تقرير خاص لـ”يمن ديلي نيوز”:
في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، احتفت وسائل الإعلام التابعة لجماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا بتخرج 2500 طالب موزعين على 23 سرية من طلاب جامعة صنعاء، قالت إنهم تخرجوا من الدورات العسكرية “طوفان الأقصى”.
الطلاب أجبروا على الحضور الساعة 7 صباحًا ليسهل ترتيبهم في سرايا للظهور أمام وسائل الإعلام على هيئة سرايا عسكرية، كأنها تلقت دورات تأهيلية ضمن دورات “طوفان الأقصى”، والتي أطلقتها جماعة الحوثي في أكتوبر 2023 تزامنًا مع انطلاق عملية طوفان الأقصى في غزة.
وفق الرواية التي نشرها إعلام جماعة الحوثي، فإن الطلاب تلقوا دورات عسكرية تأهيلية استعدادًا لما قالت إنها معركة تحرير الأقصى ومواجهة العدو الأمريكي والإسرائيلي.
فيما قال محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الجماعة)، إن السرايا الطلابية تم تأهيلها استعدادًا لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني وخوض المعركة ضد أعداء الأمة نيابة عن شعوب وأنظمة الأمة الخانعة والذليلة – حد تعبيره.
وخلال متابعة “يمن ديلي نيوز” للخبر، توصلت إلى أن الرواية الصادرة عن إعلام جماعة الحوثي “مضللة”، وأن الحشد الطلابي تم جمعه على عجل ليلة الاستعراض، مقابل حصول كل طالب يشارك في العرض على 20 درجة بكل مادة نهاية الفصل الدراسي.
“يمن ديلي نيوز” حصل على نسخة من تعميم وزعه “ملتقى الطالب الجامعي” التابع للحوثيين، عممه على طلاب كلية التجارة، ليلة الاستعراض، دعا للمشاركة فيما أسماه “العرض العسكري الشعبي لمنتسبي جامعة صنعاء” والحضور الساعة السابعة من صباح الثلاثاء.
ووفق التعميم، فإن كل طالب سيشارك في “الاستعراض سيتم إدراج أسمائهم في كشوفات ومنحهم درجات تعادل وقفتين أسبوعيتين”، أي عشرين درجة.
ووفق شهادات طلاب تحدثوا لـ”يمن ديلي نيوز”، فإنهم لم يتلقوا أية تدريبات عسكرية، وأنهم حضروا الاستعراض بعد تلقيهم اتصالات ورسائل من قبل ملتقى الطالب الجامعي مقابل الحصول على درجات.
وينظم الحوثيون كل أربعاء وقفة تضامنية مع غزة، مقابل حصول الطلاب الذين يحضرون للمشاركة كل أسبوع على عشر درجات على كل مادة في نهاية الفصل الدراسي، وفق إفادات الطلاب، الذين قالوا إن صاحب الفكرة هو رئيس جامعة صنعاء المعين من الحوثيين “القاسم عباس”.
“يمن ديلي نيوز” تواصل بأكاديميين وسألهم عن مخاطر توجه الحوثيين لمنح الدرجات مقابل المشاركة في الفعاليات، وبدورهم حذروا من مستقبل كارثي يواجه التعليم في اليمن، معتبرين أن ذلك يأتي في ظل توجه ممنهج لتدمير العملية التعليمية.
تعميم للحوثيين في كلية التجارة بجامعة صنعاء لحضور العرض العسكري مقابل حصولهم على درجات تعادل وقفتين
تغييب العقل
يقول الخبير التربوي وعميد كلية التربية الأسبق بجامعة ذمار، الدكتور محمد مغلس، لـ”يمن ديلي نيوز”: إجمالًا، التعليم الأساسي أو الثانوي أو التعليم الجامعي كلاهما يتعرض إلى عملية تدمير ممنهجة وعملية تطيف للتعليم من الأساس، وحشد الطلاب لاستعراضاتهم بناءً على وعود برفع درجات هي جزء من العملية الممنهجة لتدمير التعليم لا أقل ولا أكثر.
وأضاف: لا يمكن لجماعة مثل هذه الجماعة أن تسيطر أو تتواجد إلا في ظل تغييب العقل، في ظل تجهيل ممنهج، في ظل الخرافة التي لا تنتشر إلا في واقع الجهل. حتى العبادة والإيمان لا يعبد الله بجهل، لكن جماعة الحوثي ومن أجل أن يسيطروا على الناس ويسيطروا على الطلاب سواء بالتعليم الأساسي أو الثانوي أو التعليم الجامعي أو حتى على مستوى الأسر، لابد من تدمير العملية التعليمية وتدمير الأساس العملية التعليمية.
وتابع: “تحشيد جماعة الحوثي للطلاب أو خلق البطولات الوهمية أو خلق عدو وهمي لإرضاء سيدهم هي جزء من عملية ما يسمى بالتحشيد خارج العقل، وسبق وأن تم عسكرة طلاب الجامعات من خلال أعضاء هيئة التدريس، وذلك من خلال إخضاع هيئة التدريس لدورات تدريبية تخدم مصالح الجماعة الإرهابية”.
وقال: “جماعة الحوثي أخضعت جميع المسؤولين في الدولة ابتداءً من بن حبتور والعديد من الوزراء ويحيى الراعي وصولاً إلى الجامعات لدورات تدريبية نشروا فيها أفكارهم المسمومة”.
وأردف: إجبار جماعة الحوثي لهيئة التدريس بالجامعات على اتباع أفكارهم المسمومة هي عملية خطيرة جدًا لأنها مرتبطة بإهانة القدوة، وأستدل بالمقولة التالية: “إذا أردت أن تهدم المجتمع فاهدم القدوة”، والقدوة هو عضو هيئة التدريس والمعلم، سواءً كان في الجامعات أو على مستوى التعليم الأساسي والثانوي.
وأضاف: هناك طرق كثيرة لتدمير المجتمع، لكن تدمير القدوة هو حجر الزاوية والأساس الذي تسعى جماعة الحوثي الإرهابية على تدميره”.
الخبير التربوي “مغلس” قال: “جماعة الحوثي أهانونا وأذلونا جميعًا وقطعوا رواتبنا، نحن كأعضاء هيئة تدريس لا نمتلك مهنة أخرى ولا نستطيع أن نمارس عملًا آخر. البعض يطرح خيار أن نتوجه للعمل لدى الجامعات الخاصة، ولكن عن أي جامعات خاصة يتحدثون؟ كم عدد أعضاء هيئة التدريس الذين ينتسبون للجامعة؟ بالطبع محدودون، خاصةً بالتخصصات العلمية”.
وتابع: “من خلال حرمان جماعة الحوثي الإرهابية لأعضاء هيئة التدريس من رواتبهم ومستحقاتهم وضعوهم تحت ما يسمى بفقه الحاجة من خلال صرف فتات وبدل مواصلات، وإذا لم يقبل أي عضو بما تفرضه عليه هذه الجماعة فإنه مهدد بالفصل، ويتعاملون مع أعضاء هيئة التدريس بالسخرة، يعني العمل بدون أجر”.
واختتم عميد كلية ذمار، الدكتور “مغلس”، حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” قائلاً: “من المعروف في المفاهيم الإنسانية يُعرف العبد بأنه هو من يقوم بالعمل مقابل الأكل والمنام فقط، ولكن جماعة الحوثي الإرهابية حرمتنا حتى من الأكل والمنام”.
خرق لقانون الجامعات
من جانبه، يقول الدكتور “يحيى العتواني”، أستاذ الإعلام بجامعة تعز، إن حشد الطلاب مقابل الحصول على درجات إضافية يعكس استغلال التعليم لغرض سياسي عنصري واضح وتحويل الجامعات إلى أدوات لخدمة أهداف سياسية أو عسكرية ضيقة.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: الوعد بمنح درجات إضافية يشكل خرقًا صارخًا لقانون الجامعات وللمبادئ الأكاديمية والنزاهة التعليمية، الجامعة مكان للعلم والمعرفة، وليست لتعبئة الطلاب مذهبيا أو سياسيا لتحقيق أجندة لا علاقة لها بدراستهم، وما يقوم به الحوثيون يعد جريمة كبرى بحق التعليم.
وأضاف: مثل هذه الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي في الجامعات والمؤسسات التعليمية تؤدي إلى تدهور العملية التعليمية وتنحدر بها إلى منزلق خطير.
وقال: هذا بالتأكيد سيؤدي إلى إضعاف ثقة الناس في النظام التعليمي عندما يصبح النجاح مبنيًا على المشاركة السياسية أو المذهبية، كما سيؤدي إلى تدهور جودة مخرجات التعليم، وإحباط الطلاب المجتهدين والملتزمين الذين يشعرون أنهم متساوون مع الطلاب المهملين، مما يؤدي إلى ضعف الحافز لديهم وعدم الجدية في دراستهم نتيجة الإحباط.
وقال إن ما يجري هو إفراغ العملية التعليمية من مضمونها عندما يصبح النجاح في الجامعة مرتبطًا بغير الجهد والدراسة، وبالتالي يفقد دوره كوسيلة لبناء العقول وإعداد قادة المستقبل، وهنا تكون النتيجة كارثية لأن مخرجات الجامعات ستصبح عبارة عن مجموعة من العقول الفارغة والجاهلة (تجهيل التعليم)، وهذا هو ما تسعى إليه ميليشيا الحوثي.
وعن دلالة حشد الطلاب بناءً على وعود بنجاح سهل، قال الدكتور “العتواني” لـ”يمن ديلي نيوز”: إن ذلك يؤشر إلى غياب المؤسسية داخل الجامعة، واستخدام الدرجات كأداة تحفيز لأغراض سياسية، يشير إلى انهيار معايير الشفافية والمؤسسية في الجامعة، ودخولها أو إدخالها في الصراع السياسي لأجل الحشد يدل على انهيارها.
واعتبر منح الدرجات للطلاب مقابل المشاركة في فعاليات يظهر استغلالًا لحاجة ووضع الطلاب، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، مما يجعل الكثير من الطلاب يفكرون في العمل وتكون الدراسة آخر اهتماماته كونه سيحصل على شهادة جامعية.
واختتم: استمرار مثل هذه الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي يهدد مستقبل التعليم في البلاد، ويزيد من تحديات إعادة بناء المجتمع بعد انتهاء الحرب، إذ من الضروري حماية الجامعات والمؤسسات التعليمية من أي تدخلات سياسية أو عسكرية لضمان بقائها منارات علمية مستقلة لإخراج جيل واعٍ متسلح بالعلم والمعرفة من أجل بناء الوطن.
توجه مدمر
إلى ذلك، يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز “ياسر الصلوي”: إن لجوء الحوثيين لاستخدام الدرجات وسيلة لإغراء الطلاب لحضور مهرجاناتهم توجه مدمر لما تبقى من عملية تعليمية في جامعة صنعاء.
وأضاف لـ”يمن ديلي نيوز”: ما يجري يؤكد أن الحوثيين لا يأبهون للعملية التعليمية، وكل ما يهمهم هو تسخير هذه المؤسسات التعليمية لترسيخ مشروعهم وتجذيره في الواقع اليمني، في محاولة لفرض نفسها على المجتمع اليمني.
وأردف: التعليم بالنسبة للحوثيين نوع من الأيدلوجيا التي تستخدمها الجماعة لفرض نفسها وبقائها في السلطة وترسيخ وجودها، وبالتالي لا غرابة من أن يتم توظيف كل ما له علاقة بالتعليم في سبيل هذه الغاية وهذا الهدف وتكريس سلطتهم كأمر واقع.
وتابع: الجامعة والتعليم الجامعي بالنسبة للحوثيين عبارة عن أداة أو وسيلة للحشد والتأييد لتغيير الوعي، وإظهار قدرتها على الحشد أمام الآخرين في محاولة لإيصال رسالة بأن هذه الجموع وهذه الحشود أصبحت خاضعة لها، وتؤمن وتتوافق مع تطلعاتها وتشكل قاعدتها الاجتماعية.
وقال: الحقيقة أن للواقع مناف لما يحاول الحوثيون تصديره، فهؤلاء الطلاب يتم دفعهم أو تعبئتهم وحشدهم للتظاهر أو غيره عبر وسائل عديدة للضغط عليهم، منها درجات الامتحانات والنجاح في العملية الامتحانية، وكثير من الأشياء التي تجعل الطلاب مضطرين لأن يخضعوا خشية من تعرضهم لعقوبات تطالهم من قبل هذه الميليشيات المتحكمة في العملية التعليمية.
وأضاف: نحن نعرف جميعًا بأن المؤسسات التعليمية في المناطق التي تخضع لسيطرة الجماعة الحوثية لا تتمتع بأي استقلالية، وهي خاضعة كليًا لرغبات وإملاءات مشرفي جماعة الحوثي، أما الإدارات الجامعية فلا تتمتع بأي استقلالية ولا تمتلك قدرة على اتخاذ قرارات، وبالتالي توفير قدر من الحرية للطلبة الجامعيين للتعبير عن آرائهم وممارسة حقوقهم الطلابية.
وتابع: حشد الطلبة بهذا الشكل هو نوع من الاستهتار بالعملية التعليمية، وتقديم الوعود بالنجاح، وبالفعل من الممكن أن يعطوهم درجات وغيره، وهو ينم عن عدم اهتمام بالعملية التعليمية.
مرتبط
الوسوم
جماعة الحوثي
جامعة صنعاء
طوفان الأقصى
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
فضيحة.. ترشيح زوجة قيادي حوثي لمنصب رفيع في الحكومة الشرعية يثير جدلا واسعا أثار ترشيح إيما
أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي عن ضربة جوية جديدة وواسعة، ينفذها خلال الساعات المقبلة على اليمن، بعد
تفقد قائد محور طور الباحة، قائد اللواء الرابع مشاه جبلي، اللواء الركن أبوبكر الجبولي، اليوم، الخط
لا أدري كم عدد المغتربين اليمنيين في السعودية، فليست هناك احصاءات رسمية عن عددهم، لكن الامر المؤك
أكدت مصادر عسكرية، الثلاثاء 24 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بأن وحدات من الجيش اليمني، سيطرت على موقعي
عاجل : تطورات خطيرة .. طائرات عمانية في مطار صنعاء تقوم الآن بنقل عائلات قيادات حوثية الى السلطنة
رسمياً.. قوات الجيش تقترب من تحقيق هذا الانتصار الكبير والذي يمهد لتحرير صنعاء
في تصريحات كشفت مأزق مليشيا الحوثي نتيجة الضربات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت مواقع حساسة في العاص