ثقل الزيارة، فهي تأتي في ظل تسارع المساعي الأممية والإقليمية لإحياء مسار السلام الشامل في اليمن، وفي وقت تشهد فيه المنطقة إعادة رسم أولويات النفوذ ومصالح القوى الكبرى، الحضور الجنوبي في مثل هذا التوقيت يمنحه أوراق قوة إضافية، ويعيد ترتيب التوازنات داخل مجلس القيادة الرئاسي، ليؤكد أن الجنوب لم يعد مجرد تابع أو مكمّل، بل شريك حقيقي في صناعة القرار.
بالنسبة للجنوبيين، هذه الزيارة ليست مجرد محطة سياسية عابرة، بل هي خطوة يعلّقون عليها آمالاً كبيرة في أن تكون مدخلاً نحو اعتراف دولي طال انتظاره. فهم ينظرون إلى واشنطن باعتبارها بوابة عبور نحو العالم، ومن خلالها يمكن تثبيت قضيتهم في المحافل الدولية، ووضع حد لمحاولات التهميش التي تعرضوا لها لعقود طويلة.
قراءة "العين الثالثة" للمشهد تكشف أن هذه الزيارة تحمل في جوهرها رسائل متعددة الأبعاد؛ فهي رسالة سياسية تؤكد أن الجنوب بات جزءاً من صناعة القرار الدولي، ورسالة إقليمية تبرز دوره كضامن لأمن الملاحة والممرات البحرية، ورسالة داخلية تعيد ترتيب موازين القوى وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الشراكة والتوازن، وبين كل هذه الأبعاد، يظل الهدف الأسمى بالنسبة للجنوبيين هو العودة بتاج النصر، ليس فقط عبر ما ستسفر عنه اللقاءات الرسمية، بل عبر تثبيت حضورهم في قلب المشهد الدولي كقضية عادلة لا يمكن تجاهلها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
في خطوة تثير استغراب المجتمع الدولي وتنذر بتصعيد خطير للأزمة اليمنية، أدرجت إسرائيل العاصمة الجنوبية
شن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وعدد من الوزراء أمس الأحد، هجوماً حاداً على المستشارة الق
كشفت مصادر رئاسية متطابقة في العاصمة المؤقتة عدن، حقيقة ما حدث في قصر معاشيق الرئاسي، وأكدت احتدام
نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن مصدر حكومي يمني لم تسمّه قوله إنّ رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليم
أقدمت ميليشيا الحوثي، على إفراغ البنك المركزي اليمني في صنعاء من السيولة النقدية وسبائك الذهب، ونقله
كشف الرئيس الأسبق علي ناصر محمد جانبا من كواليس مرحلة ما بعد أحداث 13 يناير 1986م الدامية في عدن..