بعد فترة من التقارب، تشهد العلاقات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعقيدات متزايدة، مما يهدد بتقويض أي تفاهمات مستقبلية. الاتفاق الذي كان يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في التفاهمات السياسية بسورية يواجه الآن تحديات كبيرة.

الإعلان الدستوري الأخير كان بمثابة نقطة تحول سلبية، إذ اعتبرته “قسد” مماثلاً لسياسات حزب البعث ويهمل التنوع الوطني السوري، مما زاد من حذرها في التعامل مع دمشق.

تشكيل الحكومة السورية الجديدة، التي خلت من أي تمثيل للإدارة الذاتية، أضعف موقف “قسد” أمام قاعدتها الشعبية، وأثار مخاوف بشأن مستقبل المكتسبات الكردية، الأمر الذي دفع إلى توحيد الصف الكردي في مواجهة دمشق سياسياً.

التدخل الأمريكي، من خلال المبعوث توم براك، زاد من تعقيد المشهد، ففي حين دفع “قسد” إلى الاندماج في الحكومة المركزية والتخلي عن فكرة الفيدرالية، لم تسفر المفاوضات عن أي نتيجة ملموسة، مما استدعى البحث عن مسارات بديلة.

الحوار الجديد الذي ترعاه فرنسا يهدف إلى معالجة الخلافات الأساسية بين دمشق و”قسد”، بما في ذلك دمج القوات، وإدارة الموارد الاقتصادية، والحوكمة مع إمكانية الحديث عن اللامركزية الإدارية. ومع ذلك، فإن تدخل أطراف خارجية يزيد من تعقيد الأمور ويضع القضية خارج الإطار السوري الداخلي.

الحكومة السورية الجديدة ترفع شعار وحدة سورية، وتتبنى مقاربة مختلفة تجاه الأكراد مقارنة بالحقبة البعثية، مع الاعتراف بالشعب الكردي كمكون أصيل من النسيج السوري. ومع ذلك، تبقى قضية اللامركزية السياسية نقطة خلاف جوهرية تعيق التوصل إلى تفاهمات.

في ظل التحديات التي تواجهها سورية، من أحداث السويداء إلى الوضع الاقتصادي الهش، فإن استمرار التباعد بين دمشق و”قسد” يحمل تداعيات خطيرة على مستقبل البلاد، مما يستدعي إيجاد آليات سياسية أكثر فاعلية وتنازلات متبادلة للخروج من الأزمة.

غياب المقاربة الوطنية الصادقة والعادلة يهدد بتقويض أي مساعي للوصول إلى حلول مستدامة، ويؤكد على أهمية الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف السورية لتحقيق الاستقرار والسلام.

اخبار متعلقة