شنت الطائرات الحربية الأمريكية، مساء الأحد، سلسلة غارات جوية عنيفة استهدفت مواقع تابعة لميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في العاصمة اليمنية صنعاء ومحيطها، في تصعيد عسكري جديد يأتي ردًا على التهديدات المستمرة التي تشكلها الجماعة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.

استهداف مجمع "الصباحة" العسكري

ركزت الضربات الجوية على مجمع "الصباحة" العسكري، أحد أبرز المواقع الاستراتيجية للحوثيين، الواقع في منطقة جبلية وعرة غرب صنعاء ضمن نطاق مديرية بني مطر. يُعتبر هذا المجمع مركزًا حيويًا لتخزين الأسلحة وإدارة العمليات العسكرية للجماعة.

وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الحوثيين قاموا خلال السنوات الماضية بإعادة تأهيل الموقع وتحويله إلى مستودع تحت الأرض لتخزين الأسلحة والمعدات العسكرية. وقد استهدفت الضربات الأخيرة بنية تحتية حساسة داخل المجمع، بما في ذلك غرف القيادة ومستودعات الذخائر.

استهداف منزل قيادي حوثي بارز

وفي سياق متصل، استهدفت إحدى الغارات منزل الشيخ القبلي صالح السهيلي، أحد الشخصيات القبلية البارزة الموالية للحوثيين، في منطقة شعب الحافة بمديرية شعوب.

وفقًا لمصادر محلية، كان المنزل يحتضن اجتماعًا لعدد من قيادات الحوثيين وقت الهجوم، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم مدنيون من أفراد أسرة السهيلي. وتشير التقارير إلى مقتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص وإصابة 23 آخرين، بينهم نساء وأطفال.

يُذكر أن السهيلي يُعد شخصية ذات نفوذ قبلي قوي ومرتبطة بالجماعة الحوثية منذ الحروب الست السابقة، كما أنه كان من بين الشخصيات التي استضافت السفير الإيراني السابق في اليمن، حسن إيرلو.

التصعيد الأمريكي ورسائله للحوثيين

تأتي هذه الضربات في سياق عمليات عسكرية متواصلة تشنها الولايات المتحدة ضد الحوثيين، ردًا على هجماتهم المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر. وتسعى واشنطن من خلال هذا التصعيد إلى إيصال رسالة حاسمة مفادها أن أي تهديد للملاحة الدولية لن يُسمح به، وستواصل الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات رادعة ضد الجماعة.

ردود الفعل الدولية

أثارت هذه الغارات ردود فعل متباينة، حيث رحبت بعض الأطراف بهذه الخطوة باعتبارها ضرورة لكبح جماح الحوثيين، في حين أعربت جهات حقوقية عن قلقها إزاء سقوط ضحايا مدنيين، مشددة على ضرورة احترام القوانين الدولية في النزاعات المسلحة.

من جهتها، أدانت جماعة الحوثي هذه الضربات ووصفتها بأنها "جريمة حرب"، متوعدة بتصعيد عسكري أكبر في حال استمرار الاستهداف الأمريكي.

في المقابل، دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، محذرة من أن استمرار التصعيد قد يعرقل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الحرب في اليمن.

اليمن في ظل التصعيد العسكري

يأتي هذا التصعيد في وقت يعاني فيه اليمن وضعًا إنسانيًا بالغ الصعوبة، حيث يعيش الملايين من المدنيين في ظروف قاسية بسبب الحرب المستمرة.

وتتزايد المخاوف من أن تؤدي العمليات العسكرية الأخيرة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة مع ازدياد الخسائر البشرية بين المدنيين، الأمر الذي يضع تحديات أمام تحقيق توازن بين الردع العسكري وتجنب كارثة إنسانية جديدة.