توفيق جوزليت
تشهد حضرموت، وبالأخص واديها، تطورات متسارعة أعادت رسم المشهد السياسي والعسكري في الجنوب، وكشفت بوضوح عن خلاف عميق بين الرياض وأبو ظبي حول مستقبل الجنوب ..هذا الخلاف بات صراعًا على النفوذ وشكل دولة الجنوب القادمة، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل تقود هذه التطورات إلى إعلان دولة جنوبية مستقلة؟
لم تكن حضرموت يومًا محافظة عادية. فهي الأكبر مساحة الأغنى بالموارد النفطية والأكثر تأثيرًا في أي مشروع دولة جنوبية مستقبلية طوال السنوات الماضية، جرى التعامل مع حضرموت كمنطقة “توازن صامت”، لكن التطورات الأخيرة أنهت هذا الوضع. أصبحت حضرموت ساحة اختبار حقيقية لإرادات إقليمية متناقضة، ومفتاحًا لأي معادلة سياسية قادمة في الجنوب
.
الخلاف السعودي–الإماراتي يدور حول شكل الجنوب وحدود استقلال قراره …السعودية تميل إلى جنوب مستقر، غير معادٍ، لكن غير منفصل بشكل كامل خصوصًا في المناطق المحاذية لحدودها …فيما أن الإمارات تدعم المجلس الإنتقالي الجنوبي تعتبره شريكًا ولا تمانع كيانًا جنوبيًا مستقلًا باعتباره حليف يؤمن مصالحها الاستراتيجية في بحر العرب. ..هذا التناقض جعل وادي حضرموت، نقطة التصادم الأكثر حساسية
.
انهيار الشرعية ( الفاقدة لشرعيتها من منطلق القانون الدستوري) أحد أهم نتائج هذه التطورات هو نهاية ما يسمى بالشراكة مع المجلس الإنتقالي داخل الشرعية…عمليًا القرار العسكري والسياسي بات يُدار بمنطق مصالح متعارضة• لم تعد الشرعية مظلة جامعة، بل ساحة صراع ..هذا الانهيار خلق فراغًا سياسيًا عزز مبدأ مسار جنوبي مستقل مآله استعادة الدولة
يظل السؤال الذي يطرح نفسه بحدة:هل اقترب إعلان الدولة الجنوبية؟ …التطورات الحالية رفعت احتمال إعلان دولة جنوبية أكثر من أي وقت مضى منذ 2017، ( من وجهة نظري المتواضعة) لكنه لن يكون وشيكًا. فالإعلان يقوم على شروط أساسية، أهمها : وحدة الصف الجنوبي ، ثم إدارة العلاقة مع السعودية دون صدام مباشر
المسار الأكثر واقعية في المدى القريب هو فك ارتباط سياسي وإداري كامل عن منظومة الشرعية ، ثم بناء مؤسسات جنوبية فاعلة على الأرض ..و تثبيت واقع سيادي ، قبل الانتقال إلى الإعلان عندما تتوفر شروط الاعتراف والاستقرار
بعد مضي سنوات طويلة من الاحتلال وإهانة الشعب الجنوبي وحرمانه من أبسط حقوق الإنسان منذ تلك الحرب المشؤومة العام 1994 , يقف الجنوب اليوم عند مفترق طريق تاريخي. لحظة تاريخية حاسمة أصبح فيها تحقيق حلمه بدولته المستقلة وإسعاد أهله قاب قوسين أو أدنى، بعد عقود من الصبر والمعاناة، لتبدأ صفحة جديدة من الأمن والاستقرار السياسي الذي طالما انتظره الجنوبيون.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news