بين القاهرة واليمن.. مؤسسة تصنع الأمل لآلاف المصابين بالسرطان
المجهر - حوار خاص
السبت 08/مارس/2025
-
الساعة:
10:05 م
لم يكن تأسيس مؤسسة اليمن لرعاية مرضى السرطان بالقاهرة مجرد فكرة عابرة أو مشروع خيري اعتيادي، بل استجابة لواقع أليم فرضته الحرب والظروف القاسية، حيث تتزايد أعداد المرضى الذين يجدون أنفسهم وحيدين في معركة غير متكافئة مع المرض.
من قلب المعاناة، انطلقت هذه المبادرة على يد سيدة لم تكتفِ بالتعاطف مع المرضى، بل حملت على عاتقها مسؤولية دعمهم، فبدأت بجهود فردية بسيطة تحولت لاحقًا إلى مؤسسة تمتد فروعها من اليمن إلى القاهرة، لتصبح الملاذ الوحيد لآلاف المصابين بمرض السرطان.
في حوار مع الاستاذة ذكرى النونو، نائبة رئيس مجلس الأمناء في المؤسسة نغوص في تفاصيل هذه الرحلة الاستثنائية، من البداية المتواضعة إلى التأثير الكبير، وكيف تحولت الأحلام الصغيرة إلى إنجازات غير مسبوقة.. نكشف عن العقبات التي واجهتها المؤسسة، وعن قصص النجاح التي صنعت الأمل وسط الألم، والتحديات التي ما زالت قائمة في ظل تزايد أعداد المصابين، وغيرها من الحقائق المتعقلة بواقع السرطان في اليمن.
نص الحوار..
- بداية أستاذة ذكرى النونو.. حدثينا عنك، وعن دورك في مؤسسة اليمن لرعاية مرضى السرطان؟
ذكرى النونو، نائبة رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة اليمن لرعاية مرضى السرطان.. في بداية مسيرتنا اشتغلنا في مرحلة التأسيس في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان في اليمن تحت إشراف الحاج عبدالواسع هائل، وفتحنا "دار الحياة" وكنت متطوعة نشطة في العمل ببعض المجالات الخيرية، مع الداعمات والصديقات وبدأنا نشعر بأن الشغل يكبر يومًا بعد يوم.. الحمدلله أننا فتحنا بعد ذلك فروع كثيرة سواء في تعز أو في عدن أو في إب والحديدة.
- من أين جاءت الفكرة؟
جاءت الفكرة في العام 2022، أن نفتح في القاهرة، علمًا أننا قدمنا إلى مصر منذ بداية الحرب في اليمن، ولاحظنا تزايد عدد مرضى السرطان.. كنت أخرج بشكل فردي، تتواصل معي مديرة مكتبي في دار الحياة باليمن، تخبرني أنه هذه الحالة وصلت من الريف، وهذه الحالة خرجوها من البيت عشان مصروفات الإيجار، لذلك كنت أخرج بشكل شخصي لمتابعة هذه الحالات، لكن وصلت إلى مرحلة انهاك، فكرت أنه من الضروري يكون لنا فريق.. كان حلمي وفكرتي بسيطة، لكن بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل الحاج عبدالواسع الذي وقف معي، ومن هنا جاءت لنا الفكرة نبدأ بعمل مؤسسة وبالتدريج وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.
- عرفينا عن هذه المؤسسة، متى أنشئت، ومن أسسها، وما هو الهدف؟
تأسست مؤسسة اليمن لرعاية مرضى السرطان في أبريل 2022، بسبب زيادة عدد الحالات، وكذلك ظروفهم الصعبة، وتشمل المصابين بالمرض المتواجدين في مصر.. الجهد كان فردي وبسيط، وبالنسبة لفكرتي في تسكين المرضى، لأن اليمنيين يأتون إلى مصر ويتعبوا في العثور على مكان للسكن، خاصة مع وجود شبكة السماسرة وغيرها من الأمور.
كانت الفكرة في البداية بسيطة، تشمل تسجيل الحالات المرضية، ونتابع أوضاعهم وحالتهم الصحية، لكن بعد ذلك تطورت فكرتنا وأهدافنا.
- برأيك لماذا جرى اختيار التأسيس في جمهورية مصر؟
جرى اختيار مصر موطن للتأسيس، نظرًا لأن مصر سلسة في الحياة في المعيشة وفي اللغة في التكلفة، وسهل الوصول لها.. قبل الحرب اليمنية كنا نُسفّر بالمرضى إلى الأردن أو الهند، لكن مع وضع الحرب أصبح أسهل مكان يصل إليه اليمني هو مصر، نتيجة سهولة الدخول وأيضًا الإقامات، لكن عندما يسافر المريض إلى الهند يجد صعوبة في التعامل خاصة القادمين من الأرياف يجدوا صعوبة في اللغة.
نحن استهدفنا بالذات، الأشياء الغير متوفرة في اليمن، التي هي العلاج باليود المشع والمسح الذرى بسبب انعدامه في اليمن تمامًا بسبب وضع الحرب، وكان تركيزنا على هذا الهدف الرئيسي.. يعني حاجة غير متوفرة بالوطن، ونحن لازم نوفره في القاهرة.
- ما هي الأنشطة التي تقوم بها هذه المؤسسة؟ ومن هو الممول، على ماذا تعتمد؟
منذ البداية، عملنا علاقات وشراكات مع عدة مراكز ومع عدة مستشفيات، والحمدلله طبعًا المصريين أشقائنا وإخواننا ومتعاونين معنا، وكان لنا دور كبير مع مستشفى 57 وأيضًا مستشفى "بهيه" والمعهد القومي للاورام ومستشفى الزراعيين عملنا تعاقدات معاهم، عملنا مع معامل البرق وعملنا مع لاس لاب ومعامل البرج ومستشفيات الجمعية الشرعية، وكذلك مؤسسة العربي ومؤسسة "يمن والخلفاوي" ومع مؤسسة صلة في حضرموت .. عملنا عدة شراكات لأنه يعملوا لنا تخفيضات، ويعاملونا معاملة خاصة.. أيضًا قطر الخيرية وصندوق قطر للتنمية.
نقوم بعدة أنشطة، بداية من الارشاد الطبي، عبر الاستشاريين مجاناً، والتحاليل الطبية والاشعات، وتقديم خدمات المسح الذري والعلاج اليود المشع والمساهمة في العلاج الاشعاعي والكيماوي بحسب امكانيات المؤسسة، ونحن لا نركز على العلاج فقط، بل على السكن والدعم النفسي والترفيه والتغذية نخرج المرضى في الأعياد وفي المناسبات نخرجهم الحدائق والمنتزهات، أحيانا نجيب لهم مشايخ من الازهر وبعض الأحيان طبيب نفسي، وأني اعتبر العلاج النفسي يشكل 90% من العلاج.
- ما هو أكثر أنواع السرطانات شيوعًا وانتشارًا في اليمن بناءً على عدد الحالات المتوافدة لديكم؟
أكثر أنواع السرطانات، هي الغدة الدرقية والغدد اللمفاوية، وسرطان الثدي بالنسبة للنساء، و بالنسبة للأطفال سرطان العيون.. هذا أكثر انتشارًا، وفي أنواع غيرها، لكن هذه هي أكثر الحالات التي توصل لنا.
- ما هي الآلية التي تعتمد عليها هذه المؤسسة في تصريف وتقديم المنح العلاجية للمرضى اليمنيين؟
هناك لجان طبية مشكلة بين اليمن وهنا في المؤسسة هي من تتولى فرز ملفات المرضى ومعرفة احتياج كل مريض ويتم رفع الاسماء لتقديم المنح العلاجية لهم والتواصل بهم فور انتهاء اللجنة الطبية من عملها.
ومع زيادة حالات السرطان في اليمن، بسبب الحروب بسبب الإهمال الطبي، وبسبب المبيدات دخولها بطريقة عشوائية وعدم وجود رقابة، بسبب سوء التغذية.. بصراحة هناك أسباب أخرى مثل الفقر وتخزين الأدوية، أحيانًا تصل إليهم أدوية منتهية.. إلى جانب سوء تخزين الأدوية، وانعدام الكهرباء، لأن بعض علاجات تحتاج إلى ثلاجات للتبريد.. كثير علاجات تحتاج إلى تبريد، لكن عندما يكون التخزين سيء يحدث مشكلة، وكذلك المواد الغذائية منتهية الصلاحية.
المريض بالسرطان يحتاج إلى تغذية جيدة، لكن عندما يكون الشخص غير قادر على توفير الغذاء المناسب له، والوضع في اليمن غني عن التعريف، لأنه من سيء إلى أسوأ.
- هل تعتمدون على التنسيق مع بعض المراكز في اليمن، أم يجري اختيار المرضى المستهدفين عشوائيًا؟
بعض الحالات تُرسل إلينا من قبل المؤسسة الوطنية سواء في صنعاء، تعز، عدن أو غيرها من المحافظات.. فيما بعض مرضى يتعثروا في مصر، ويعجزون عن استكمال العلاج، هذا يعني أنه ليس شرطًا أن يكون المريض قادمًا من اليمن.. في كثير حالات تكون استنزفت أموالها هنا في القاهرة، ويلجأون لنا ونحن نتكفل بالتسكين والتغذية، ونحاول التعاون معهم بقدر ما نستطيع، لأنه عندما يتعثر المريض بمنتصف الفترة العلاجية يأتي إلينا ونستكمل المرحلة العلاجية.
أي أن بعض حالات تأتي قادمة بتقارير طبية من اليمن، والبعض الآخر خلصت فلوسها وخرجوها.. عندما نتناقش مع هذه الحالات تخبرني أنه أتت غير عارفة بالمرض، عملوا مسح ذري وطلع إصابة بالسرطان وبحاجة إلى عملية، لكنهم غير قادرين على إجراءها وغير عاملين حساب تكلفة العملية.. في هذا الوضع حتى لو طلبت الفين دولار، هذا المبلغ لا يكفي المريض لإجراء عملية وأخذ جُرع علاجية بعدها، وسكن وتغذية.. فتلجأ لنا عندما تستنزف فلوسها، ونحن في المؤسسة نستقبل هذه الحالات.
- هل يوجد مكتب استشاري يتولى مسؤولية تقييم الحالات؟
عندنا دكاترة وعندنا استشاريين سواء في اليمن أو في القاهرة.. الملفات تعرض بين اليمن ومصر ويشوفوا الحالات لأنه في حالات من الدرجة الثالثة والرابعة صعب تطلع من اليمن.. اللجنة الطبية هي من تقرر، هل هذا المريض يطلع أو علاجه يتم في اليمن.. الآن ولله الحمد افتتحوا مستشفى الأمل في صنعاء تابع للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، جميل وحديث فيه من أكفأ أطباء الأورام في المؤسسة الوطنية.. أفتتح خلال هذه السنة.
إذا كان هذا المريض في له فرصة لعملية أو علاجه متوفر في اليمن، طبعا لا يطلع إلى القاهرة.. بمعنى أنه إذا كان من المراحل المتأخرة التي هي الثالثة والرابعة اللجنة الطبية ترفض.. عندما تقرر اللجنة أنه تطلع المريض، يجري الترتيب له وتحويله إلينا في القاهرة.. عندنا بند يشمل الفئات الأشد فقرًا، نتكفل بالتذاكر والطيران وكل ما يحتاجه أثناء فترة العلاج.
- حتى اليوم.. كم عدد الحالات التي جاءت إليكم؟ وكم الحالات التي تماثلت للشفاء؟
الحالات التي وصلت إلينا تزيد عن 31 الف حالة خلال 3 سنوات، فيما تبلغ الحالات التي تماثلت للشفاء نحو 91%،.. هناك كثير تماثلت للشفاء خاصة الغدة الدرقية نسبة نجاحها تصل إلى 95% في الشفاء.
- بالنسبة للتغلب على السرطان.. ما هي القصة التي تركت تأثيرًا في نفسك؟
عندنا كثير قصص نجاح صراحة، لكن التي أثرت في نفسي هي مريضة جاءت إلينا، اسمها بشرى، فتاة شابة عمرها 23 سنة، وتعتبر مريضة محاربة، قدمت مقعدة على الكرسي، جلست أكثر من سنة، وعندما شفنا هذه الشابة تعاطفت معها المؤسسة بشكل كامل، لأنه صعب بنت في مقتبل العمر جالسة على كرسي، كان تحتاج لزراعة نخاع وتعاونا معها بشكل شخصي وبعض الداعمين وفاعلي الخير أيضًا، فرجعت اليمن وهي تمشي بأقدامها وكانت هذه قصة نجاح مؤثرة في نفوس الجميع.. لأنه كيف جاءت وهي مقعدة وكيف كانت أمها تحملها إلى الحمام رغم كبر سنها، وكيف أصبحت تمشي بأقدامها بعد التعافي والتماثل للشفاء، وهذا ما جعلنا نحتفل بها.
- ما هي رسالتك؟
أتمنى أن الخير لا يتوقف، وأن يكون عندنا داعمين من كل مكان، لأن مرض السرطان يستنزف ونحن لا نستطيع القول اننا قادرين على معالجة الكل 100%، العدد في تزايد بسبب وضع اليمن، ولكن اتمنى أنه نصل إلى حل ويكونوا قادرين على العلاج في اليمن، بدلا عن السفر والغربة وتعب، حاليا يضطر المريض للسفر لأن بعض الأشياء غير متوفرة باليمن.. إن شاء الله تتوافق الجهود، وتترافق الأيدي لتخليص هذه الشريحة من المعاناة، لأن يد واحدة لا تصفق وأن يساهم الإعلاميين اليمنيين في إيصال رسالتنا للداعمين والتجار وإلى كل مكان إن شاء الله.
#مرضى السرطان
#اليمنيون في القاهرة
#مركز الحياة
#ذكرى النونو
#مؤسسة اليمن
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
جدد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي، طارق صالح، تأكيده
أول ردة فعل من قوات الأمن في محافظة المهرة بعد قيام عناصر المجلس الانتقالي بإنزال ع
ماذا سيحدث في 2 ابريل القادم بعد إغلاق ميناء الحديدة وحظر المشتقات النفطية؟ وما هي
اكتشاف مفاجئ لثروات هائلة تعادل نصف احتياطي اليمن من الغاز المسال واليورانيوم والذه
بعد وفاة زعيم حزب الله حسن نصر الله، أثارت الإعلامية زينب نصر الله، ابنته، موجة من الجدل حول جنازته.
شن نشطاء موالون لميليشيا الحوثي التي صنفتها واشنطن منظمة إرهابية أجنبية حملة واسعة ضد رئيس مجلس