تعد سجون نظام الأسد رمزا للقسوة والبشاعة التي مورست ضد الآلاف من المعتقلين السوريين، الذين عاشوا في جحيم التعذيب والتنكيل بشكل يومي. لكن ما كان يحدث وراء جدران هذه السجون تجاوز حدود الخيال.
وتتكشف الممارسات الوحشية للنظام أمام مرأى المجتمع الدولي بشكل أوسع منذ فرار بشار الأسد وسقوط نظامه يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول، عندما تم الإفراج عن الآلاف من السجناء الذين ظلوا محبوسين لسنوات في هذه المنشآت التي تحولت إلى معاقل لانتهاكات حقوق الإنسان.
بعد سقوط بشار الأسد، دخل عناصر من فصائل المعارضة المسلحة برفقة مواطنين سوريين إلى السجون لتحرير المعتقلين، ليرفع الغطاء عن عقود من القهر والتعذيب. ولم تكن الوحشية المكتشفة مقتصرة على الحجم فقط، حيث أشارت شبكة حقوق الإنسان السورية إلى أن أكثر من 157000 شخص في عداد المفقودين منذ 2011، بل شملت أيضا الأساليب التي اعتمدها نظام الأسد لإذلال المعتقلين، كما وثقت ذلك التقارير الإعلامية والمنظمات الحقوقية.
"سجون الأسد تخرج أحشاءها"
وبحسب صحيفة "دايلي مايل" البريطانية، كان المعتقلون يجبرون على تقمص أدوار حيوانية، حيث كان أحد السجانين، الذي أطلق عليه المعتقلون لقب "هتلر"، يطلب من السجناء أداء أدوار حيوانات مثل الكلاب أو القطط أو الحمير. ومن لا يلتزم بهذه التعليمات كان يتعرض للضرب.
وأكد أحد المعتقلين السابقين، وفقا للصحيفة، أن السجان المدعو "هتلر" كان يحاول ترويض المعتقلين "كالحيوانات"، قائلا "إذا امتدح أحد الكلاب، كان على الآخر أن يتصرف ويشعر بالغيرة والانزعاج". ما يعني أن التعذيب وصل إلى حد أن المعتقلين أصبحوا يعيشون دور الحيوان الذي كان يطلب منهم تقمصه.
وفي سجن "المزة" العسكري، كان السجناء يعلقون عراة وترش عليهم المياه الباردة ليلاً خلال فصل الشتاء. وبحسب شهادات ناجين تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن المعتقلين كانوا يحتجزون في ظروف لا إنسانية، حيث كانت الزنزانات مكتظة، وكان بعض السجناء يزجون في نفس الزنزانة مع آخرين يعانون من أمراض نفسية أو جسدية.
"المسلخ البشري لصيدنايا"
أما في سجن "صيدنايا"، فقد كانت الفظائع تأخذ شكلا أكثر تنظيما. يقال إن هذا السجن، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مسلخ بشري"، شهد عمليات إعدام جماعية بشكل أسبوعي، حيث كان يتم إعدام ما بين 20 و50 شخصا في ليلة واحدة.
وخلال جولة عناصر المعارضة داخل سجن صيدنايا، تفاجأوا بوجود آلة أو أداة أطلق عليها اسم "المكبس الآلي". وأفادت التقارير أن هذه الآلة كانت موجودة في غرفة مخصصة لعمليات الإعدام. كما قيل إنها كانت تستخدم للتخلص من جثث المعدومين شنقا.
وتوقع البعض أنها كانت تستخدم أيضا لإعدام السجناء وهم أحياء. وانتشرت مقاطع فيديو بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا المكبس، الذي شهد بدون شك على انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان.
كما كان هذا السجن مركزا لعمليات الاعتقال الجماعي، والمكان الذي يزج فيه نظام الأسد كل من يراه "تهديدا له"، من معارضين ومحتجين، بينهم أطباء وسياسيون ونشطاء حقوقيون، إضافة إلى أفراد عائلاتهم.
وكانت جريمة الإخفاء القسري تعتبر أحد أبرز أساليب القمع، حيث لا يزال أكثر من 157000 شخص في عداد المفقودين منذ بداية الثورة السورية في 2011. من بين هؤلاء، هناك 5274 طفلا و10221 امرأة، فضلا عن آلاف آخرين قتلوا تحت التعذيب، وفقا للبيانات المتوفرة حتى الآن لدى "شبكة حقوق الإنسان السورية".
اغتصاب وعنف جنسي
وداخل هذه السجون، كان العنف الجنسي والاغتصاب ظاهرة متفشية تُمارس بشكل "عادي وممنهج". حيث نقلت الصحيفة البريطانية عن معتقلة تدعى مريم خليف تعرضها للاغتصاب المتكرر داخل السجن.
كانت مريم محتجزة في زنزانة في الطابق السفلي بمساحة ثلاثة أقدام مربعة، مع ست نساء أخريات، وذلك بسبب تقديمها إمدادات طبية لعناصر من المعارضة.
وقالت مريم "في منتصف الليل، كانوا يأخذون الفتيات الجميلات إلى العقيد سليمان جمعة، رئيس فرع 320 التابع لأمن الدولة السوري في حماة لاغتصابهن"، كما تفيد شبكة حقوق الإنسان ان هذا "العميد وأصدقاؤه كانوا يعتدون عليهن في غرفة نوم مجاورة لمكتبه المزين بصورة الأسد". بالإضافة إلى رش مشروب العرق القوي على أجساد الضحايا.
كما قالت مريم في حديثها انها شاهدت ذات مرة "سجينا يشكو من الجوع، فقام الحراس بحشو وجهه بالبراز".
كان الموت أمنية
وكشف مدير رابطة معتقلي سجن صيدنايا، المعتقل السابق، دياب سرية، أنه "خلال الفترة من 2011 إلى 2021، دخل السجن 30 ألف إنسان وخرج منه فقط حوالي 5 آلاف على قيد الحياة، ولا نملك معلومات دقيقة حول الأعداد ما بعد 2021".
وأوضح في حديث لقناة الحرة" أن الرابطة التي يديرها، "حصلت على وثائق تم التأكد منها" تكشف عن وجود "نحو 1400 سجين أمني، وهو وصف أطلقه النظام على معتقلي الرأي والنشاط السياسي والإرهاب والمشاركين في الثورة"، وذلك حتى نهاية أكتوبر 2022.
ولفت إلى أن السجن سيئ السمعة، كانت به العديد من الممارسات "مثل التعذيب حتى الموت"، قائلا: "لم يكن هناك شيء محرم في سجن صيدنايا.. كان الموت أمنية بالفعل في هذا السجن"، مشيرا إلى أن السجن كان يشمل "غرف ملح لوضع الجثث لحين نقلها إلى مستشفيات مثل تشرين وحرستا، ثم إلى المقابر الجماعية، في وقت اشتداد المعارك".
كانت منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، قد كشفت، الثلاثاء، أن عمليات البحث عن معتقلين في زنازين وسراديب سرية في سجن صيدنايا انتهت، مؤكدة أنها لم تعثر على "أي دليل يؤكد وجود أقبية سرية أو سراديب غير مكتشفة".
ودعت إلى "توخي الحذر" عند تلقي معلومات قد تكون "مضللة" بشأن السجون ومشاركتها عبر الإنترنت، للحفاظ على مشاعر ذوي الضحايا وعدم التسبب بأي أذى نفسي لهم.
وضم سجن صيدنايا آلاف الأشخاص الذين اعتقلهم نظام بشار الأسد، وسط اعتقاد بأن بعضهم لم يتمكن من الخروج مع مئات المعتقلين خلال اليومين الماضيين، نظرا لوجودهم في مواقع محكمة الإغلاق، وفق روايات ذوي المفقودين والأهالي.
الشرع يتوعد بملاحقة مجرمي الحرب
من جهته، أعلن زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمّد الجولاني الذي أصبح يستخدم اسمه الحقيقي "أحمد الشرع" أن السلطات الجديدة في سوريا ستنشر قريبا "قائمة أولى بأسماء كبار المتورطين بتعذيب الشعب السوري" لملاحقتهم ومحاسبتهم.
وفي بيان نشره فجر الثلاثاء على تطبيق تلغرام، قال الجولاني "لن نتوانى عن محاسبة المجرمين والقتلة وضباط الأمن والجيش المتورطين في تعذيب الشعب السوري. سوف نلاحق مجرمي الحرب ونطلبهم من الدول التي فرّوا إليها حتى ينالوا جزاءهم العادل".
وأوضح الشرع أنّ الحكومة المقبلة التي ستتولى السلطة في سورية ستقدّم "مكافآت إلى من يدلي بمعلومات عن كبار ضباط الجيش والأمن المتورطين في جرائم حرب". وتابع: "لقد أكّدنا التزامنا التسامح مع من لم تتلطّخ أيديهم بدماء الشعب السوري، ومنحنا العفو لمن كان ضمن الخدمة الإلزامية"، مؤكّداً أنّ "دماء وحقوق" القتلى والمعتقلين الأبرياء "لن تُهدر أو تنسى".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
لن تصدق لماذا وكيف قامت بذلك...فتاة تقوم بقطع العضو الذكري لخطيبها في البيضاء
كشف سياسيون يمنيون عن استحقاق تركيا، ثقة معظم القوى والمكونات السياسية الوطنية في اليمن، للتدخل ال
كشفت مصادر، أن التغيير الوزاري في حكومة بن مبارك سيشمل 6 حقائب وزارية جديدة، مع بقاء 11 وزيرا من الح
صدر الكيان الاسرائيلي، اعلانا خطيرا بشأن اليمن، كشف فيه عن امتلاك جماعة الحوثي الانقلابية ما سماه