أحمد علي عبدالله صالح ... الذي لم يتكلم كثيرًا،وتخشاه الفوضى ويطلبه الوطن
قبل 3 دقيقة
في زمنٍ تهرّأت فيه المعايير، وتكسّرت فيه الدولة على صخور المليشيات، واعتلى المشهد من لا رصيد لهم سوى الصراخ، يظل أحمد علي عبدالله صالح الرقم الذي لا يُمكن تجاوزه. لا لأنه كما يدعي خصومة يملك المال أو القوة، بل لأنه يحمل في داخله ما بات نادرًا في اليمن: مشروع دولة.
لم يسعَ الرجل إلى صدارة الشاشات، ولم يدخل سباق الولاءات، ولم يورّط نفسه في صفقات الدم. كان بإمكانه أن يركب موجة الفوضى ويعتلي منابر الخراب، لكنه اختار الصمت. والصمت عند الكبار موقف، وعند القادة الحقيقيين لغة أثقل من ألف خطاب.
الحكم الذي أصدرته ميليشيا الحوثي الإرهابية بإعدامه، ليس أكثر من محاولة مرتجفة لاغتيال بديل وطني يولد من رحم الوعي الجمعي لليمنيين. لم يُحاكموه كفرد، بل كرمز. أرادوا قتله قانونًا، لأنهم لا يستطيعون مجاراته وطنيًا، ولا يستطيعون احتواءه سياسيًا. فالرجل يمثّل تهديدًا لمشروعهم الفارسي ليس بالسلاح، بل بما يمثله من خيار يُخيف الطائفيين: اليمن الجمهوري الجامع.
في داخل حزب المؤتمر، هو الامتداد العاقل، وفي عيون المواطنين هو التجسيد لفكرة التوازن الممكن. لم يكن طارئًا على السياسة، لكنه أيضًا لم يكن نسخة مكررة من أحد. شقّ لنفسه طريقًا يعرفه الشعب، طريق الدولة، لا المليشيا... طريق الوطن، لا الجهة.
ما لا تفهمه الميليشيا، أو تتجاهله عمدًا، هو أن الزعامة لا تُفصّل بمقاس البنادق، ولا تُصنع على منصات التخوين. الزعامة تُولد حين تضيق الخيارات، ويختلط الباطل بالضجيج. وحين يُعاد السؤال الأكبر: من البديل؟ يظهر أحمد علي في الإجابة دون أن يطلب، لأنه ببساطة
مطلوب
.
إنهم لا يخافون أحمد علي عبدالله صالح بشخصه، بل من رمزيته، من قدرته على تجميع المتفرق، وطرح بديل سياسي يخرج من عنق الزجاجة لا عبر الألغام، بل عبر الحكمة. وهذا أخطر ما يمكن أن يواجه مشروعًا مغلقًا لا يعيش إلا في الفراغ.
الحكم الحوثي، مهما حاول أن يبدو صارمًا، ليس إلا إعلان فزع. وهو لا يُضعف من صدر بحقه، بل يكشف قلق من أصدره. قلق من أن البديل موجود، ومن أن ثقة الناس لم تذهب بعيدًا، بل تنتظر التوقيت.
في بلدٍ سقط فيه كل شيء تقريبًا، يبقى الرهان على من لم يسقط، على من بقي ثابتًا حين اهتزّت الأرض، على من لم يطلب الزعامة لكنه استحقها.
أحمد علي عبدالله صالح ليس مرشحًا لحكم طارئ، بل رقم صلب في معادلة لا تستقر إلا على مشروع وطني جامع. الحكم عليه بالإعدام؟ لا بأس. فبعض الأحكام لا تقتل، بل تكشف من لا يحتمل الحياة في ظل وطن يعيش فيه الجميع.
لكن الحقيقة الأوضح، والتي لا تجرؤ ميليشيا الحوثي على التصريح بها، أن هذا الحكم الجائر لا يهدف فقط إلى إقصاء أحمد علي عبدالله صالح كشخص، بل إلى إخراجه من أي تسويات سياسية قادمة أو استحقاقات وطنية محتملة. هم يعرفون – وربما أكثر من غيرهم – أن هذا الرجل يُمثّل تهديدًا وجوديًا لمشروعهم الطائفي والمناطقي، لأنه الرجل الوحيد القادر فعليًا على كسر معادلة الانفصال، وتفكيك البنية السلالية، وقطع أوصال العنصرية التي تغلغلت في مفاصل الدولة اليمنية المختطفة.
لا يخافون من خطابه، بل من أثره. لا يقلقهم منصبه، بل ما يمثله من إجماع صامت في الشارع اليمني، من حضرموت إلى صعدة. يعرفون أنه يمتلك المفاتيح التي لم تعد بحوزة أحد، وأنه الأقدر على لجم المشاريع الصغيرة التي مزقت الجغرافيا اليمنية، ومواجهة المخططات الإيرانية التي حولت اليمن إلى ساحة وكلاء لا قرار لهم.
إن إقصاء أحمد علي عبدالله صالح من المشهد السياسي ليس قرارًا حوثيًا بقدر ما هو مخطط إقليمي مفضوح، تقف خلفه رغبة طهران في إبقاء اليمن حبيسة الفوضى والضعف والتبعية. لأنه بمجرد أن تعود الرموز الوطنية القوية إلى طاولة القرار، تسقط مشاريع الخارج، وتُغلق منافذ التسلل الإيراني إلى عمق الجزيرة العربية.
ولذلك، لم يكن الحكم عليه إعلان خصومة، بل إعلان عجز. عجز عن مواجهته سياسيًا، وعجز عن تحجيمه شعبيًا، وعجز عن تحييده وطنيًا. فهم يدركون أن الرجل الذي لم ينكسر رغم كل شيء، هو الوحيد القادر على أن يُعيد لليمن جمهوريتها، ووحدتها، وهويتها التي حاولوا اغتيالها بكل وسيلة ممكنة.
ومن هنا، فإن أي محاولة لإخراجه من المشهد، ليست سوى تأجيل مؤقت لحقيقة قادمة لا مفر منها: أن البديل الوطني موجود، والرقم الصعب لم يُكسر، وأن صوت الدولة سيعلو من جديد مهما طال زمن المليشيا.
بأختصار ..
أصدر الحوثيون حكمًا غيابيًا بإعدام أحمد علي عبدالله صالح ليس لأنه ارتكب جريمة، بل لأنه يمثّل خطرًا سياسيًا حقيقيًا على مشروعهم السلالي و الطائفي.
فالرجل يمتلك شرعية اجتماعية وشعبية، وعلاقات إقليمية ودولية، ورصيدًا نقيًا وطنيا، وقابلية لتوحيد اليمنيين خلف مشروع وطني جامع، لا طائفي. وجوده في أي تسوية سياسية مقبلة يُربك المليشيا، ويهدد نفوذ إيران في اليمن. الحكم محاولة مبكرة لإقصائه من المشهد وهذا لن يحدث، وقطع الطريق على إعادة توازن المؤتمر الشعبي العام. لكنه أيضًا رسالة تهديد لكل من يفكر بالخروج من العباءة الحوثية الايرانية. في النهاية، لم يكن الحكم قانونًا، بل إعلان خوفٍ من رجل قد يعيد الدولة من ركامها ومشروع قومي عربي ضد التمدد الايراني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
في خطوة مفاجئة تعكس تغيّرًا في الحسابات الإقليمية، قررت السعودية والإمارات استبعاد أحمد علي عبدالل
كشفت مصادر سياسية مطلعة عن وصول القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، مدين علي عبدالله صالح، إلى محاف
أعلنت شرطة البساتين بالعاصمة عدن، مساء اليوم الثلاثاء، تفاصيل جريمة بشعة راح ضحيتها طفل في الـ14 من
كشفت مصادر وثيقة الاطلاع في القطاع المصرفي عن ترتيبات جارية على أعلى المستويات لتوريد أكثر من مليار
أُفرج مساء أمس الثلاثاء عن العميد محمد عمر اليميني، أركان حرب المنطقة العسكرية الثانية، بعد أربعة أش