أحدثت التغطية الإعلامية الواسعة لقضية محمد الزايدي صدمة مدوّية داخل أوساط الرأي العام، حيث تحوّل اسمه إلى محور الحديث في الصحف والمنصات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي، عقب نشر تقارير موسّعة وثّقت نشاطه الطويل في خدمة الجماعة الحوثية، وتحريضه العلني على العنف، والتغرير بالشباب والزجّ بهم إلى جبهات القتال.

وقد تداولت وسائل الإعلام مقاطع مصورة تُظهر خطابات الزايدي وهو يدعو للقتال، ويحشد باسم العقيدة والدين، مستندًا إلى خطاب تعبوي طائفي كان له دور بارز في إطالة أمد الصراع وتكريس الانقسام.

ولم تقتصر التغطية على نشاط الزايدي الحاضر، بل امتدت إلى ماضي أسرته، حيث أُعيد فتح ملفات تاريخية تُظهر تورط والده في أنشطة معادية لثورة 26 سبتمبر، من خلال التآمر واغتيال رموزها ونصب الكمائن ضد قياداتها الوطنية.

هذه الاستعادة التاريخية عمّقت من إدراك الناس لطبيعة المشروع الذي ينتمي إليه الزايدي، وجعلت من مسألة محاسبته أمرًا لا يقبل التأجيل. وقد لعب هذا الزخم الإعلامي دورًا حاسمًا في تعزيز ثقة الشارع بدور الأجهزة الأمنية، وأخرس محاولات تبرير فراره أو التماس العذر له بدواعٍ إنسانية أو اجتماعية.

وبالفعل، تمكّنت الأجهزة الأمنية من القبض على محمد الزايدي برفقة هشام شرف أثناء محاولتهما التسلل سرًا عبر منفذ صرفيت الحدودي باتجاه سلطنة عُمان.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن عملية الرصد والمتابعة بدأت قبل أيام، بعد ورود معلومات استخباراتية عن نية بعض القيادات الحوثية مغادرة مناطق سيطرة الجماعة، خوفًا من الملاحقة أو تصاعد الخلافات الداخلية.

ما كشفته حادثة الزايدي لم يكن مجرد عملية ضبط لقيادي ميداني، بل جاء كجزء من مشهد أشمل يعكس حالة التفكك المتسارعة في صفوف الحوثيين. فالمعلومات المتواترة تشير إلى تصاعد عمليات الهروب الفردي والجماعي من داخل الجماعة، بعضها يتم بصمت ودون ضجيج، عبر الطرق الجبلية أو الحدودية، فيما يُضبط البعض الآخر في ظروف تكشف هشاشة بنيتهم القيادية وفقدانهم السيطرة حتى على أبسط الأمور التنظيمية.

وتأتي هذه التطورات في لحظة مفصلية تشهد فيها الجماعة الحوثية ضغوطًا متزايدة داخليًا وخارجيًا، واحتقانًا في الشارع الخاضع لسيطرتها، وسط تساؤلات كبيرة عن مصير المشروع الحوثي بعد أن بدأ قادته يفرّون من المشهد تاركين خلفهم جيلاً من الضحايا، وشعبًا مثقلًا بالحرب والتضليل والانهيار.