إن فتح بعض الطرقات، وانخفاض قيمة العملات الأجنبية، وارتفاع قيمة الريال اليمني حتى يتساوى مع قيمته في مناطق سيطرة الحوثي، واللقاءات الأخيرة للمبعوث الأممي في عمّان امتدادًا للقاءاته نهاية العام الماضي، ربما تكون في إطار التهيئة لتسوية سياسية للقضية اليمنية. ولذا يكون من نافل القول إن حلّ الدولتين أساس أي تسوية سياسية، طالما أن القضية الجنوبية قد بدأت غداة إعلان وحدة ٢١ مايو ١٩٩٠م الاندماجية، الموقَّع عليها بين الحزبين الحاكمين آنذاك؛ رئيس المؤتمر الشعبي العام وأمين عام الحزب الاشتراكي، بعيدًا عن الإرادة الشعبية وعلى نحوٍ تام.
لقد تمت الوحدة بين طرفين وكيانين/دولتين: الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بكل ما تملكه الأخيرة من أرضها ومياهها وممراتها وموانئها ومنافذها البحرية وجزرها وجرفها القاري ومجالها الجوي وتعدادها السكاني وجيشها وأمنها وعلمها ونشيدها وشعارها وعملتها الوطنية (الدينار الجنوبي) وبنكها المركزي، ومقعدها في المحافل الدولية والإقليمية والعربية والإسلامية، وتمثيلها الدبلوماسي.
ومع كل ذلك، فقد فشلت الوحدة الاندماجية من الأساس بفشل مرحلتها الانتقالية المزمَّنة وفقًا لاتفاقياتها بعامين، يتم خلالها إنجاز دمج مؤسسات الدولتين في إطار دولة الوحدة، بسبب موقف الطرف الشمالي المناهض لذلك ومحاولة الالتفاف عليه، وحدوث الأزمة بين الشريكين، ودخول أطراف دولية وإقليمية على خط الأزمة للوساطة، وانعقاد لقاء عمّان بالأردن برعايتها وإشراف مباشر من العاهل الأردني الملك حسين مطلع فبراير عام ١٩٩٤م، وبحضور ليس الحزبين الموقعين على الوحدة فحسب، بل كل الأحزاب اليمنية، وإقرار واعتراف الجميع بفشل الوحدة الاندماجية وفقًا لوثيقة العهد والاتفاق، التي تضمَّنت ذلك وأقرَّت إعادة صياغة الوحدة إلى وحدة فيدرالية بنظام المخاليف، والتوقيع عليها.
وما لبث الطرف الشمالي، طالما كان يرى في الوحدة مجرد فخ وخديعة واستدراج وضمٍّ وإلحاق للسيطرة على الجنوب (الأرض والموقع والمساحة والثروة)، وليس وحدة للشراكة الندية، حتى انقلب على وثيقة العهد والاتفاق/وحدة المخاليف قبل أن يجف مداد حبرها، كإضافة إلى انقلابه على مهام المرحلة الانتقالية للوحدة الاندماجية.
فقد أعلن علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب من ميدان السبعين بصنعاء يوم ٢٧ أبريل ١٩٩٤م، وبقوة الحرب احتل الجنوب، وحطّت قواته أوزارها في عدن يوم ٧ يوليو ١٩٩٤م، مستوليًا على الأرض والثروة ومقدرات ومقومات الدولة الجنوبية ومؤسساتها، ونهب "الجمل بما حمل"، والقائمة تطول.
إن القضية الجنوبية، وفقًا لكل تلك المعطيات، هي قضية وطن وأرض وشعب وهوية وتاريخ واستعادة دولة، وقد بدأت غداة الإعلان عن الوحدة اليمنية الفاشلة، وتجذرت بالحرب والاحتلال في صيف عام ١٩٩٤م، وما تناسل من مخلفاتها وآثارها التي لا يزال شعب الجنوب يكابد معاناتها حتى اليوم. فيما القضية الشمالية وُجدت عام ٢٠١٤م بدخول الحوثي صنعاء.
مما يؤكد كل ذلك حقيقة وجود قضيتين: قضية جنوبية وأخرى شمالية، لكل منهما أسبابها وخصائصها. وليست هناك قضية واحدة، بل وضعان مختلفان موجودان على الأرض، وليس وضعًا واحدًا. وإن أي محاولة لدمجهما في سلة واحدة في إطار أي تسوية سياسية يجري التهيئة لها تحت عنوان "القضية اليمنية"، أو محاولة الإبقاء على قضية شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته رهينة تحرير صنعاء، هي مجرد محاولة عابثة تتعسف حقائق الواقع ولا تتفق معها، ومرفوضة جنوبيًا جملة وتفصيلًا، بعد كل التضحيات التي قدمها شعب الجنوب، وبعد تحريره لأرضه، وبعد أن راكم إنجازات ومكاسب على الأرض سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وأمنيًا على طريق استعادة وبناء دولته الجنوبية كاملة الحرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل ٢١ مايو ١٩٩٠م المتعارف عليها دوليًا.
ولكل ما سلف، فإن المخرج الآمن والسلس، الضامن للمصالح الإقليمية والدولية ولسيادة الأمن والاستقرار في المنطقة، وللشراكة في مكافحة الإرهاب والقرصنة والمرور الآمن للتجارة الدولية والشحن البحري في المياه الإقليمية، هو: حلّ الدولتين والعودة إلى وضع ما قبل مايو عام ١٩٩٠م. وما عداه هباءً منثورًا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
يزخر المجتمع السعودي بالكثير من القصص التي تجمع بين الغرابة والدهشة، لكن هذه القصة التي وقعت في العا
سجلت أسعار الصرف في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة حضرموت، صباح اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025، استقراراً
بقلم/ نورا المطيري لو أتيح لي العمل في مركز أبحاث استراتيجي أمريكي وطلب مني تقديم تقرير للرئيس دونال
يافع نيوز/خاص: أصدر رئيس مجلس الوزراء، رئيس المجلس الأعلى للجامعات، سالم صالح بن بريك، القرار رقم (
أوصلوا هذه الرسالة إلى سيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وإلى النائب القائد أبو زرعة – للأهمية الق
كشفت الأمطار الأخيرة في العاصمة صنعاء عن مستوى غير مسبوق من القذارة في شوارع المدينة، وبالأخص في ميد
كشف خبير اقتصادي عن تحدٍ خطير قد يهدد بانهيار الإصلاحات الاقتصادية، محذرًا من أن استمرار تلك الجهود
شمسان بوست / خاص: شهدت أسعار الصرف في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة حضرموت اليوم الاثنين، 18 أغسطس 202