تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
تقرير: قبور وحيدة وعظام متناثرة.. الواقع القاسي لإحدى أكثر طرق الهجرة إهمالًا وأسرعها نموًا
33 قراءة  |

تتناثر العظام على أرض الصحراء بالقرب من الشاطئ، إلى جانب بعض الملابس الممزقة، ورقة نقدية واحدة، وبطاقة هوية باهتة بفعل الشمس، هذه هي البقايا الوحيدة لشاب إثيوبي خاطر بكل شيء بحثًا عن فرصة لحياة أفضل في السعودية.

مرتديًا قناعًا جراحيًا، يجمع الدكتور (يوسف موسى)، من المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، هذه البقايا في حزمة يدفنها في قبر مؤقت. 

ستُشارك إحداثيات الموقع مع السلطات في أوبوك، بلدة مينائية صغيرة في جيبوتي. 

لكن نظرًا لأن المقبرة المحلية تكاد تكون ممتلئة، فمن المرجح أن تبقى هذه البقايا هنا، في هذا الجزء المنعزل من الصحراء على بعد أميال قليلة إلى الشمال.

و على بعد مئات الأمتار، توجد مواقع دفن أخرى، يميزها أكوام من الحجارة السوداء، شاهدة على مخاطر الرحلة.

 ويقول يوسف مشيرًا إلى التلال: "هاتان المقبرتان تضمان خمس جثث لكل منهما. 

تلك تحتوي على 43 جثة، وأخرى على 50.

 وخلف ذلك التل توجد قبور تضم اثنين أو ثلاثة أو خمسة أو سبعة أشخاص".

و بعض هؤلاء الضحايا ماتوا من العطش أو الأمراض في الصحراء، بينما غرق آخرون في حوادث بحرية. إنهم ضحايا أحد أكثر طرق الهجرة غموضًا وأسرعها نموًا في العالم، والمعروف لدى منظمات الإغاثة باسم "الممر الشرقي".

و يستخدم هذا الطريق في الغالب من قبل مهاجرين إثيوبيين يفرون من الصراعات وأزمة المناخ والفقر المدقع في وطنهم. 

ويسافرون في قوارب صغيرة من أرض الصومال وجيبوتي عبر خليج عدن إلى اليمن الذي يعاني من الحرب. 

ومن هناك يعبرون سيرًا على الأقدام إلى السعودية على أمل العثور على فرص عمل.

ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، وصل 96,670 مهاجرًا غير نظامي إلى شواطئ اليمن العام الماضي، بزيادة نسبتها 32% مقارنة بعام 2022. 

ويعتقد الدكتور موسى أن عددًا أكبر من المهاجرين باتوا يستخدمون هذا الطريق جزئيًا بسبب الحرب في السودان، التي جعلت من الصعب على الإثيوبيين الوصول إلى ليبيا لعبور البحر المتوسط إلى أوروبا.

ومع ذلك، يحظى هذا الطريق باهتمام ضئيل عالميًا، جزئيًا لأن المهاجرين ليسوا في طريقهم إلى أوروبا أو أمريكا الشمالية.

و يقول موسى: "الناس لا يعرفون الكثير عن هذا الطريق، الجميع يتحدثون عن البحر المتوسط، لكن نادرًا ما تسمع عن الممر الشرقي".

إنها رحلة محفوفة بالمخاطر عبر بعض من أكثر التضاريس قسوة في العالم، و للوصول إلى جيبوتي، يجب على المهاجرين عبور مساحات شاسعة من الصحارى وحقول الصخور البركانية الحادة، مع شح المياه ودرجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية في الصيف، وبعد عبور البحر، عليهم أن يتنقلوا عبر مناطق الصراع في اليمن.

وفي طريقهم، يتعرضون لاستغلال المهربين وقطاع الطرق والمليشيات. ويُحتجز المهاجرون غير القادرين على دفع المال للمهربين ويُعذبون بشكل روتيني حتى تدفع عائلاتهم فدية لإطلاق سراحهم، كما أن العنف الجنسي ضد النساء، اللواتي يشكلن 21% من المهاجرين، شائع.

و إذا تمكن المهاجرون من الوصول إلى الحدود السعودية، فإنهم يواجهون هجمات من حراس الحدود السعوديين. 

وفي تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW) العام الماضي، تم العثور على مئات، وربما الآلاف، من المهاجرين الذين قُتلوا على الحدود "بنمط واسع ومنهجي". و وفقًا لما ذكرته (نادية هاردمان)، كاتبة التقرير، يقوم حراس الحدود بإطلاق النار على المجموعات الصغيرة، وقصف القذائف على المجموعات الأكبر لردعهم عن عبور الحدود.

وتقول هاردمان: "كل شيء يشير إلى سياسة إطلاق النار على كل من يعبر الحدود بشكل غير قانوني، ولا أعرف أي قوة حدودية تقتل وتدفع المهاجرين بهذا القدر من الوحشية".

و نقطة المنتصف لمعظم رحلات المهاجرين هي أوبوك، بالقرب من أضيق نقطة في خليج عدن، المضيق المعروف باسم باب المندب أو "بوابة الدموع"، بسبب صعوبة الملاحة فيه، بعرض 20 ميلاً (32 كم)، فهو يعادل تقريبًا عرض مضيق دوفر، ويمكن للقوارب الصغيرة عبور هذا الممر البحري المزدحم، الذي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، في حوالي ساعة.

وقد سجلت المنظمة الدولية للهجرة حوالي 1,400 حالة غرق منذ عام 2014، ومن المرجح أن يكون هذا مجرد جزء من الإجمالي الكلي. فالعديد من حالات الوفاة لا تُسجل عندما تُجرف الجثث إلى البحر؛ ويُلقى بالمزيد من الأشخاص حتفهم في مسافات نائية من الصحراء أو على الحدود السعودية.

وواحدة من المآسي الكبيرة حدثت في أكتوبر عندما أمر قادة السفن الذين كانوا يعيدون المهاجرين قسرًا من اليمن إلى جيبوتي، الركاب بمغادرة سفنهم وأخبروهم بالسباحة إلى الشاطئ، حيث غرق على الأقل 45 شخصًا وما زال أكثر من 100 في عداد المفقودين.

و بعد شهرين، امتلأ الشاطئ بالزجاجات الملقاة والصنادل الممزقة، التي تركها المهاجرون المتجهون في الاتجاه المعاكس. 

كما توجد قوارب مهجورة على الشاطئ، و دُمرت على يد خفر السواحل الجيبوتي. 

وعلى بعد مسافة قصيرة، يجلس مجموعة من المهاجرين بالقرب من شاحنة مهرب، سينطلقون عندما يحل الظلام.

و على أطراف أوبوك، ينتظر أبيبي أيضًا القيام بالرحلة، وكان يعمل سابقًا كتاجر فحم في منطقة أمهره الإثيوبية، لكن الصراع المدني دمر عمله. 

ويقول أبيبي: "الأمر خطير ولا يوجد عمل، وجميع الشباب تقريباً يغادرون للبحث عن عمل والابتعاد عن الحرب".

و كان أبيبي قد وعد بدفع 160,000 بير إثيوبي (حوالي 1,000 جنيه إسترليني) للمهربين عندما يصل إلى اليمن، لكنه لا يملك المال، ويأمل أن تجد عائلته المبلغ عند وصوله من خلال بيع الأرض أو الاقتراض من الجيران.

ويضيف أبيبي: "إذا لم يحدث ذلك، نعلم أننا قد نُسجن ونتعرض للتعذيب.، وهو خطر كبير، لكن ليس لدي خيار".

وفي نقطة مياه قريبة، يستعد تويلدي للقيام بالعبور للمرة الثانية. عندما قام بالرحلة لأول مرة في عام 2021، و مرَّ بجثث متعفنة وهياكل عظمية بشرية على الحدود اليمنية السعودية، وخلال محاولته الحالية، تعرضت مجموعته لهجوم من قبل مسلحين في الصحراء، وأخذوا كل شيء كان يملكه: ماله، و هاتفه المحمول، وحتى ملابسه.

ويقول تويلدي: "جمعونا جميعًا، وأخرجوا قنبلة يدوية وقالوا: إذا لم تعطونا كل ما لديكم، سنفجر هذه".

 وفي مرحلة ما، فتحوا النار، مما دفع تويلدي للركض في الصحراء.

و يقول: "هناك العديد من المخاطر، في البحر وفي الصحراء، وأتوقع تحديات أكثر، بل ربما أموراً أسوأ، لكن لا يمكنني العيش في تيغراي، لا يوجد عمل".

و الرجال الذين يعبرون منطقة أوبوك يأملون في العثور على وظائف كعمال بناء في مواقع الإنشاء، أو في حفر قنوات الري، أو رعاية الماعز مقابل 1000-1500 ريال سعودي (210-315 جنيه إسترليني) شهرياً، قد لا يكون المبلغ كبيراً، لكنه يفوق كثيراً ما يمكن أن يكسبوه في وطنهم إثيوبيا، أما النساء، فيخططن للعمل كخادمات منزليات.

و في البلدة، يتجمع المهاجرون الإثيوبيون الشباب خارج المطاعم، على أمل التقاط حفنات من بقايا الفاصوليا أو الأرز قبل أن يطردهم النادلون، وعند الغروب، يتوجهون إلى الشاطئ المليء بالنفايات في الميناء للنوم.

والكثير منهم قاموا بالرحلة الشاقة إلى هنا بدون مساعدة المهربين، و يسألون البدو عن الطريق ويعيشون على زجاجات مياه نصف فارغة ألقيت من نوافذ الشاحنات العابرة. 

وكانوا يأملون في كسب المال في أوبوك لدفع تكلفة عبور البحر، لكن العمل قليل وهم الآن عالقون.

و تحاول المنظمة الدولية للهجرة (IOM) تقديم المساعدة قدر المستطاع، وفرقها تجوب الصحراء بحوزتها صناديق تمر ومياه ومعدات طبية لمساعدة المحتاجين، كما تقدم المساعدة للمهاجرين العالقين للعودة إلى ديارهم، ومع ذلك، تواجه المنظمة صعوبة في التعامل مع آلاف المهاجرين الذين يمرون عبر أوبوك يومياً.

ويقول موسى: "لا يمكننا مساعدة الجميع، هذا مستحيل، لكننا نأمل في مساعدة الأكثر ضعفاً."

و من بين هؤلاء (عمر)، شاب خجول يبلغ من العمر 18 عاماً، غادر إثيوبيا بعدما جرفت الأمطار الغزيرة مزرعة عائلته، وأثناء عبوره الصحراء، أحصى جثث 10 أشخاص ماتوا في الطريق، كما تُرك ثلاثة من مجموعته خلفه لعدم قدرتهم على المشي بسبب الإعياء.

وبعد وصول قاربه إلى اليمن، أمرهم القبطان بالنزول في المياه التي تصل إلى مستوى العنق والخوض في الشاطئ.  ولم يتمكن العديد منهم من الوصول إلى الشاطئ، وبعد فترة وجيزة تم اختطافه من قبل عصابة مسلحة.

 واحتجزوا عمر في غابة مع عشرات آخرين، حيث ضربوه بالعصي والقضبان المعدنية وطالبوا بفدية قدرها 150 ألف بير أثيوبي لإطلاق سراحه، وفي لحظة ما، صوب خاطفوه مسدسا إلى رأسه، ويقول عمر: "كنا جميعًا ننزف ونشعر بالإرهاق، ويقولوا: إذا لم يكن لديك المال، فسنقتلك".

 وفي مركز المنظمة الدولية للهجرة في أوبوك، يظهر عمر الندوب الموجودة على معصميه بسبب السلاسل التي استخدمت لتقييده، وتم إطلاق سراحه في نهاية المطاف بعد أن قامت عائلته بتحويل الأموال، وبعد أن ألقاه الخاطفون على الطريق، تم القبض عليه وإعادته إلى جيبوتي. 

والآن كل ما يريده هو العودة إلى المنزل.

و يقول: "قال الوسيط إن الطريق آمن، ولن تكون هناك مشاكل، وسوف أصل إلى اليمن بسهولة، و كان كل ذلك مجرد كذبة."

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
اليمن السعيد | 4321 قراءة 

عاجل : امريكا تعلن مقتل ابوعلي الحاكم بالضربات الاخيرة


نيوز لاين | 3570 قراءة 

جماعة الحوثي تعلن عن مقتل قيادات من الصف الاول بالضربة الامريكية وتنشر بعض الاسماء


نيوز لاين | 3174 قراءة 

زعيم الحوثيين " عبد الملك الحوثي " يتعرض لطعنة غادرة ومصير أسوأ من بشار الأسد


شمسان بوست | 3169 قراءة 

شمسان بوست / خاص: أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، يوم الاثنين، أنه ناقش مع عدد من الأطراف السياسي


وطن الغد | 2738 قراءة 

كشف رشاد العليمي، رئيس المجلس الرئاسي، الأربعاء، موعد توقيع اتفاق خارطة الطريق الأممية.


كريتر سكاي | 2700 قراءة 

كشف السياسي و الشيخ القبلي حميد الأحمر مستجدات الحشد ضد الحو ثيين بالرياض.و


موقع الأول | 1906 قراءة 


المشهد اليمني | 1557 قراءة 

قال البرلماني، والقيادي البارز في حزب الإصلاح، حميد الأحمر، إن التحركات الأخيرة التي تجري في العا


عدن توداي | 1458 قراءة 

عدن توداي/خاص أكد تقرير نشرته مجلة أمريكية أن الوضع الحالي في اليمن لن يستمر على ما هو عليه عام آخر،


نافذة اليمن | 1218 قراءة 

اعترفت مليشيا الحوثي، اليوم الاثنين، بمصرع أحد قيادييها البارزين في مجال الصواريخ والطيران المسير، ا