قدم الخبير والمحلل العسكري، العميد الدكتور علي الذهب، قراءته لتكثيف الضربات الجوية الإسرائيلية على المنشآت الاقتصادية والخدمية الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، متجاهلةً في كثير من الأحيان المواقع العسكرية المحتملة.

وفي تصريحات خاصة لصحيفة 26 سبتمبر، أوضح الذهب أن إسرائيل تركّز على استهداف البنية الاقتصادية التي ترتبط بشكل مباشر بالعمل العسكري للحوثيين، مثل مخازن الوقود ومحطات الكهرباء، كونها تمثل مفردات لوجستية حيوية لتحريك المعدات والآليات، وتُعد من أهم مصادر تمويل المجهود الحربي للجماعة، سواء عبر تجارة النفط الإيراني أو بيع الطاقة الكهربائية.

وأشار إلى أن القيادة الإسرائيلية، بشقيها العسكري والسياسي، تدرك أن عوائد هذه المنشآت لا تُستخدم لخدمة المواطنين، بل تُضخ مباشرة في خزينة الجماعة لدعم عملياتها العسكرية، وهو ما يبرر استهدافها المتكرر لمواقع مثل قاعدة الديلمي، ومطاري صنعاء والحديدة، ومعسكر الحرس الجمهوري سابقًا.

الذهب اعتبر أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تهدف إلى إخضاع جماعة الحوثي وأذرع إيران، من خلال ضرب منشآت تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر، في ظل غياب الخدمات العامة، وتفاقم القمع السياسي، ونهب الموارد، ما يخلق حالة من التهييج الشعبي ضد الجماعة.

وأضاف أن هذه الضربات أكثر فاعلية من استهداف مجموعات صغيرة من الأفراد المنتشرين في مناطق محصنة، مشيرًا إلى أن التأثير النفسي والاجتماعي لهذه العمليات يتجاوز الأثر العسكري المباشر.

وفي تقييمه للمواجهات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل، وصف الذهب هذه العمليات بأنها "عبثية"، لا تؤدي إلى خسائر فادحة في القوى البشرية أو القدرات العسكرية للطرفين، بل تأخذ منحى إعلاميًا أكثر منه ميدانيًا.

وأوضح أن كلا الطرفين يواجه ضغوطات داخلية، ويحاول توظيف هذه المواجهات كرسائل سياسية، دون أن تحقق أهدافًا استراتيجية حقيقية على الأرض.

واختتم الذهب حديثه بالإشارة إلى أن جماعة الحوثي تسعى من خلال هذا التصعيد إلى فرض نفسها كقوة لا يمكن تطويعها، بهدف الوصول إلى تفاوض منفرد مع الولايات المتحدة أو حتى مع إسرائيل عبر وساطات غير مباشرة، كما حدث سابقًا مع واشنطن. ولفت إلى أن الجماعة تحاول أن تُظهر نفسها كقوة فاعلة مدعومة من إيران ومن أطراف دولية لديها مصالح متعارضة مع الغرب.