يمن إيكو|قصة خبرية:

قوبلت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير أكثر من 1.5 مليون شخص من قطاع غزة، برفض فلسطيني وعربي واحتجاج عالمي واسع، لكن الأهم في رسائل الرفض الفلسطينية العربية والاحتجاج العالمي هو ما قالته طفلة فلسطينية من فوق ركام قطاع غزة وأمام عدسة الكاميرا بلهجة تؤكد الإصرار على البقاء، وتستهجن غرور ترامب الذي يدعي زيفاً أن أمريكا بلد الحرية.

ووفقاً لمقطع مرئي على منصة إنستغرام، رصده موقع “يمن إيكو” فإن الطفلة الفلسطينية، ماريا حنون، وجهت خطاباً قاسياً بالإشارة الساخرة إلى مفارقات الشعارات الأمريكية وواقع الممارسات الاستبدادية، وفق طرح منطقي وعقلاني، جعل من خطابها ترند عالمياً، حيث تساءلت مخاطبة ترامب: “إذا قلت لك اطلع من بيتك ح تطلع؟”.

وتابعت قائلة: “إذا أنت بترفض تطلع من بيتك، لماذا تريد مني أن أقبل الخروج من بيتي ووطني”، مضيفة على سبيل الاستغراب: “أنتم تقولون إنكم دولة الحرية والديمقراطية؟”. عن “أي حرية تتكلمون؟”.

وقالت ناصحة ترامب: “تحكّم في كل العالم إلا غزة، لأنها كل العالم”.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- خلال استقباله رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو- جدد في وقت سابق أمس- دعوته الأردن ومصر إلى استقبال سُكان غزة، وهو ما رفضته الدولتان رفضاً قاطعاً، وقوبل باحتجاجات عالمية، بحُجة إعادة إعمار القطاع الذي تعرض لحرب الإبادة الجماعية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وعقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة حيز التنفيذ صباح الأحد 20 يناير المنصرم، شكلت صور عودة عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة، صدمة للإسرائيليين قادة ومستوطنين، مسجلة لحظة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وتمسكه بأرضه مهما بلغت التضحيات ومهما اتسع الدمار.

واعتبرت صورة الحشود بمئات الآلاف من الفلسطينيين بأنها نهاية الحرب واستفتاء شعبي كبير لخيار التمسك بالأرض في القطاع، في حين رأى عاموس هارئيل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس أن تلك الصورة حطمت أوهام النصر المطلق التي روج لها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأنصاره منذ أشهر.

فيما عبر رئيس حزب “العظمة اليهودية” إيتمار بن غفير عن حالة الإحباط في إسرائيل من مشاهد عودة النازحين، وقال “إن فتح طريق نتساريم ودخول عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمال قطاع غزة هي صور لانتصار حماس وجزء مهين آخر من الصفقة المتهورة واللامسؤولة”، حسب تعبيره.

وكان تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أكد أن أكثر من 376 ألف فلسطيني عادوا إلى شمال قطاع غزة خلال اليومين التي تلت دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

الأهم في مشاهد الحشود- التي توالت بعد ذلك بمئات الآلاف يومياً- على طريق العودة إلى القطاع، أنها أفشلت المخطط الإسرائيلي الكبير بعودة الاستيطان إلى قطاع غزة، وحطمت آمال اليمين الإسرائيلي الذي كان يسيل لعابه من أجل استقرار المستوطنين شمال غزة.

ورأى كثير من محللي ومراقبي شأن الحرب على قطاع غزة، أن مشاهد العودة وبتلك الأعداد وبذلك الزخم تعد أكبر رسالة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الشعب الفلسطيني عملياً متشبث بأرضه ولن يرضى عنها بديلاً، لأن تجربة الشعب الفلسطيني كانت مريرة جداً في كل ما يتعلق بالنزوح، وقد جرب ذلك عام 48 وجرب ذلك عام 67، وتبعاً لذلك فإن حرب ما بعد الـ7 من أكتوبر 2023م (طوفان الأقصى) تحول جديد ومفارق لتلك التجارب، وأن الشعب الفلسطيني مستميت على أرضه ووطنه مهما كانت التضحيات.