قصة صحفية – يمن ديلي نيوز:
في ظهر يوم السبت 5 مايو/أيار 2017 اقتحمت عناصر تابعة لجماعة الحوثي المصنفة إرهابيا منزل المحامي “فيصل الصراري” في محافظة ذمار (وسط اليمن) واقتادته إلى سجن الأمن السياسي في المحافظة والذي مكث فيه ليوم ونصف اليوم.
وفي مساء اليوم التالي قررت جماعة الحوثي نقله إلى العاصمة صنعاء لتبدأ معها مرحلة تعذيب وتغييب استمرت أربع سنوات تلقى فيها صنوفا من التعذيب مازالت آثارها بادية عليه رغم مرور 4 سنوات على إطلاقه في صفقة تبادل عام 2020.
يقول “الصراري” في شهادة أدلى بها لـ”يمن ديلي نيوز” إنه من خلال متابعته لأساليب التعذيب التي تكشفت في سجن صدنايا بعد رحيل نظام الأسد، لايوجد فرق في الأساليب والتعذيب، إلا أن الحوثيين أذكى في التعامل مع الاعلام.
يمر المعتقل لدى الحوثيين – وفق المحامي الصراري – بنوعين من المعتقلات على مرحلتين المرحلة الأولى هي الأشد والأنكى على المعتقل، وفي هذه المرحلة فقد أكثر من 300 معتقل حياته جراء التعذيب.
المرحلة الثانية وفيها يتم نقل المعتقل إلى سجن الأمن والمخابرات “تبة الأمن السياسي” والذي يعتبر سجن ترحيل مؤقت للمعتقلين والأسرى الذين تقرر الإفراج عنهم، بهدف تقديم صورة إيجابية.
في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020 أطلق المحامي “الصراري” ضمن صفقة تبادل رعتها الأمم المتحدة، ومع ذلك ماتزال آثار التعذيب ظاهرة على ذراعيه ومازال يعاني من صعوبة في التذكر رغم خضوعه للعلاج.
التعذيب النفسي يستمر مصاحب للمعتقل إلى أن يكتب الله له الفرج، فأي معتقل تشاهدون أنهم نشروا له فيديو فاعلم أنه لم يستحمل التعذيب أو الضغط النفسي وقرر يخارج نفسه.
ورشة التعذيب
وفقا لشهادة المحامي الصراري لـ”يمن ديلي نيوز” يتعرض المعتقل في المرحلة الأولى للتعذيب بـ “التعليق والصعق بالكهرباء والحرق بالنار، إذ لا زالت الآثار موجودة.
وبسبب التعذيب بتعليقه لأيام كثيرة، دخل “الصراري” في حالة إغماء (موت سريري) لمدة 18 يوما من بداية التعذيب، والتي بدأت حين تم نقله إلى منزل احتلته الجماعة تابع لرئيس حزب الرشاد اليمني “محمد بن موسى العامري” في بيت بوس بالعاصمة صنعاء
يقول: أفقت من الغيبوبة وأنا مصاب بشلل جزئي في الأطراف، ولا أستطيع تحريك يدي واستمريت على ذلك لمدة ثلاثة شهور، وعلى يدي الاثنتين حروق وجروح مضمدة بالشاش.
وتابع: بعد أن أفقت نقلوني من (ورشة التعذيب) كما يسمونها إلى حمام جلست فيه شهرا كاملا، وبعد ذلك نقلوني إلى زنزانة انفرادية أخرى حتى لا يطلع أحد على وضعي الصحي وكانت عبارة عن حمام تم تحويله إلى زنزانة إنفرادية.
وأردف: بعد أن مضى شهر وتأكدوا أني تجاوزت مرحلة الخطر، فرغوا لي غرفة بجانب الحمام في البدروم قضيت فيها شهرين، يعني ثلاثة شهور انفرادي أحدها في الحمام. منعت من الاتصال والتواصل مع الاهل لمدة عام كامل.
وقال: كان يسمح لي بدخول الحمام مرتين في اليوم فقط مرة في الظهر ومرة في المغرب وكذلك بقية المعتقلين. فيما بقية اليوم نبول في قنينة صحة أو نقضي حاجتنا في كيس ونحمله معنا إلى الحمام في الاوقات المحددة.
وأضاف: كانوا يقومون بتخزين السلاح في الادوار العليا للمبني، ويخبرونا بذلك صراحة، أنهم غنموا من أسلحة الفرقة المخزنة في أرحب ثلاث دينات “وخزناها فوقكم لو بلغوا عليها اصحابكم الخونة أمثالكم وضربها العدوان فسوف يخسروكم مثلما سنخسر نحن السلاح”.
الصراري قال إنه مازال يعاني من تنمل يديه وخصوصا أيام البرد، وأيضا نسيان الأسماء “تأثرت ذاكرتي جدا بسبب التعذيب. كنت أعيش بعض الأيام وأنا أدعي الله بأن لا أصاب بالجنون من هول التعذيب. لا أستطيع النوم وأنا أسمع أنين المعلقين وأصوات التعذيب وكأني كنت في مسلخ بشري”.
وتابع: لا أملك أنا وغيري من المعتقلين إلا البكاء والدعاء من هول ما نسمع، فترة سجني كلها كانت في زنازين انفرادية لا تسع إلا اثنين أو ثلاثة بالكاد، ولكنهم كانوا كلما احضروا دفعة جديدة من المعتقلين يدخلوا جنبي خمسة إلى ستة معتقلين.. لا تستطيع النوم أو مد أقدامك ونستمر على هذا لعدة أيام إلى أن يصرفوا المعتقلين الجدد في سجون أخرى أو زنازين أخرى.
أثناء مرحلة التحقيق نكون في سجون مثل صيدنايا السوري وربما أسوأ، وأنا أقول هذا الكلام من واقع المعايشة والمشاهدة.. نقلوني إلى سجن الأمن المخابرات قبل خروجي في صفقة التبادل بأربعة أشهر.
محطة المغادرة
وقبل ثلاثة أشهر على إطلاقه يتحدث المحامي الصراري عن الانتقال إلى سجن آخر صورته قناة المسيرة قبل يومين والتقت فيه بالمعتقلين وأظهرته بأنه سجن 7 نجوم كما يقول الصراري، والسجن فعلا تتوفر فيه خدمات جزئية وهو أفضل بكثير لنا كمعتقلين من بقية السجون السرية التي غيبنا فيها لسنوات.
يقول المحامي الصراري لـ”يمن ديلي نيوز”: سجن الأمن والمخابرات الذي كانوا يسمونه “محطة المغادرة” يقع فيما يطلق عليها تبة الأمن السياسي وكانت فيه عنابر واسعة، ويوجد حمام في كل عنبر، هذا سجن تبنت التحديثات فيه منظمة دولية آخر عام 2020 زودته بالملاعب العشبية والفرن والأسرة، ويضعوا فيه المعتقلين الذين يتم المساومة بهم.
كما كانوا يضعون فيه المعتقلين الذين يتوقع أن يتم التبادل بهم أو من أدخل ضمن كشوفات التبادل مع الشرعية ينقلوه إلى هذا المعتقل، حتى يخرج وينقل صورة إيجابية عن الجماعة.
وتابع: أما أثناء مرحلة التحقيق فيكون في سجون مثل حق صيدنايا السوري وربما أسوأ، وأنا أقول هذا الكلام من واقع المعايشة والمشاهدة.. نقلوني إلى سجن الأمن المخابرات قبل خروجي في صفقة التبادل بثلاثة أشهر.
وقال: بقيت في زنزانة الضغاطة التابعة للأمن السياسي 3 سنوات ونصف، والضغاطة زنزانة مشهورة، لا يدخلوا فيها إلا من يريدوا تعذيبه نفسياً ومعنوياً.
وتابع: بحسب ما قرأت وشاهدت لما يحصل في سجون نظام الأسد بسوريا وجدت أن طرق وأساليب التعذيب نفس طرق وأساليب صدنايا، وكأن المعلم واحد والمدرسة واحدة.
وقال إن معتقل الأمن والمخابرات التي نشرت عنه قناة المسيرة مؤخرا هو سجن خصصته الجماعة للمنظمات الدولية التي تزور السجناء لإظهار صورة إيجابية عن المعتقلات، وهذا يؤكد أن الحوثيين في مكرهم أسوأ من بشار الأسد.
وتابع: هذا السجن مخصص للمنظمات لمن أراد أن يطلع على أوضاع المعتقلين أخذوه إلى هذا المعتقل، ولا يأخذوه للمعتقلات التي أصيب بعض المعتقلين فيها بالجنون نتيجة المعاناة والتعذيب المستمر.
وأردف: عادهم أدهى وأذكى من النظام السوري، ويحرصوا على الجانب الاعلامي بشدة، وكأنهم إما متوقعين أنهم إلى زوال، أو لعمل خط رجعة، حيث كانوا يطلقون على هذا السجن “محطة المغادرة” لكل من دخل في صفقة تبادل وشيكة نقلوه إلى هذا المعتقل قبل الخروج بفترة وجيزة.
المحقق كونان
في شهادته لـ”يمن ديلي نيوز” يروي المحامي “الصراري” وضعه مع المحقق كونان رئيس لجنة الأسرى “عبدالقادر المرتضى وشقيقه.
يقول: مصطلح المحقق كونان إسم مجهول للمحقق الذي كان يمارس التعذيب مع المعتقلين، وعلمنا فيما بعد أن المحقق كونان هو عبدالقادر المرتضي رئيس لجنة الأسرى التابعة للحوثيين وشقيقه، حيث كان يجري التحقيق معنا ونحن معصوبي الأعين.
وأضاف: تم إخباري باسم شقيقه لكن نسيت لأن في الأيام الأخيرة قبلما أخرج اعتقلوا ناشطين وقياديين مؤتمريبن بعد انتفاضة 2 ديسمبر من أمانة العاصمة وسجنوهم بجانبي في سجن الأمن والمخابرات وطلعوا أنهم كانوا يعرفوا كل شي عن المعتقل الذي تعذبت فيه ويعرفوا إسم المسئول عليه والمحقق الذي كان يتولى التحقيق فيه، وسألوني عن مواصفات المحقق الذي حقق معي، فلما أخبرتهم قالوا هذا أخو عبدالقادر المرتضى، وبيته في صنعاء القديمة.
بسبب تعليقي لأيام كثيرة، دخلت في حالة إغماء (موت سريري) لمدة 18 يوما من بداية التعذيب، والتي بدأت حين تم نقلي إلى منزل تابع لرئيس حزب الرشاد اليمني “محمد بن موسى العامري” في بيت بوس بالعاصمة صنعاء.
منتج أفلام
وبأسلوب الذماري المعروف بالنكتة يقول الصراري: في بداية الاعتقال كنت أظن أن الذي اعتقلني منتج أفلام سينمائية.
سنة كاملة وهو مانع عني الاتصال والتواصل بالأهل إلا بشرط أسجل له مقطع فيديو أعترف فيه بما سيمليه علي، فتوقعت أنه منتج أفلام سينمائية، أو أنه يريد عرضه على منهم أعلى منه بحثاً عن ترقية.
وقال: كانوا الشوش حق السجن يلقبوه بـ “المحقق كونن” ويعتبر عندهم أشهر محقق. أي قضية مهمة في أمانة العاصمة أو محافظة صنعاء أو ذمار يرسلوا لها هذا المحقق، بينما انا تم التحقيق معي في صنعاء، وحين سالت الشاوش عنه قال هذا المحقق كونن.
بدايات الاعتقال
في شهادته لـ”يمن ديلي نيوز” يستذكر المحامي الصراري بدايات اعتقاله، في ذمار ونقله إلى صنعاء وإيداعه في منزل محمد بن موسى العامري – رئيس حزب الرشاد – في منطقة بيت بوس.
يقول: حسب ما أظن أن المنزل كان مقرا لحزب الرشاد، لأن الصالة التي تعذبت وتعلقت فيها كان مرسوم فيها القبلة يبدو أنها كانت مصلى، وتحت الدرج حق البدروم يوجد كمية كبيرة من الكتب والمجلدات الفقهية وعمل لها الحوثة سياج يمنع الوصول اليها.
كان يسمح لي بدخول الحمام مرتين في اليوم فقط مرة في الظهر ومرة في المغرب وكذلك بقية المعتقلين، فيما بقية اليوم نبول في قنينة صحة أو نقضي حاجتنا في كيس ونحمله معنا إلى الحمام في الاوقات المحددة.
وأردف: عندما كنت في معتقل بيت بوس في صنعاء كان جنبي معتقلين من محافظة صنعاء، فنزل هذا المحقق في إحدى المرات يستجوب معتقل في إحدى غرف البدروم المجاورة للزنزانة التي أنا فيها فحين سمعوه المعتقلين، قالوا هذا صوت المحقق حقنا، قلت وهو نفسه الذي حقق معي.
أساليب تعذيب
ويشير المحامي الصراري إلى أساليب الحوثيين في التعذيب لدفع المعتقل على الاعتراف قائلا: التحقيق والتعذيب الجسدي يكون في المرحلة الأولى من الاعتقال وبعدها يتم نقل المعتقل إلى مرحلة التعذيب النفسي ولا تقل بشاعة عن التعذيب الجسدي.
وأردف: التعذيب الجسدي يكون في بداية الاعتقال فقط، وإذا صمد وانتصر على محاولات المحقق الاعتراف بتهم ملفقة خلال فترة التحقيق التي تستمر شهر، يتم إقفال المحضر والانتقال إلى المرحلة الثانية.
وأضاف: بعد ذلك يمارس على المعتقل الضغوط النفسية، ومنعه من الاتصال والزيارات، ووضعه في زنازين ضيقة أو انفرادي، أو بجانب معتقل مجنون أو ذا مرض معدي أو مزمن، كي ينغصون عليه حياته، وبين الفترة والاخرى يوصل الشاوش رسالة للمعتقل “خارج نفسك واعترف مثلما فلان وفلان” هم في زنازين مريحه وأهاليهم يزوروهم متى ما أرادوا والمصروف والقات يومياً، وأنا مستعد أبلغ الفندم (يعني المحقق) إذا قد أنت موافق، ومن هذه الحركات لإجبار المعتقل على الاعتراف بما يريدوا.
وتابع: إذا اعترف المعتقل فعلا يعطوه امتيازات، ولا يعيدوا التحقيق معه من جديد إلا إذا اعتقلوا معتقلين جدد واعترف أحدهم بأشياء تدين المعتقل السابق، حينها يعيدوا معه التحقيق، وأي معتقل يعترف يجبروه على تسجيل فيديو بما يملونه عليه.
الحوثيون أدهي وأذكى من النظام السوري، وحريصون جدا على الجانب الاعلامي بشدة، ويتم نقل المعتقل المتوقع إطلاق سراحه إلى سجن يسمونه “محطة المغادرة” قبل ثلاثة إلى 4 أشهر حتى إذا خرج ينقل صورة إيجابية.
تأكيد حقوقي
وتأكيدا لشهادة المعتقل “الصراري” يتحدث لـ”يمن ديلي نيوز” الأمين العام لمنظمة مساواة للحقوق والحريات “نجيب الشغدري” عن توثيق عشرات المقابلات الشخصية مع مختطفين مدنيين سابقين في سجون الحوثيين من مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.
يقول: أفاد كل المعتقلين الذين التقيناهم بأنهم تعرضوا لانتهاكات وجرائم جسيمة ووحشية داخل سجون الحوثيين وأنهم عاشوا في ظروف مأساوية لا توصف داخل هذه السجون السرية، حيث تعرضوا لسنوات طويلة من الاختطاف والتغييب خلف تلك السجون السرية وأنهم تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي المستمر طوال فترة اختطافهم الذي تراوحت بين سنه إلى 7 سنوات.
وتابع: هناك كثير من المعتقلين فقدوا حياتهم تحت وطأة التعذيب الوحشي وآخرون فقدوا عقولهم أو بصرهم، كما تم حقن بعض المعتقلين بأمراض مزمنة، وتعرض آخرون للشلل الجسدي، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية المتكررة، خاصة بين النساء المعتقلات.
وأردف: تتعدد أساليب التعذيب التي يمارسها الحوثيون ضد هؤلاء المعتقلين، ولا تزال آثارها باقية على أجسادهم، أما السجون السرية فهي مظلمة وغير مؤهلة، حيث أفاد عشرات المعتقلين المدنيين بأنهم احتجزوا في حمامات ودورات مياه لعدة أشهر. كما تعرضوا لجلسات تعذيب شديدة استمرت لأيام وهم معلقون بأيديهم وأرجلهم.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: نستمع يومياً إلى شهادات ضحايا حقوق الإنسان المفرج عنهم من سجون الحوثيين، والتي تتضمن تفاصيل مروعة عن أساليب التعذيب المتنوعة التي تعرضوا لها. نمتنع عن ذكر المزيد من التفاصيل مراعاة لمشاعر القراء.
مرتبط
الوسوم
معتقلات الحوثيين
تعذيب المختطفين في سجون الحوثيين
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
شمسان بوست / خاص: أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، يوم الاثنين، أنه ناقش مع عدد من الأطراف السياسي
زعيم الحوثيين " عبد الملك الحوثي " يتعرض لطعنة غادرة ومصير أسوأ من بشار الأسد
كشف رشاد العليمي، رئيس المجلس الرئاسي، الأربعاء، موعد توقيع اتفاق خارطة الطريق الأممية.
عدن توداي /خاص ينتظر 40 مليون يمني يوم الأربعاء القادم وبفارغ الصبر، حيث سيشهد هذا اليوم الموافق 25
نشرت صحيفة عكاظ المقربة من الديوان الملكي في السعودية معلومات عن اتفاقات رسمية بين الحكومة السعودية
عدن توداي/خاص أكد تقرير نشرته مجلة أمريكية أن الوضع الحالي في اليمن لن يستمر على ما هو عليه عام آخر،
قال البرلماني، والقيادي البارز في حزب الإصلاح، حميد الأحمر، إن التحركات الأخيرة التي تجري في العا
كشفت مصادر خاصة عن قرب صرف راتبين للموظفين المدنيين والعسكريين في مختلف القطاعات الحكومية خلال الأيا