في تطور سياسي لافت أربك الأوساط الدبلوماسية والإعلامية، عاد الملف اليمني ليتصدر واجهة الاهتمام الإقليمي والدولي، لكن هذه المرة بصورة غير مسبوقة ومغايرة للسائد خلال السنوات الماضية.
لم تعد اليمن مجرد ساحة صراع داخلي أو ورقة إقليمية تُدار خلف الأبواب المغلقة، بل تحولت فجأة إلى محور مواجهة دبلوماسية علنية بين شريكي التحالف العربي؛ المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في مشهد وضع المنطقة بأسرها أمام منعطف بالغ الحساسية.
تصعيد غير متوقع يخرج الخلافات إلى العلن
شهدت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الدولية خلال الساعات الأخيرة زخماً غير مسبوق، عقب صدور مواقف وبيانات رسمية وُصفت من قبل مراقبين بأنها تمثل “مفاجأة سياسية مدوية”. فبعد سنوات من التنسيق تحت مظلة الشراكة الاستراتيجية، طفت الخلافات المكبوتة على السطح بلغة مباشرة وحادة، كشفت حجم التباين في الرؤى والمقاربات حيال المشهد اليمني.
التحول المفاجئ في نبرة الخطاب، من منطق التنسيق الهادئ إلى لهجة التحذير والرفض القاطع، أعاد اليمن إلى صدارة الاهتمام العالمي، متجاوزاً ملفات دولية أخرى كانت تحظى بالأولوية في الرأي العام الدولي.
جوهر الخلاف: مكاشفة نادرة وصراع نفوذ مفتوح
ما أثار قلق المراقبين ودفع المجتمع الدولي لمتابعة التطورات عن كثب، هو بلوغ الخلاف مستوى غير مسبوق من المصارحة العلنية، متجاوزاً الخلافات التكتيكية إلى صلب النفوذ والسيادة. وتتجلى أبرز ملامح هذا التصعيد في عدة مسارات متداخلة:
تبادل اتهامات مباشرة بنشر معلومات مغلوطة في بيانات رسمية، في مؤشر واضح على تآكل الثقة وانحسار قنوات التفاهم غير المعلنة.
تصاعد التوتر حول مناطق النفوذ الحساسة في شرق وجنوب اليمن، وعلى رأسها حضرموت والمهرة، ما يفتح الباب أمام احتمالات انتقال الخلاف من الحيز الدبلوماسي إلى الميدان.
اتساع دائرة القلق الإقليمي والدولي، وسط مخاوف من انعكاسات أي شرخ داخل التحالف العربي على أمن المنطقة، واستقرار خطوط الطاقة، والتوازنات الجيوسياسية.
اليمن من ملف هامشي إلى قضية أمن إقليمي
للمرة الأولى منذ سنوات، يحظى الداخل اليمني بكل تعقيداته السيادية والعسكرية بهذا القدر من الاهتمام العالمي المكثف. ويرى محللون أن الخلاف العلني بين الرياض وأبوظبي كسر الأعراف التقليدية التي تحكم علاقات الحلفاء، وأزال الغطاء عن تباينات ظلت طي الكتمان.
هذا الانكشاف غير المسبوق نقل الملف اليمني من خانة الأزمة الإنسانية إلى صدارة قضايا الأمن الإقليمي والدولي، وجعل تفاصيله مادة يومية للنقاش في مراكز القرار ووسائل الإعلام العالمية.
سيناريوهات مفتوحة على المجهول
في ظل هذا التصعيد، تترقب العواصم الإقليمية والدولية مسار الأيام المقبلة بقلق بالغ. ويبقى السؤال الجوهري مطروحاً بقوة: هل يقود هذا المشهد إلى إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة؟ أم تنجح الوساطات السياسية في احتواء الخلاف وإعادة ضبط إيقاع العلاقة قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة؟
وبينما يتصدر هذا الملف واجهة النقاش العربي والدولي، تظل اليمن هي الساحة الأكثر هشاشة، والرهان الأكبر، التي قد تعكس نتائج هذه الاصطفافات الجديدة، أو تدفع كلفة صراعاتها الثقيلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news