ألغى مكتب الميزانية التابع للرئيس دونالد ترامب يوم الأربعاء أمرا بتجميد الإنفاق على المنح الفيدرالية، بعد أقل من يومين من إثارته ارتباكا واسع النطاق وتحديات قانونية في جميع أنحاء البلاد. 

و أثارت المذكرة التي أصدرت مساء الإثنين من مكتب إدارة وموازنة البيت الأبيض حالة من عدم اليقين بشأن شريان مالي حيوي للولايات والمدارس والمنظمات التي تعتمد على تريليونات الدولارات من واشنطن، مما جعل البيت الأبيض في حالة من الفوضى في محاولة لشرح ما سيتم وقفه وما لن يشمله تجميد التمويل.

وكان هذا التراجع أحدث مؤشر على أنه رغم السيطرة الموحدة على واشنطن، فإن خطط ترامب لإعادة تشكيل الحكومة بشكلٍ جذري وسريع لها حدود معينة.

وأكد البيت الأبيض أن مكتب إدارة وموازنة البيت الأبيض سحب المذكرة يوم الأربعاء في إشعار مؤلف من جملتين تم إرساله إلى الوكالات والإدارات، لكنه أشار إلى أن أوامر ترامب التنفيذية الأساسية التي تستهدف الإنفاق الفيدرالي في مجالات مثل التنوع والمساواة والشمول وتغير المناخ، لا تزال سارية.

وقال المسؤولون في الإدارة إن الإشعار بوقف القروض والمنح كان ضروريًا لإجراء مراجعة لضمان التزام الإنفاق بالأوامر التنفيذية الأخيرة لترامب. وقد تم توجيه الوكالات للإجابة على سلسلة من الأسئلة بنعم أو لا بشأن كل برنامج فدرالي بحلول السابع من فبراير/ شباط. و تضمنت الأسئلة: "هل يروج هذا البرنامج لأيديولوجية النوع الاجتماعي؟" 

و "هل يروج هذا البرنامج أو يدعم بأي شكل من الأشكال الإجهاض؟"

ومع ذلك، فإن المذكرة غير الواضحة، جنبًا إلى جنب مع الإجابات غير الكاملة من البيت الأبيض طوال اليوم، تركت المشرعين والمسؤولين الحكوميين والمواطنين العاديين في حالة من الارتباك في محاولة لمعرفة البرامج التي ستتأثر بتجميد التمويل. و حتى الانقطاعات المؤقتة في التمويل قد تتسبب في تسريح الموظفين أو تأخير الخدمات العامة.

و قد كان من المقرر أن يدخل التجميد حيز التنفيذ في الساعة الخامسة مساءً يوم الثلاثاء، لكن قاضٍ فدرالي أوقفه حتى يوم الاثنين على الأقل بعد جلسة طارئة طلبتها مجموعات غير ربحية تتلقى المنح الفيدرالية. كما كانت هناك دعوى قضائية إضافية من قبل المدعين العامين الديمقراطيين للولايات قيد الانتظار.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض (كارولين ليفيت): "تظل الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس بشأن مراجعات التمويل سارية وقوية وسيتم تنفيذها بدقة من قبل جميع الوكالات والإدارات"، موجهة اللوم على المحاكم ووسائل الإعلام في حدوث الارتباك، وليس على الإدارة. وأضافت: "يجب أن يؤدي هذا الإجراء إلى إنهاء القضية القانونية بشكل فعال ويسمح للحكومة بالتركيز على تنفيذ أوامر الرئيس بشأن التحكم في الإنفاق الفيدرالي".

وأصر مسؤولو الإدارة على أنه رغم الارتباك، إلا أن الأمر قد يحقق هدفه من خلال التأكيد للوكالات الفيدرالية على التزاماتها بالامتثال للأوامر التنفيذية لترامب.

و على الرغم من أن ترامب كان قد وعد بقلب واشنطن رأسًا على عقب في حين تمرانتخابه لفترة ولاية ثانية، إلا إن آثار جهده لوقف التمويل كان يُشعر بها بعيدًا عن عاصمة البلاد. حيث كانت منظمات مثل "وجبات على عجلات" (Meals on Wheels) التي تتلقى أموالًا فدرالية لتوصيل الطعام للمسنين، وبرنامج "هيد ستارت" (Head Start) الذي يوفر رعاية الطفولة المبكرة في المجتمعات ذات الدخل المنخفض، قلقة بشأن احتمال قطع التمويل عنها.

وفي يوم الثلاثاء، قال مسؤولون في إدارة ترامب إن البرامج التي تقدم مساعدات مباشرة للأمريكيين، بما في ذلك الرعاية الصحية للمسنين (ميديكير)، و الضمان الاجتماعي، و القروض الطلابية، وقسائم الطعام (الطوابع الغذائية)، لن تتأثر. لكنهم في بعض الأحيان كانوا يواجهون صعوبة في تقديم صورة واضحة.

و في البداية، رفضت ليفيت القول ما إذا كان برنامج "ميديكيد" (Medicaid) معفى من التجميد، ولكن الإدارة أوضحت لاحقًا أنه تم استثناؤه.

وتحرك النقاد الديمقراطيون بسرعة للاحتفاء بهذا الإجراء.

وقالت السناتورة (باتي موراي)، من ولاية واشنطن، "يعد انتصار مهم للشعب الأمريكي الذي تم الاستماع إلى صوته بعد ضغوط هائلة من جميع أنحاء هذا البلد، فقد أحدث الناس العاديون فرقًا من خلال التعبير عن آرائهم". وأضافت: "ومع ذلك، فقد تسببت إدارة ترامب -من خلال مزيج من عدم الكفاءة المطلقة، والنوايا القاسية، وازدراء متعمد للقانون- في إلحاق أضرار وفوضى حقيقية بالملايين على مدار الـ 48 ساعة الماضية، وهو الوضع الذي لا يزال مستمرًا".

وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ (تشاك شومر)، من نيويورك، "لقد تصدى الأمريكيون للأمر ودونالد ترامب  قام بالتراجع".

المادة الأصلية: