كأس التحدي لمبتوري الأطراف بتعز ـ برّان برس

أعد التقرير لـ“برّان برس” ـ إيناس الحميري:

في زحمة التحديات التي فرضتها الحرب وويلاتها، تبرز قصص ملهمة لأشخاص تحدوا الإعاقة، ليصبحوا نماذج للإرادة الصلبة.

مؤخرًا، برزت مبادرة رياضية استثنائية تجمع مبتوري الأطراف في اليمن تحت مظلة “كأس التحدي”. وأثبتت هذه الرياضة أن الأمل يمكن أن يزهر حتى في أكثر الظروف قسوة.

وليد القدسي، أحد المشاركين في البطولة، يصف تجربته بأنها مميزة وفريدة، تحمل في طياتها كثيراً من العمل الجاد والتحديات. 

يقول "القدسي" لـ“بران برس”: “كانت تجربة مليئة بالتحديات والعمل الجاد. التحضير تطلب الكثير من الالتزام، سواء من خلال التدريبات اليومية أو تعزيز الروح الجماعية مع الفريق. الهدف لم يكن الفوز فقط، بل إثبات أن الإرادة تتغلب على الصعاب”.

وعن أبرز الصعوبات التي واجهته، قال: “كانت التعامل مع البنية التحتية غير المهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، مثل الطرق والمرافق العامة. كما كانت هناك تحديات نفسية في البداية، لكن الدعم والإصرار ساعداني على تجاوزها.”

رسالة

المبادرة بالنسبة لوليد ليست مجرد بطولة رياضية، بل رسالة تحمل أبعاداً أعمق، حيث أن "المشاركة تعزز ثقتي بنفسي وتقوي الروابط الاجتماعية مع زملائي في الفريق ومع المجتمع الذي يدعمنا"، حد قوله. 

ويضيف "وليد" لـ"بران برس": “الرياضة بالنسبة لي أكثر من مجرد نشاط، إنها وسيلة لتحسين حياتي جسدياً ونفسياً، وتثبت أن الإعاقة لا تعني نهاية الطريق”.

طالب وليد، الجهات المعنية بتوفير الدعم اللازم لمبتوري الأطراف، سواء من خلال الأجهزة التعويضية أو تحسين البنية التحتية.  دعيًا لدعم المبادرات التي تدمجهم في المجتمع، خاصة الرياضة.

واختتم حديثه لـ“بران برس”، قائلاً: “الرياضة تمنحنا الأمل وتعيد تشكيل حياتنا.”

علاج نفسي واجتماعي

الأخصائية النفسية "ريم العبسي"، تؤكد أن للرياضة دوراً كبيراً في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد، وخاصة مبتوري الأطراف. 

وتقول "ريم" لـ“بران برس”: “الرياضة لا تقتصر على تحسين الصحة البدنية فقط، بل تمتد لتحسين الحالة النفسية من خلال إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، ما يقلل التوتر والقلق ويزيد من الثقة بالنفس. كما أنها تعزز مهارات الانضباط الذاتي وتساعد الأفراد على تحقيق أهدافهم.”

وتضيف: “بالنسبة لمبتوري الأطراف، تساهم الرياضة بشكل كبير في تحسين حالتهم النفسية والاجتماعية، حيث تساعدهم على تجاوز تحديات الإعاقة وتعزز لديهم الشعور بالإنجاز. ممارسة الرياضة تقلل التوتر والاكتئاب وتوفر لهم بيئة داعمة للاندماج مع المجتمع.”

مواجهة الإحباط

تؤكد "ريم"، أهمية مواجهة الوصمة المجتمعية عبر الرياضة، موضحة أن “الأنشطة الرياضية تُظهر قدرة مبتوري الأطراف على الإنجاز، مما يغير نظرة المجتمع إليهم ويمنحهم مكانة إيجابية”. 

كما أن الإنجازات الرياضية ترفع الروح المعنوية وتمنحهم مرونة نفسية لمواجهة الإحباطات والذكريات المؤلمة.

واستشهدت العبسي، بدراسات تؤكد أن مبتوري الأطراف الذين يمارسون الرياضة يعانون من معدلات أقل من الاكتئاب مقارنة بأقرانهم غير النشطين رياضياً. 

وقالت إن “الرياضة تخلق لهم الأمل والتفاؤل، وتساهم في تسريع التعافي النفسي والجسدي، خاصة عبر برامج التأهيل الرياضي.”

فكرة ملهمة

جهاد البريهي، صاحب مبادرة “رياضة المبتورين”، يروي لـ“بران برس” بداية تأسيس الفريق قائلاً: “جاءت الفكرة مصادفة أثناء تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأيت مباراة كرة قدم لمبتوري الأطراف”.

وهنا قال: “تفاجأت بقدرتهم على اللعب، وبدأت أبحث عن تفاصيل اللعبة والقوانين المنظمة لها.”

وجد جهاد، صعوبات لتحويل الفكرة إلى واقع عملي، يقول “في البداية كان من الصعب إقناع مبتوري الأطراف بالمشاركة، كون اللعبة جديدة عليهم”. 

ولتجاوز هذا قال: “لجأت إلى عرض فيديوهات لبطولات أوروبية لتوضيح الفكرة، ونجحت في جمع ثلاثة أشخاص كبداية.”

ولم تتوقف الصعوبات عند هذا الحد، إذ واجه الفريق عقبات أخرى، أبرزها عدم توفر المساحات المناسبة للعب وعدم وجود دعم حكومي أو مجتمعي. 

ورغم كل هذا يقول جهاد: "استمرينا رغم كل التحديات، إلى أن تواصل معنا مكتب الشباب والرياضة ودعمنا لتدشين أول مباراة رسمية."

واليوم يعمل جهاد على توسيع الفريق، واستقبال مبتوري الأطراف من مختلف المناطق، مع طموح لتنظيم بطولة محلية والمشاركة في فعاليات دولية.

وسيلة للدمج والتعافي

حول “كأس التحدي”، أوضح مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز، فؤاد فاضل، أن تنظيم الكأس جاء انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والإنسانية تجاه مبتوري الأطراف، الذين يعتبرون من أكثر الفئات تضرراً بسبب الحرب. 

وأضاف أن “ هذه الفئة تحمل جراح الحرب على أجسادها، لذلك كان لزاماً علينا أن نعمل على إعادة دمجهم في المجتمع ومنحهم الأمل والثقة بقدرتهم على الإنجاز”.

وتابع: “الرياضة تمثل وسيلة للشفاء والتعافي النفسي والجسدي. 

ومن خلال كأس التحدي، قال: “نهدف إلى تسليط الضوء على معاناتهم وإبراز قصصهم الملهمة. هذه المبادرة تعبر عن تقديرنا لتضحياتهم وتعزز قيم التضامن الاجتماعي”.

وأشار فاضل، إلى أن مكتب الشباب والرياضة يعمل على توفير بيئة رياضية مناسبة لمبتوري الأطراف، ويسعى لتقديم كل ما يلزم لدعم هذه الفئة وتمكينها من تحقيق أحلامها”.

نحو مستقبل أكثر شمولية

مبادرة "كأس التحدي" ليست مجرد بطولة رياضية، بل رسالة أمل تعبر عن إرادة صلبة وصمود في وجه التحديات. من قصص وليد وجهاد، إلى دعم ريم وفؤاد، تتجسد معاني الإرادة والتضامن.

هذه الخطوة الأولى نحو تمكين مبتوري الأطراف ودمجهم في المجتمع، ما يعزز الأمل بمستقبل أكثر شمولية وإنسانية.

يبقى الأمل معقودًا على الجهات الحكومية، المنظمات الإنسانية، والمجتمع المدني لتقديم مزيد من الدعم والمساندة، سواء من خلال تحسين البنية التحتية أو تقديم الأجهزة التعويضية. 

ورغم أن الرياضة وحدها لن تحل كل المشكلات، إلا أنها أثبتت قدرتها على كسر الحواجز وفتح آفاق جديدة، حيث يصبح المستحيل ممكنًا، وحيث تتغلب الإرادة على كل القيود.

كأس التحدي

مبتوري الأطراف

الجرحى والمعاقين

تعز