الأسعار بين تحسن العملة واستمرار الجوع.. من يوقف "النهب الناعم"؟
شهدت مدينة تعز هبّةً شعبية جديدة، بدأت من شارع جمال، وارتفعت أصواتها من قلب المدينة المُنهكة، تطالب بأبسط الحقوق: كهرباء، ماء، وخبز لا يُثقل الجيوب. المسيرة التي خرجت تحت لهيب الشمس، لم تكن إلا صورة مصغّرة لحال مدنٍ يمنية كثيرة، تتجرع ويلات الفساد والغلاء، في ظل صمت حكومي لا تبرره أي أزمة – سوى أزمة الضمير.
ما الذي يحدث حين يتعافى الريال اليمني بنسبة 50%، لكن أسعار السكر والدقيق لا تنخفض إلا بنسبة 20% أو أقل؟ الإجابة ليست معقدة، بل فاضحة: التواطؤ. التواطؤ بين قوى مالية متغولة، وسلطة تكتفي بالفرجة، وربما ترضى بنصيبها من الكعكة.
في حضرموت، لم يكن مشهد إحراق مستودع تابع لمجموعة شركات هائل سعيد أنعم، حدثًا عابرًا، بل نتيجة طبيعية لانفجار غضب ظل يتراكم في صدور الناس. فهذه المجموعة – التي لطالما تباهت بوطنيتها – باتت اليوم متهمة من قبل الشارع اليمني بأنها "تتحكم" بالسوق، وترفض خفض الأسعار رغم قدرتها على ذلك، بل ويُتهم أحد كبار رجالها بالتصريح علنًا بأنه بإمكانهم خفض الدولار إلى 1000 أو حتى 500 ريال. أليس هذا اعترافًا ضمنيًا بأن الاقتصاد صار رهينة؟ وبأن السوق لم يعد محكومًا بالعرض والطلب، بل بمصالح تجارية ضيقة لا ترى في المواطن سوى مستهلك مضطر؟
أما في تعز، فالمأساة تتضاعف. المدينة التي صمدت في وجه الحرب والحصار، تعاني اليوم من شبح آخر: الموت البطيء بسبب الغلاء وشحّ الخدمات. لا ماء، لا كهرباء، ولا أفق لتحسن قريب. ورغم التحسن الطفيف في صرف العملة، فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تحرق الجيوب، بينما يتبادل المسؤولون المحليون الاتهامات، أو يغطّون في نوم عميق.
الغريب أن بعض الشركات الكبيرة، رغم تعافي الريال، ترفض مراجعة تسعيراتها، وكأنها تعمل في اقتصاد موازٍ. في المقابل، المواطن العادي – الذي لا يعرف شيئًا عن العقود والمناقصات والتسهيلات الجمركية – يعرف فقط أنه لم يعد قادرًا على شراء كيلو سكر إلا إذا اقتطع من حاجات أطفاله الأخرى.
والأكثر فداحة أن الجهات الرقابية، التي يُفترض أن تضبط السوق وتحمي الناس، غائبة، أو مغيبة، أو متواطئة، أو كل ذلك معًا. من يتحمل مسؤولية هذا الانهيار الأخلاقي قبل أن يكون اقتصاديًا؟ ومن يجرؤ على أن يقول لـ"كبار السوق": كفى؟
المتظاهرون في تعز، وحضرموت، والضالع، وكل المحافظات المحررة، لا يطلبون المستحيل. هم فقط يريدون أن يكون لتحسن العملة معنى في أسواق الخبز والزيت والأرز. يريدون دولة تفعل شيئًا حين تحتكر مجموعة تجارية سلعة أساسية، أو ترفض الخضوع لقواعد السوق.
بصراحة، لا أحد يطالب الحكومة بصنع المعجزات، بل فقط أن تفي بواجبها: أن تراقب، أن تحاسب، أن تُعيد الاعتبار للوظيفة العامة، وأن تكفّ يد من يعبث بقوت الناس.
فالمواطن، حين يصرخ في وجه الغلاء، لا يهدد استقرار الدولة، بل يدافع عنها.
خاتمة:
إن لم يكن للريال المتعافي أثر في طعام الفقير، فما جدوى كل هذا الحديث عن الإصلاح الاقتصادي؟
وإن لم يكن في يد الدولة ما تردع به جشع التجار، فما الذي تبقّى منها أصلًا؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
شهدت أسواق الصرف في اليمن، اليوم الخميس 7 أغسطس 2025، تحركاً لافتاً ومفاجئاً في أسعار العملات الأجنب
في ظل تقلبات اقتصادية محلية وإقليمية، يواصل الريال اليمني تسجيل أداء مستقر وملحوظ في مناطق سيطرة ا
أصدرت نقابة الصرافين الجنوبيين بيانا وضعت فيه النقاط على الحروف وكشفت فيه الكثير من المعلومات حول ال
حول سياسي واقتصادي كبير مرتقب في اليمن ومركزي عدن على موعد مع مليارات الدولارات المجمدة
أسعار صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي في صنعاء وعدن
نشر معالي المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية، مقطعًا موس
في حادثة مأساوية هزت مشاعر سكان مديرية عبس بمحافظة حجة شمال غرب اليمن، توفي أربعة أشقاء جراء تعرضهم