تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
الدولة من الداخل
81 قراءة  |

د. لمياء الكندي

باحثة في الشؤون اليمنية والإقليمية

مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية

بلا شك، كان الإقدام على تشكيل المجلس الرئاسي خطوة مهمة، تجمع من خلالها الكيانات السياسية والعسكرية المتنافسة على حيازة القرار في الدولة للعمل ضمن هيكل مؤسسي ضامن لمصالح الجميع، وفق توافقات تتيح عملية بناء الدولة وفق الخيار التشاركي في الإدارة والنفوذ.

مع مضي ما يقارب ثلاث سنوات من قيام المجلس الرئاسي، انكشف لجميع القوى الداخلة ضمن المجلس والأحزاب والتيارات التي يمثلها أعضاؤه، حجم التهالك في قوام الدولة والعجز الذي يمنع قيادتها من اتخاذ القرارات السليمة. ليس فقط فيما يخص ملف الحرب مع الحوثيين، بل واجهت الدولة مخاطر تهديد من الداخل، بما في ذلك سلطات أعضاء المجلس أنفسهم وتوجهاتهم السياسية.

لم تكن الدولة التي تم استلامها من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي هي صنيعة هذا الرجل؛ فالحالة المرضية للدولة سبقتها عقود طويلة من الأعياء والشطط الذي أسهم فيه الجميع.

كان لا بد من الخروج بصيغة توافقية تجمع شتات القرار والقوة والنفوذ والسلطة في منظومة واحدة تحكم لا تتحكم، وتخرج للجمهور الذي يعتبر نفسه شعبًا واحدًا بقرارات وأعمال تضمن مصالحه كدولة لا كسلطات أمر واقع.

إن النظر في التركيب الهيكلي للدولة اليوم يقودنا للحديث عن ماهية هذه الدولة وكيفية إدارتها. فإما أن تكون دولة تمثل نفسها وترعى مصالح قيادتها، تحكم بواقع مرحلي شكَّلته أحداث خاصة، تسعى إلى جني أكبر قدر من المنفعة المستغلة التي تؤمن قيادتها والأحزاب التي تمثلها لتقوية سلطتها الخاصة في أماكن ومناطق نفوذها، وهذه ثقافة ميليشياوية فعلية لا تمت إلى الدولة بصلة.

وإما أن تكون دولة تمثل شعبًا فرضت عليه حرب كارثية ومعاناة اقتصادية، وما لا يتناهى من الأزمات التي تعمق شعوره بأنه شعب بلا دولة.

إن مجرد التزام الدولة بشعورها وانتمائها للشعب يفرض عليها سلوكًا مغايرًا لسلوك حكومات الأمر الواقع، الذي يحررها من أي التزامات تجاه من تحكمه. نعلم أن تحديات الحرب كبيرة جدًا، وأن الإقدام على تحرير صنعاء سيظل مشروعًا بعيدًا ما لم تتحرر الدولة من القيود الداخلية المحيطة بها، وتعيد بناء نفسها عبر مؤسسات فاعلة تتحد في قرار تفعيلها جميع القوى المنضوية ضمن المجلس الرئاسي الحاكم، الذي يضم في تشكيلته جميع الأطراف. ولا يحق لأي طرف من الأحزاب والتيارات السياسية أن يدعي أنه غير ممثل فيه أو في الحكومة ومجلس الوزراء، فالكل في اليمن سلطة، ولا وجود لقوى معارضة فعلية خارج هذه السلطة.

ولذا، يبرز أمام هذه القوى تحدي العمل بما يضمن مصالح الدولة التي انخرطوا في حكمها، والعمل لمصلحة الشعب، أو أن ينسحب أي حزب أو تيار يشارك في المجلس عبر ممثليه أو عبر الحكومة من مشاركته كي تتحقق له صفة المعارضة.

لم يعد من المقبول أن تضع الأحزاب رجلًا لها في السلطة وأخرى في المعارضة، وأن تستغل صفتها كمعارضة لإرباك أداء الحكومة التي هي جزء منها. وهذه معضلتنا في اليمن من 2011 وحتى اليوم: لا الدولة قامت بواجباتها كدولة، ولا المعارضة فقهت أدبيات المعارضة وتركت الحكم لأهله.

من المؤكد أن هذه الحالة في ازدواجية التمثيل والخلط بين السلطة والمعارضة هي أساس إشكالية الدولة ومن يحكمها. ومتى تم إدراك جميع القوى التي تحكم بأنها تمثل أحزابًا وكيانات سياسية لها التزامات واستحقاقات شعبية، نكون قد خرجنا من عنق الزجاجة نحو المشاركة الفاعلة، والقضاء على حالة الشتات والضعف الذي تعاني منه الدولة من الداخل. وهذا الضعف هو الذي مكن النافذين فيها من تشكيل شبكات فساد وإفساد للمال العام، تجاوزت حدود المعقول لتصب في خزائن من يحسبون أنهم أمناء على مؤسسات الدولة.

لذا، كان لابد من أن يكون موضوع الحد من الفساد في الدوائر الحكومية ومحاسبة المفسدين هو قرار الدولة وتوجهها الفعلي نحو إصلاح الدولة من الداخل. وقد أدركت القيادة السياسية مؤخرًا أهمية مكافحة الفساد وتفعيل قانون المحاسبة المالية على كل من تورط في أعمال نهب أموال الشعب والمساومة بمصالحه، كمشروع أولي يسبق قرار استعادة الأرض من أيدي الانقلابيين. لأن استعادة حقوق الشعب وأمواله المنهوبة ووقف العبث فيها، مقدمة على أي إجراء آخر، فبمعية المفسدين لن تتحرر لنا أرض ولا إرادة.

تعليقات الفيس بوك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
يني يمن | 798 قراءة 

إسرائيل تهدد اليمن بـ"ضربة الإبكار".. فما هي؟


حشد نت | 747 قراءة 

الأرصاد تحذر من سيول وانهيارات صخرية خلال الـ72 ساعة القادمة


المشهد اليمني | 716 قراءة 

العميد أحمد علي عبد الله صالح طعنة غادرة وضربة قاضية، وهذه الضربة ليست كسابقتها، بل هي أقوى ضربة


المجهر | 602 قراءة 

رفضت اللجنة السعودية المعنية بالملف اليمني برئاسة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، رؤية تقدمت بها


المشهد الدولي | 542 قراءة 

فتحي بن لزرق يكشف عن السبب الذي جعله يسافر الى هذه الدولة شاهد ما قاله


الحدث اليوم | 452 قراءة 

صنعاء تهتز بفاجعة ضحيتها رغد ومنى.. تفاصيل


نافذة اليمن | 378 قراءة 

نجحت السلطات الأمنية في مطار عدن الدولي، اليوم الثلاثاء، في ضبط أحد المطلوبين أمنيًا بتهمة الشروع با


صوت العاصمة | 345 قراءة 

أصدر محافظ البنك المركزي أ. أحمد أحمد غالب قرار رقم (27) لعام 2025م، بشأن إيقاف التراخيص الممنوحة لش


الحدث اليوم | 324 قراءة 

امريكا تعيد ترتيب أولويات اليمن (اعلان)


الحدث اليوم | 294 قراءة 

قتلى في كمائن متبادلة بين الفصائل السعودية والإماراتية في مأرب