قصة صحفية أعدها لـ”يمن ديلي نيوز” – عبدالرحمن الحميدي:

“أمنيتي أن أتعلم في فصل دراسي له سطح يحميني من حرارة الصيف وبرد الشتاء، وطاولات أكتب عليها دروسي وكراسي نقعد عليها”، يقول أمين قاسم (12 عاماً)، طالب في الصف الرابع الابتدائي، بمديرية جبل حبشي بمحافظة تعز اليمنية.

يدرس أمين وأصدقاؤه تحت ظل شجرة يطلق عليها اسم “الإثاب”، بجوار مقبرة، يتقاسمون ظلالها ورعب مكانها في آن واحد.

يجد أمين وأصدقاؤه في شجرة “الإثاب” المعلقة في شق الجبل، حارساً أخيراً لأحلامهم، لكنه لا يخفي مشاعر الخوف من المقبرة كمكان طبيعي للخوف ومن جهة أخرى خوفه من احتمالية اقتلاعها، نتيجة توسع المقبرة بعدما فتحت قبور جديدة بالقرب منها.

في عيني “أمين” حلم يتوهج ويلمع كنجوم الليل، لكنه يخشى أن يختفي مع نسمة هواء تخترق ملابسه البالية.. حيث يعاني بشدة من أجل استمرار تعليمه.

يشير أمين إلى أنه “يخرج كل صباح من المنزل في قرية “النخلة”، ويمشي لأكثر من ساعة، مرورًا بجبال وعرة وصولًا إلى ظل الشجرة لتلقي الدروس. كما فعل المئات من أبناء المنطقة من قبله طيلة السنوات الماضية”.

التعليم تحت “الإثاب” يحتوي على مخاطر كثيرة. يروي أمين جانبًا منها بالقول “اثنان من زملائي كانوا يلعبون عند الشجرة – أثناء الراحة – وواحد منهم سقط في حفرة قبر، ونحن خفنا لكن حظه أنه ما حصل له إلا خدوش شوية”.

شجرة “الإثاب”، هي إحدى الفصول الدراسية التابعة لمدرسة عمر بن الخطاب الواقعة بوادي حنا في ريف تعز، لجأت إليها إدارة المدرسة لاكتظاظ فصولها الـ10 بالطلاب.

يقول مدير المدرسة “خالد سعيد” لـ”يمن ديلي نيوز” إن “الطلاب الذين يتلقون تعليمهم تحت الشجرة معرضون لخطر السقوط من الجبل”.

ويضيف: “لا نمتلك أي مقومات ولا نستطيع أن نصنع لهم شيئًا.. نشعر بالأسى والحزن على طلابنا وهم يفترشون الأرض معرضين لشتى أنواع المشاكل”.

ويكشف أن “أكثر من 600 طالب وطالبة مكتظون داخل عشرة فصول صغيرة في مبنى المدرسة، بعضهم يفتقرون إلى كراسي وطاولات، كما أن 55 طالبًا وطالبة يتعلمون تحت الشجرة وبجانب سور المدرسة” بحسب حديث “خالد سعيد”.

وأضاف خالد: توالت الحكومات والسلطات واحدة بعد أخرى ولم يلتفتوا لهذا الوضع.

قصة أمين في مدرسته هي نتيجة طبيعية للحرب المستمرة منذ عقد، حيث أوقفت تنفيذ المشاريع التعليمية، في حين تدمرت الكثير من المدارس، وهو ما أدى إلى اكتظاظ ما تبقى منها.

وفي بيان لمنظمة الأمم المتحدة “اليونيسف” نشرته على منصة “إكس” في منتصف هذا العام، قالت إن أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون طفل يمني خارج المدرسة ولا يتلقون التعليم، بسبب تداعيات الحرب في البلاد.

وفي حوار نشرته الأمم المتحدة في 16 أيلول/سبتمبر، حذر ممثل منظمة اليونيسف في اليمن، بيتر هوكينز، من أن وجود 4.5 مليون طفل يمني خارج المدرسة يعد “قنبلة موقوتة”.

وقال: “في غضون ما بين خمس وعشر سنوات، ربما يكون الجيل القادم أميًا، وربما لا يعرف الحساب، ولديه القليل جدًا من المهارات الحياتية والتأسيس، وهذا سيكون أمرًا إشكاليًا أكثر وأكثر مع انتقال البلاد إلى المرحلة التالية مع جيل جديد”.

كما أوضحت منسقية الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، “أوتشا”، في تغريدة على صفحتها في منصة “إكس” تقول بأن أكثر من 2500 مدرسة خارجة عن الخدمة إما مدمرة أو متضررة أو مستخدمة لأغراض غير تعليمية، منذ بدء الصراع المسلح باليمن.

“لقد رأيت أطفالًا في مدارس ليس لها جدران، ومدارس بها مياه على الأرض، ومع ذلك يجلس الأطفال على الأرض في تلك الحالة الرطبة، لكنهم يريدون الدراسة والتعلم. لقد رأيت 12 فتاة في الصف الحادي عشر يجلسن على الأرض في العراء أسفل شجرة، يتعلمن قدر ما يستطعن ويحاولن إنجاز شيء”، يقول ممثل منظمة اليونيسف في اليمن، بيتر هوكينز.

وأشار هوكينز إلى أن اليونيسف تعمل بشكل أساسي على إعادة تأهيل المدارس في اليمن، حيث قامت بإعادة تأهيل 1116 مدرسة، فضلاً عن تحفيز 38 ألف معلم ومعلمة للذهاب إلى المدارس والتدريس.

مرتبط

الوسوم

قصة صحفية

محافظة تعز

الدراسة في اليمن

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط