اليوم السابع – عدن:

فضح عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي رئيس الاتحاد المدني لمكافحة الفساد فادي حسن باعوم، لاول مرة جرائم نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح في الجنوب، عقب اجتياحه والسيطرة عليه ونهبه في حرب صيف 1994م.

صدر هذا في تصريح لباعوم، كشف فيه عن تعرض منزل والده المناضل حسن باعوم، في العاصمة عدن، للنهب من قيادي مقرب من علي صالح.

وقال باعوم: "لي تجربة شخصية لا تُنسى مع ناهبي الأراضي والعقارات... ولا أرويها اليوم من باب الذكرى، بل كجزء من معركة مستمرة ضد ثقافة مريضة، جعلت من النهب سلطة، ومن اللص منصبًا، ومن الباطل حقًّا يُفرض بالقوة".

مضيفاً في تغريدة على منصة "إكس": "في عام 1994، وبعد اجتياح الجنوب، اقتحم المدعو غازي أحمد لحول المصعبي شقة والدي، الزعيم الجنوبي حسن باعوم، في مدينة عدن".

وتابع: "اقتحم هذا (الغازي) بيت رجل عُرف بنظافة اليد، وعفة اللسان، وكرم الخُلق… رجل لم يكن يومًا إلا في صف المظلومين، صوتًا للحق، وسندًا للناس. وكان هذا الاقتحام أحد أوجه الانتقام السياسي الذي مارسه نظام 7 يوليو بهدف إذلاله والنيل منه".

مستطرداً: "لكن الاقتحام لم يكن مجرد استيلاء على جدران، بل انتهاكٌ للكرامة والإنسانية. فقد كان في الشقة آنذاك جدي، عم والدي، رجل مسن ومريض، أُخرج بالقوة، دون أي اعتبار لسنّه، أو حالته الصحية، أو لأي حرمة أخلاقية أو عرف قبلي!".

موضحاً أن "تلك الشقة لم تكن منحة ولا هدية، بل تعويض رسمي عن البيت الذي نُهب في خور مكسر بعد أحداث 1986، وتم استلامه رسميًا بعد عام 1990 ضمن المشروع السعودي في المعلا.. لكن في بلد يُكافأ فيه اللص، حتى (التعويض) يُنهب. ومع اجتياح عدن، سقط كل شيء: البيت، والحق، والقانون".

مؤكداً أنه "سعى بكل الوسائل القانونية لاستعادة الشقة. وبعد جهد جهيد ومتابعات مرهقة وخسائر كبيرة، استطاع انتزاع موعد رسمي لتسليم الشقة عبر شرطة المعلا، لإعادة الحق لأصحابه".

مردفاً: "لكننا فوجئنا بمحافظ أبين أنذاك أحمد لحول المصعبي – والد غازي – يقتحم قسم الشرطة بنفسه، مصطحبًا حراسته التي حاولت اعتقالي، لولا موقف شجاع من بعض أفراد شرطة المعلا من أبناء أبين، الذين تمترسوا معي دفاعًا عن العدالة. ولولاهم، لكنت اليوم أروي لكم تجربة سجنٍ بدلاً من سرد قضية حق".

مبيناً أن "غازي لم يكتفِ بالاستيلاء على الشقة، بل لجأ إلى عمه، رئيس هيئة أراضي الدولة آنذاك، فقام بتسجيل ملكيتها باسمه، وكأنها إرث شرعي لا غنيمة مغتصبة. ثم باعها لاحقًا".

مضيفاً: "نعم، باع البيت، وانتقل ملكه إلى شخص لا ذنب له، وأصبحنا اليوم لا نملك حتى الحق في استعادته. المشتري محمي بالقانون، والناهب محمي بالنفوذ وثقافة اللصوص، وبيت والدي لا يزال ضائعًا حتى اليوم!".

وكشف باعوم، عن تآمر ضباط جنوبيين مع غازي الأحول، في نهب المنزل، بالقول: "أما مدير أمن عدن آنذاك، محمد صالح طريق، فكنت أتردد عليه باستمرار، أحمل ملفًا واضحًا، وحقًا لا يحتاج إلى شرح. لكنني لم أجد منه سوى التسويف والمماطلة، وكان دائم التهكم على موقفي، يردد بلا خجل: "أنتم انفصاليون... وأين أبوك؟.. يتحدث وكأن الدفاع عن بيت العائلة جريمة، والمطالبة بالحق عبث!".

وتابع: "ورغم كل ذلك، لم تتوقف المكافآت: غازي كوفئ على فعلته، فتدرج في الترقيات حتى أصبح مديرًا لأمن عدن، حيث نكّل بالثوار وارتكب انتهاكات يشهد بها كثيرون، ثم أصبح وزيرًا في حكومة الحوثيين، ولا يزال أحد رموز سلطتهم حتى اليوم. أما مدير الأمن المتواطئ، فقد أصبح سفيرًا لليمن في تركيا!".

وزاد: " ما جرى ليس حادثة فردية… بل منهج متكامل من الفساد المحمي. حيث تتحوّل الجريمة إلى وظيفة، والنهب إلى مسار مهني، واللص إلى "باسط" تحميه الدولة، ويُلمّع في الإعلام، ويُكافأ في المناصب".

مؤكداً "تحول جريمة اقتحام ونهب البيوت والأراضي إلى ثقافة راسخة، تتستر عليها السلطة، وتغضّ عنها الأبصار".

واختتم باعوم بالقول: "كفى. لقد آن الأوان لتسمية الأمور بمسمياتها: اللص ليس "باسطًا"، والبيت المسروق ليس "حق حفاظة"، وتلك الجرائم لا يُسقطها الزمن، ولا يُغطيها الصمت. يجب فضح كل من نهب منذ 1994 وحتى اليوم. فما لم نواجههم بالحقيقة، سيظلّ السرطان يأكل ما تبقّى من عدن… ومن كرامتنا".