في وقت تكثف فيه الأمم المتحدة جهودها لتثبيت وقف إطلاق النار في اليمن، تتجه ميليشيا الحوثي نحو تصعيد عسكري واسع، عبر دفع تعزيزات ميدانية ضخمة إلى عدة جبهات، في خطوة تهدد بانهيار الهدنة الهشة واندلاع مواجهات شاملة.

ووفق مصادر عسكرية يمنية، دفعت الميليشيا خلال الأيام الماضية بوحدات قتالية جديدة، بينها كتائب مدربة حديثًا ووحدات خاصة عقائدية، نحو مناطق التماس مع القوات الحكومية في محافظات مأرب، الجوف، البيضاء، لحج، الضالع، تعز، الحديدة وحجة، تزامنًا مع تحصين مواقعها القتالية في أكثر من جبهة.

وأشار تقرير لمنصة "ديفانس لاين" المتخصصة في الشؤون العسكرية، إلى أن هذه التحركات تترافق مع تجدد الاشتباكات في الضالع وتعز، حيث قُتل جنديان من الجيش اليمني خلال محاولة حوثية لاختراق خطوط الدفاع في تعز، فيما فشلت الميليشيا في تحقيق أي تقدم يُذكر.

الأمين العام للأمم المتحدة حذر في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن من خطورة التطورات، لاسيما بعد الهجوم الحوثي الكبير في محافظة صعدة أواخر يوليو الماضي، الذي أسفر عن خسائر بشرية كبيرة من الطرفين، مشددًا على الحاجة لخفض التصعيد وفتح قنوات حوار أمني عاجل.

من جانبه، أوضح المحلل السياسي يعقوب السفياني أن الميليشيا تعمل على خلط الأوراق ميدانيًا ورفع سقف حضورها قبل أي مفاوضات محتملة، عبر هجمات متزامنة في صعدة والضالع ومأرب والساحل الغربي، مع استمرار استهداف المدنيين في مناطق التماس.

وأضاف السفياني أن الحوثيين كثفوا قبضتهم الأمنية في مناطق سيطرتهم، خصوصًا في إب وصنعاء، من خلال حملات اعتقال ونهب وتجنيد قسري لتعويض خسائرهم البشرية، في إطار استراتيجية متعددة المسارات لإرباك خصومهم وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية قبل جولة التفاوض القادمة.

وفي مشهد يوحي بمرحلة تعبئة كبرى، نظمت الميليشيا حفل تخريج لنحو 1500 مقاتل من دورات تابعة لوزارة الداخلية في حكومتها غير المعترف بها، مؤكدة جاهزيتهم الكاملة لدعم الجبهات القتالية ضد "خصوم الداخل".

ويرى الباحث العسكري عدنان الجبرني أن الحوثيين دخلوا مرحلة "الخيارات الصعبة"، مع تضييق الخناق عليهم في عمليات الإمداد والتهريب، وتراجع جدوى تصعيدهم بشأن غزة، ما يدفعهم للاستعداد لـ معركة داخلية كبرى بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي، رغم ما تحمله من تكاليف بشرية وميدانية باهظة.