كشف تقرير اقتصادي حديث أن الريال اليمني واصل تدهوره الحاد خلال العام 2024، متجاوزًا حاجز 2000 ريال مقابل الدولار الأمريكي، في ظل تفاقم الانقسامات المالية والمصرفية واستمرار الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

جاء ذلك في التقرير السنوي الصادر، يوم الإثنين، عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، والذي أُطلق خلال ندوة افتراضية نظمها المركز عبر تطبيق "زوم"، بمشاركة نخبة من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص.

وسلط التقرير، الصادر عن وحدة الرصد والدراسات الاقتصادية بالمركز، الضوء على أبرز التحولات الاقتصادية التي شهدها اليمن خلال العام الماضي، مشيرًا إلى أن الاقتصاد اليمني يمر بمرحلة حرجة اتسمت بتدهور غير مسبوق في قيمة العملة الوطنية، وانقسامات عميقة في القطاع المصرفي بين مناطق سيطرة الحكومة ومناطق سيطرة الحوثيين.

وأشار التقرير إلى تصاعد العقوبات الأمريكية المفروضة على جماعة الحوثيين والكيانات المرتبطة بها، والتي فاقمت من التحديات المالية، إلى جانب الانتهاكات المتواصلة التي يتعرض لها القطاع الخاص في مختلف المناطق، ما ساهم في تآكل بيئة الأعمال وزيادة الأعباء على المستثمرين ورواد الأعمال.

وقال رئيس المركز، مصطفى نصر، في كلمته خلال الندوة، إن إعداد التقرير واجه تحديات كبيرة بسبب صعوبة الوصول إلى مصادر المعلومات في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية المعقدة، إلا أن الفريق تمكن من إنتاج تقرير شامل يغطي أبرز القضايا الاقتصادية في اليمن.

ووصف مدير الغرفة التجارية في تعز، مفيد عبده سيف، التقرير بأنه توثيق مهني لانتهاكات القطاع الخاص، منتقدًا تقاعس الجهات الحكومية عن الاستجابة لمطالب هذا القطاع الذي وصفه بـ"الضحية الأولى للبيروقراطية والفساد".

من جانبها، وصفت رئيسة مجلس سيدات الأعمال، الدكتورة فوزية ناشر، التقرير بـ"الإنجاز في ظل انعدام الشفافية الرسمية"، مؤكدة أنه يمثل دعوة للتحرك العاجل لوقف الانهيار الاقتصادي وحماية القطاع الخاص من الانتهاكات المستمرة.

ورأى الباحث في المجال الاقتصادي الدكتور هشام الصرمي أن التقرير يُعد من بين الأهم على مستوى التقارير الاقتصادية غير الرسمية، نظرًا لاعتماده على بيانات ميدانية ومقارنة دقيقة مع مؤشرات الاقتصاد الكلي.

كما أشاد المدير التنفيذي لغرفة تجارة ساحل حضرموت، مجدي بوعابس، بما ورد في التقرير، مشيدًا بالمركز على "استمراره في رسم سياسات اقتصادية تساهم في تجاوز التحديات التي تواجه الاقتصاد اليمني، والقطاع الخاص على وجه الخصوص".

من جهته، نبه عضو مجلس النواب والمدير التنفيذي لمنظمة "برلمانيون ضد الفساد"، الدكتور عبدالمعز دبوان، إلى خطورة انعكاسات هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر، وتأثيرها على ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وبالتالي على أسعار السلع الأساسية في السوق المحلية، مشيدًا بما ورد في التقرير من تحليل عميق للسياسة النقدية وتراجع المساعدات الدولية.

واختتمت الندوة بعدد من المداخلات التي عبّرت عن استيائها من استمرار التدهور الاقتصادي، وغياب المعالجات الحكومية الجذرية، مؤكدةً أن ما ورد في التقرير يعكس حالة العجز المستفحلة في مؤسسات الدولة، وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني، واستقرار العملة، وأداء القطاع الخاص.

ويعد مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي منظمة مجتمع مدني غير ربحية، تُعنى بتعزيز الوعي الاقتصادي، والشفافية، ومشاركة المواطنين في صنع القرار، إلى جانب تمكين الشباب والنساء اقتصاديًا، وتعزيز دورهم في عملية بناء السلام.