أعرب وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، الأحد، عن “أسفه” للتطورات الأخيرة في العلاقات مع الجزائر، وذلك على إثر استدعاء سفير بلاده الذي أبلغته الخارجية الجزائرية “تحذيرا شديد اللهجة”، بسبب “الاستفزازات والأعمال العدائية الفرنسية تجاه الجزائر”.
وأكد وزير الخارجية الفرنسية، خلال حوار صحفي له مع إذاعة “فرانس أنتير”، خبر استدعاء سفير بلاده في الجزائر، ستيفان روماتيه، من قبل الخارجية الجزائرية، قائلا أن الاتهامات “لا أساس لها وخيالية”.
وقدمت السلطات الجزائرية “قائمة طويلة من الشكاوى” من بينها “عملية سرية نفذتها مصالح المديرية العامة للأمن الخارجي تهدف، بحسب الصحافة الجزائرية، إلى تجنيد التائبين (إرهابيين سابقين) بهدف زعزعة استقرار الجزائر”، وفق ما نقلته صحيفة “لوموند” الفرنسية، الاثنين، التي ذكرت أن العلاقات بين البلدين “وصلت إلى مستوى جديد من التدهور”.
ومنذ يوليو الماضي، تاريخ اعتراف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بمقاربة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب لحل قضية الصحراء الغربية، اتجهت العلاقات بين باريس والجزائر نحو المزيد من التوتر.
وأعربت الجزائر عن “أسفها الكبير واستنكارها الشديد” للموقف الفرنسي من النزاع في الصحراء الغربية، بعد أن سحبت سفيرها من باريس، وأشارت إلى أنها “ستستخلص كافة النتائج والعواقب التي تنجر عن هذا القرار”، وتحمل الحكومة الفرنسية “وحدها المسؤولية الكاملة والتامة عن ذلك”.
وتضاعفت حدة التدهور في العلاقات بين البلدين إثر قيام السلطات الجزائرية باعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، يوم السادس عشر نوفمبر بمطار هواري بومدين الدولي، وأثار ذلك قلقا بفرنسا والبرلمان الأوروبي، كما وجه اليمين الفرنسي انتقادات حادة للحكومة الجزائرية.
ولم تصدر الجزائر أي بيان رسمي بشأن قضية صنصال، إلا أن وكالة الأنباء الرسمية نشرت مقالا مطولا انتقدت فيه اليمين الفرنسي والرئيس ماكرون وحكومته، وتبين لاحقا أن صنصال معتقل بسبب تصريحات أدلى بها في أكتوبر الماضي لقناة الفرنسية بشأن مغربية ولايات من الغرب الجزائري، ووصفت الجزائر ذلك بأنه “تجاوز للخطوط الحمر”.
وأودع الكاتب الحبس المؤقت بناء على المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي تتناول تجريم مجمل الأفعال المرتبطة بـ “المساس بالوحدة الوطنية، والانتماء إلى جماعات إرهابية”
الصحراء الغربية
وتعليقا على التطورات الحاصلة في ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية، يرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن “التحول السريع في موقف الإليزيه، الذي عبر عنه الرئيس ماكرون من قضية الصحراء الغربية، ووقوفه إلى جانب الأطروحة المغربية، كان الشرارة القوية التي أشعلت نار الخلافات الحادة بين البلدين”.
وتبعا لذلك يقول بن حمو لـ”الحرة” فإن دعم باريس للرباط “فتح المجال واسعا أما الجزائر لاتخاذ عدة إجراءات وقرارات سياسية واقتصادية لم تكن في صالح الفرنسيين”.
وأشار المتحدث إلى أن تحقيقات مصالح الأمن الجزائري “كشفت بما لا يدع مجالا للشك عن تورط أمني فرنسي بالدليل ضد أمن الجزائر واستقرارها”، لكن بن حمو لا يتوقع أن يصل التوتر إلى مستوى قطع العلاقات، “نظرا للتعقيدات الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي تحكمها”.
“نزاع تاريخي لم يحل”
من جهته، يؤكد أستاذ العلوم السياسية، أحمد رواجعية، أن العلاقات الفرنسية الجزائرية “لا يمكن أن تقوم على أرضية هادئة نظرا لوجود نزاع تاريخي لم يحل بعد”.
ويعتقد رواجعية في حديثه لـ”الحرة” أن فرنسا “تتعمد إثارة الخلافات السياسية في علاقاتها، سعيا منها للضغط على الجزائر وإخضاعها لهيمنتها الاقتصادية والسياسية بشكل خفي”.
في المقابل يؤكد المتحدث أن “نخبة جزائرية معارضة تسعى لتقديم خدمات لباريس من خلال محاولة التأثير على الرأي العام الجزائري في البلدين باعتبار أن نحو 7 مليون جزائري يعيشون بفرنسا”، مضيفا أن هذه النخبة “تتقاطع فكريا مع اليمين الفرنسي، وتتحالف معه ضد السلطة في الجزائر وتزيد من حدة التوتر بين البلدين”.
ويؤكد أحمد رواجعية أن العلاقات بين باريس والجزائر “ستظل محل تجاذبات وتدهور مادامت القضايا التاريخية المرتبطة بالذاكرة عالقة ولم تجد طريقها للحل”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
نشرت القيادة المركزية الأمريكية، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي"إكس"، صوراً
شهد اليوم الإثنين، مواجهات عسكرية عنيفة، بين القوات الحكومية من جهة، وعناصر مليشيا الحوثي الإرهابية،
نشرت القيادة المركزية الأمريكية، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي"إكس"، صوراً