اختيار رئيس الحكومة الفرنسية المقبلة يظل المشكلة المعقدة التي تثير جدلا واسعا في فرنسا، ذلك إن هذا الخيار يعود، بحكم الدستور الفرنسي، إلى رئيس الجمهورية وحده، حيث يتمتع بحق اختيار الشخصية التي يريد لهذا المنصب.

لكن التقليد السياسي الذي احترمه كافة رؤساء الجمهورية منذ بداية الجمهورية الخامسة، هو اختيار شخصية تنتمي إلى الأغلبية البرلمانية، وإن كانت هذه الأغلبية قادمة من تيار سياسي منافس للرئيس، وهو ما فعله فرانسوا ميتران وجاك شيراك.

الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون أعلن أنه يريد التمهل، معتبرا أن أيا من القوى السياسية انتصر في الانتخابات التشريعية، نظرا لأن أيا منهم يتمتع بالأغلبية المطلقة في البرلمان الذي يتألف، من ثلاثة قوى متقاربة في عدد النواب وهي "التجمع الوطني" - يمين متطرف في المركز الثالث، حزب "النهضة" الأغلبية الرئاسية السابقة و"الجبهة الشعبية الجديدة" - تحالف اليسار الذي يضم الحزب الاشتراكي، المدافعون عن البيئة، الحزب الشيوعي وحزب "فرنسا الأبية" الذي يمثل اليسار الراديكالي، كما توجد كتلة صغيرة لحزب "الجمهوريون" - يمين تقليدي

ماكرون ركز على أن أيا من هذه القوى يتمتع بالأغلبية المطلقة، ملمحا إلى أن اليسار تحالف عدة أحزاب، ودعا إلى هدنة سياسية خلال الصيف وحتى نهاية دورة الألعاب الأولمبية، مطالبا الأحزاب الممثلة في البرلمان بالبحث عن تحالف يتمتع بأغلبية مطلقة.

ترد "الجبهة الشعبية الجديدة" على هذه الحجج بالقول أن حزب الرئيس "النهضة" لم يتمكن في الانتخابات التشريعية السابقة من الحصول على أغلبية مطلقة، ولم يتردد الرئيس في تشكيل حكومة من حزبه، وأن مطلبه في تشكيل تحالف في البرلمان هو مستحيل التحقيق نظرا للخلافات الجذرية بين التيارات الثلاثة، وبالتالي يجب تطبيق التقليد السياسي باختيار شخصية من التيار الذي جاء في المركز الأول.

من هي لوسي كاستي، مرشحة اليسار لرئاسة الحكومة؟

"لوسي كاستي" هي خريجة "المدرسة الوطنية للإدارة"، التي يتخرج منها في فرنسا كبار موظفي الدولة والسياسيون، وهي موظفة في السابعة والثلاثين من العمر، لا تنتمي لأي حزب سياسي، بالرغم انضمامها للحزب الاشتراكي لفترة قصيرة في الماضي، ولكنها ناشطة حقيقية في مجال الدفاع عن الخدمات العمومية للدولة (الصحة، التعليم، البيئة والأمن) أسست وتترأس جمعية للدفاع عن الخدمات العمومية، عملت كموظفة في دائرة مكافحة التهرب الضريبي في مصلحة الضرائب، وهي حاليا مديرة الدائرة المالية في بلدية باريس.

ظهرت بصورة نادرة للغاية في الإعلام، ويصفها من يعرفونها بأنها تتمتع بقدرات وخبرة مهنية كبيرة، كما عرف عنها الصلابة والعناد في الدفاع عن أفكارها ومبادئها.

هل يقبل ماكرون بمرشحة اليسار؟

الرئيس الفرنسي، وفي حديث تلفزيوني بمناسبة الألعاب الأولمبية، بعد ساعات قليلة من الإعلان عن مرشحة اليسار، تمسك بموقفه بشأن الهدنة السياسية، ومطالبته للأحزاب السياسية بتشكيل تحالف الأغلبية المطلقة، واعتبر بعض المحللين أن الرئيس خلق الفوضى السياسية بسبب قراره بحل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، ويريد، اليوم، من الأحزاب السياسية أن تعالج الفوضى التي خلقها.

كاملا هاريس واليسار الفرنسي

الملاحظة الطريفة تتعلق بكاملا هاريس المرشحة المحتملة للديمقراطيين في الولايات المتحدة التي أجابت على السؤال حول المصاعب الناجمة عن قصر فترة حملتها الانتخابية، بالقول ان اليسار الفرنسي، الذي كان الجميع يؤكد اختفاؤه، نجح في بضعة أسابيع في الاتحاد وصياغة برنامج والوصول في المركز الأول في الانتخابات التشريعية الفرنسية