في تسجيل فيديو يُعد صدمة سياسية وأمنية، ظهر قائد لواء النقل العام التابع للحماية الرئاسية، والمصنف كأحد أبرز المطلوبين لدى أمن عدن، العميد أمجد خالد... ظهر يوم عيد الأضحى يهدد ويتوعد قيادة حزب الإصلاح بـ"نشر الغسيل" وكشف ما وصفها بـ"التفاهمات"، في خطوة بدت كمحاولة لكسر الصمت المفروض على ملفات غامضة تتعلق بأجندات سرية تورّط أطرافا بحماية ودعم عناصر مصنفة على قوائم الإرهاب، وتهديد أمن العاصمة عدن بشكل ممنهج ومباشر.
الخطاب الذي بُثّ اليوم الجمعة، لم يكن مجرد تنفيس عن غضب أو ردّ فعل على "كمين" واعتقال سابق، بل بدا كمحاولة "ذكية/ خبيثة" لخلط الأوراق، عبر توجيه رسائل مبطنة وصريحة في آن واحد: أولًا إلى قيادات الإصلاح التي يزعم أمجد أنه يمتلك "توثيقات" لتفاهمات معها؛ وثانيًا إلى خصوم الحزب في الجنوب كتحالفاته الأمنية والعسكرية.
دوافع الظهور المفاجئ:
الخطاب يمثل تحركًا دفاعيًا هجوميًا بعد سلسلة أحداث أهمها:
اعتقال أمجد خالد في فبراير الماضي من قبل قوات الجبولي – حليف حزب الإصلاح – ثم إطلاق سراحه بضغط من داخل الحزب ذاته.
مداهمة منزله ومقراته لاحقًا من ذات المحور الذي كان يفترض أنه مأوى له، في خطوة اعتبرها "خيانة" داخلية.
تراكم ملفات الاتهام ضده، داخليًا وخارجيًا، مما جعله في موقع فقدان الغطاء السياسي.
هذه التطورات دفعت أمجد لإطلاق آخر أوراقه: التهديد بالفضح، مستندًا إلى اعترافات غير مباشرة بضلوع حزب الإصلاح في دعم وتمويل أو غض الطرف عن نشاطاته، بما في ذلك تهريب العبوات الناسفة وتنسيق عمليات إرهابية داخل عدن.
تفاهمات تحت الطاولة
مما ورد في الخطاب تأكيد أمجد خالد أنه يملك أدلة على تفاهمات مباشرة مع قيادات إصلاحية كبيرة وصغيرة، تشمل التنقل والتمركز والتغطية على تحركاته، بل واطلاع الحزب على محتوى السيارات والمعدات الموجودة في منزله قبل مداهمته. وهذا يكشف عن وجود تنسيق أمني واستخباراتي سري بين أطراف في الإصلاح وأمجد خالد، بما قد يورّط الحزب وأطرافا أخرى قانونيًا وأخلاقيًا، خصوصًا في ظل مزاعم تورطه في عمليات اغتيال لقيادات عسكرية وأمنية جنوبية.
اعترافات خطيرة
الخطاب بمثابة بلاغ اعتراف سياسي مبطن بأن أمجد خالد كان يُدار أو يُغطّى أمنياً من قبل قيادة داخل حزب الإصلاح.
يشير إلى أن معسكرات رسمية تتبع محور الإصلاح في تعز، كانت تشكل ملاذًا آمنًا لنشاط إرهابي منظم يستهدف عدن.
تهديده بنشر معلومات وتسجيلات، يعكس خطورة امتلاكه أرشيفًا استخباراتيًا حسّاسا، قد يتضمن خيوطًا تؤدي إلى كشف خلايا نائمة أو داعمة في مؤسسات رسمية.
ماوراء الخطاب:
من زاوية تحليلية عميقة، تتجاوز الإطار الإخباري المعتاد، يمكن تفكيك هذا الخطاب كمحطة كاشفة لاختلالات معقدة في بنية الصراع اليمني، وتحديدًا في العلاقة بين الفصائل المحسوبة على "الشرعية" من جهة، وتقاطعات التنظيمات الحزبية والعسكرية والأمنية من جهة أخرى، وخاصة ما يتعلق بحزب الإصلاح "جناح الإخوان المسلمين في اليمن".
في السطور التالية قراءة موسعة للخطاب، تقارب جوانبه من خلال أربع مستويات تحليلية متداخلة: سوسيولوجي – سياسي – أمني/استخباراتي – اتصالي/نفسي:
أولًا: المستوى السوسيولوجي والسياسي – خطاب مأزوم في نظام مأزوم
1. تفكك الولاءات وتآكل الشرعيات داخل معسكر "الشرعية":
خطاب أمجد خالد يمثل نموذجًا صريحًا عن تمرد داخلي، ليس فقط على شخصيات بعينها مثل الجبولي أو الوهباني، بل على النموذج الفوقي للتنظيم السياسي – العسكري لحزب الإصلاح. ويكشف أن أدوات الحزب في الأرض – خاصة في تعز – لم تعد تقبل العمل كقطع شطرنج بدون حماية أو مقابل.
بحسب هذا الخطاب، حزب الإصلاح لم يعد يمتلك السيطرة الكاملة على أدواته، بل أصبح تحت رحمة "ملفات" وأدلة يمتلكها عناصر كانوا ينفذون أجندته، ما يعكس تحولًا من الولاء التنظيمي إلى الولاء النَفعي، وهو أمر خطير في بيئة الصراع، إذ تنتقل الأدوات بسهولة إلى الضفة المعادية إذا فقدت الغطاء أو الأمان.
2. تحلل صورة "المقدس التنظيمي":
خاطب أمجد خالد حزب الإصلاح بأسلوب الأبناء المعاتبين، وقال: "نحن عندنا عهود واتفاقات من الكبير إلى الصغير"، مؤكدًا أنه لم يكن يعمل خارج غطاء الحزب، وهذا يعني ضمنًا:
أن ما كان يعتبر سرًا تنظيمياً أصبح قابلًا للفضح.
أن "الهيبة" التنظيمية انكسرت، لا سيما حين يقول "الغسيل بينتشر".
أن السقف التنظيمي الأخلاقي سقط، إذ تحوّل الحزب من مظلة حماية إلى طرف طارد وناقض للعهود – من وجهة نظره.
ثانيًا: المستوى الأمني والاستخباراتي – خطاب تهديد مخابراتي بامتياز
1. الخطاب كعملية ضغط تكتيكية:
أخطر ما في خطاب أمجد ليس ما قاله، بل ما لم يقله بعد. لقد استخدم صيغة التهديد الاستخباراتي الكلاسيكي:
"لدينا توثيقات وتسجيلات ولقاءات وتفاهمات"... ثم ترك التفاصيل معلقة، وهذه الصيغة معروفة في عالم الاستخبارات وتسمى "التهديد غير المكتمل"، أي أن المرسل لا يفضح المعلومات فعليًا، بل يلوّح بامتلاكها لابتزاز الطرف الآخر ودفعه للتراجع دون خسارة الورقة.
والمعنى هنا: أمجد يحتمي بهذه الورقة لأنه فقد الحصانة التنظيمية والعسكرية، وهو الآن يناور بنفس السلاح الذي سلّمه له الحزب يومًا ما.
2. كشف عن شبكة دعم لوجستي واستخباراتي:
حين يتحدث الرجل عن معرفة الإصلاح بكل شيء – حتى محتوى "حوش المنزل" – فإننا أمام اعتراف ضمني بوجود خط مراقبة متبادل، أو علاقة تبادل معلومات، وليس مجرد علاقة سياسية.
وبين السطور، هناك:
إشارات إلى غرف عمليات مشتركة.
استخدام التربة كـ"منصة آمنة" للعبوات والخلايا.
تورّط ضباط ووسطاء داخل المعسكرات والإدارات الأمنية.
ثالثًا: المستوى الاتصالي والنفسي – خطبة التهديد المحسوبة بدقة
1. الخطاب لم يُوجَّه إلى حزب الإصلاح فقط:
رغم أن الرسالة كانت ظاهرًا موجهة لقيادة حزب الإصلاح، إلا أن مضمونها يتضمن رسائل خفية إلى:
الجهات الأمنية في عدن: مفادها أن ما يجري ضد أمجد لا يمكن فصله عن دور الإصلاح، وأن أي إجراءات قادمة قد تفتح أبواب فضائح.
الرأي العام في تعز والجنوب: لإعادة تبرير وجوده وشيطنه خصومه.
الخارج الإقليمي والدولي: بإظهار أن الإرهاب له حاضنة حزبية داخل "الشرعية".
2. استخدام الذكاء العاطفي في التوقيت والأسلوب:
الظهور في عيد الأضحى لم يكن عفويًا، بل مقصودًا لخلق حالة تعاطف وصدمة في آن:
العيد وقت فرح يحوّله إلى خطاب ألم وظلم.
اللعب على الرمزية الدينية والبراءة أمام الله.
تبني نغمة الاستجداء المغلف بالتهديد.
إن خطاب أمجد خالد هو انفجار علني لخلافات الجماعة الواحدة، أي حزب الإصلاح الذي يواجه اليوم:
احتراق أدواته في الجبهات.
تراجع الدعم الإقليمي والدولي.
تصدع نفوذه في تعز مع تنامي نفوذ أطراف محلية غير خاضعة للسيطرة الكلية.
الخطاب ينبغي التعامل معه باعتباره فرصة استخباراتية، لا مجرد مادة إعلامية. إذ يمكن استغلاله لتفكيك:
شبكات الدعم اللوجستي للخلايا الإرهابية.
الروابط بين القيادات العسكرية الإصلاحية وبين العناصر المنفذة.
نقاط الضعف في تموضع الإصلاح داخل المؤسسات الشرعية.
خلاصة
خطاب أمجد خالد لا يمكن فهمه كمجرد تصفية حسابات شخصية، بل هو تسريب استخباراتي محسوب، وإشهار مبكر لوثائق ابتزاز سياسي ضد حزب بات يعيش أزمة ثقة داخلية وخارجية.. خطاب بمثابة صفارة انذار تبشر بانفجار قادم في المشهد اليمني، وتحديدًا في معسكر "الشرعية المهترئة"، حيث تتصارع القوى لا على المبادئ بل على الحصص، والخنادق، وأحيانًا... على من يكشف أسرار من أولًا.
#وهيب_الحاجب
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
في مدينة تقف عند حافة البحر والتاريخ، تندفع عدن اليوم نحو مصير مقلق، تحكمه فوضى التخطيط وتجاهل القو
كشفت مصادر اسباب اندلاع الاشتباكات في مأربوبحسب مصادر فان الاشتباكات اندلعت بسبب ان قبائل وادي عبيده
قال الخبير الاقتصادي ماجد الداعري:مع تزايد التحويلات المالية بالأعياد والمناسبات الدينية ينصح
شاركت الناشطة السياسية ألفت الدبعي في مراسم صلاة عيد الأضحى المبارك التي أقيمت في قصر معاشيق بالعاصم
بأكثر من 8 لغات..شاب يمني يثير الإعجاب بتفوقه في الترجمة وخدمته للحجاج ويجذب انظار العالم!
أنجبت منه عددًا من الأبناء... مستشار قانوني يروي قصة هروب عاملة منزلية تكشف عن علاقة محرّمة بين ربة
أعربت الحكومة اليمنية عن صدمتها العميقة وقلقها البالغ إزاء القرار المفاجئ الذي اتخذته الإدارة الأمري