في مشهد يعكس تدهور القيم الإنسانية واستغلال حاجة البسطاء، فجّر مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا في العاصمة صنعاء، والذي تُديره مليشيا الحوثي عبر ما يُعرف بـ”الحارس القضائي”، موجة غضب واسعة بعد إعلانه بيع ممتلكات مرهونة لمئات المرضى، غالبيتهم من الفقراء، مقابل تغطية ما تبقى من تكاليف العلاج.

الإعلان الذي نُشر عبر صحيفة “الثورة” الرسمية الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، تضمّن قوائم مفصلة بأسماء أكثر من مئة شخص، إلى جانب محتويات دقيقة للرهونات، والتي شملت مصوغات ذهبية وأسلحة شخصية وحتى سيارات خاصة.

ووفق الإعلان، فإن المستشفى يمنح أصحاب هذه الممتلكات مهلة لا تتجاوز ثلاثة أيام لسداد المستحقات، قبل الشروع في عملية البيع خلال أسبوع.

مصادر مطلعة كشفت أن غالبية المتضررين هم من ذوي الدخل المحدود، اضطروا لرهن ما يمتلكونه لإنقاذ حياة أقاربهم، في ظل انعدام خدمات الرعاية الصحية المجانية، وتوقف مرتبات موظفي الدولة منذ سنوات، ما حوّل المستشفيات من مؤسسات إنسانية إلى أدوات قسرية لتحصيل الأموال.

الخطوة قوبلت بإدانات واسعة من حقوقيين ونشطاء، وصفوها بـ”الجريمة الأخلاقية والإنسانية”، محذرين من خطورة استمرار هذه الممارسات التي تكرّس سياسة النهب المنظّم لمعاناة المواطنين.

وأشاروا إلى أن حالات سابقة شهدت احتجاز جثث موتى ومنع دفنها حتى سداد ما على ذويهم من مستحقات.

ويخضع مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا منذ أعوام لسيطرة الحارس القضائي المعيّن من مليشيا الحوثي، وذلك ضمن سلسلة من عمليات الاستحواذ على مؤسسات تعليمية وصحية وتجارية، بحجة انتماء مالكيها أو إداراتها للشرعية، في ما يعتبره مراقبون سياسة ممنهجة لتجفيف مصادر الدخل الخاص وتحويلها إلى أدوات تمويل للمجهود الحربي للمليشيات.

وفي ظل هذا الانهيار، تساءل ناشطون عن دور هيئة الزكاة التابعة لمليشيا الحوثي، والتي تجمع المليارات سنويًا باسم دعم الفقراء، متهمين إياها بالتقاعس عن أداء مسؤولياتها، والاكتفاء بالتحصيل دون أي تدخل يُخفف من معاناة المرضى والمحتاجين.