شهد الظهور الأول للناطق العسكري الجديد باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، تأكيدات متعددة على استمرارية البنية التنظيمية والإعلامية للكتائب، في كلمة مصورة تزامنت مع الإعلان الرسمي عن استشهاد الناطق السابق المعروف باسم أبو عبيدة، والكشف عن اسمه الحقيقي لأول مرة.
الظهور، الذي حمل الاسم نفسه والهيئة ذاتها، جاء مترافقًا مع رسالة تنظيمية تؤكد أن تغييب الأفراد لا يعني توقف الدور، وأن العمل مستمر ضمن الإطار نفسه، مع الحفاظ على الثوابت التي رافقت الخطاب الإعلامي للقسام على مدار السنوات الماضية.
وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن الخطاب وضع المتحدث الجديد أمام مسؤولية كبيرة بالنظر إلى الحضور الإعلامي الواسع الذي راكمه الناطق السابق خلال عقدين، إلا أنه أظهر قدرة على مواصلة حمل الرسائل ذاتها من حيث الشكل والمضمون.
وأشار القرا إلى أن اختيار التوقيت وطريقة الظهور لم يكونا عفويين، بل جاءا في سياق التأكيد على أن استهداف الشخصيات لا يوقف المسار، وأن استشهاد الرموز لا يعني نهاية الدور أو تفكك المنظومة.
وكانت كتائب القسام أعلنت، يوم الاثنين، استشهاد ناطقها العسكري أبو عبيدة، وكشفت أن اسمه الحقيقي هو حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، وذلك خلال كلمة مصورة للناطق الجديد الذي حمل الاسم ذاته. وذكرت أن أبو عبيدة شغل مهمة الناطق باسم الكتائب لسنوات طويلة دون الكشف عن هويته، واكتسب حضورًا واسعًا على المستويين العربي والإسلامي وصولًا إلى معركة طوفان الأقصى.
وبحسب القرا، فإن الخطاب تضمن رسالة موجهة إلى الداخل الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، عبر التأكيد على حالة الالتحام بين القسام والمجتمع الفلسطيني، وتقاسم كلفة المواجهة في ظل الحرب المستمرة.
كما حمل الخطاب، وفق قراءته، رسالة تتعلق بشرعية سلاح المقاومة وارتباطه المباشر بمواجهة الاحتلال، إلى جانب توجيه خطاب إلى الجماهير العربية للتحذير من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة.
من جهته، رأى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن الظهور الأول للناطق الجديد يعكس ترسيخ اسم أبو عبيدة كإطار مؤسسي لا يرتبط بشخص بعينه، مشيرًا إلى أن الجمع بين نعي المتحدث السابق وظهور خليفته بالهيئة نفسها يعزز فكرة الاستمرارية.
وأوضح الشوبكي أن الإشارة إلى أن سلاح المقاومة بنادق فلسطينية بسيطة جاءت ضمن خطاب محسوب يهدف إلى نزع الذرائع المتعلقة بتضخيم القدرات العسكرية للمقاومة، وإعادة تقديم السلاح بوصفه رمزًا لحق الفلسطينيين في النضال.
وأضاف أن الخطاب أعاد تقديم أحداث السابع من أكتوبر 2023 من زاوية فلسطينية باعتبارها رد فعل على سنوات من الحصار والاعتداءات، مع التأكيد على أن حماس، رغم الخروقات الإسرائيلية، لا تزال ترى في التهدئة خيارًا لوقف الانتهاكات وتقديم الاعتبارات الإنسانية.
أما الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد، فربط الخطاب بسياقه السياسي، معتبرًا أن صدوره عن كتائب القسام وقبيل لقاءات سياسية أميركية إسرائيلية يحمل رسالة بأن مستقبل قطاع غزة لا يمكن تقريره بمعزل عن المقاومة.
وأشار شديد إلى أن الخطاب أكد حضور القسام بوصفها الفاعل الميداني الأساسي، ولفت إلى أن التناول الواسع له في الإعلام العبري وترجمته الفورية يعكسان مستوى الاهتمام الذي أولته له المؤسسات الأمنية ومراكز الأبحاث في إسرائيل.
وشدد الناطق الجديد باسم القسام، خلال الخطاب، على أن أحداث السابع من أكتوبر جاءت كنتيجة مباشرة للظلم والحصار والاعتداءات بحق القدس والشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن العملية أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد سنوات من التهميش.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، نعت كتائب عز الدين القسام عددًا من قادتها البارزين، مؤكدة استشهادهم في قصف إسرائيلي خلال الحرب على قطاع غزة، وذلك في بيان تلاه المتحدث العسكري الجديد مساء الاثنين.
وافتتح البيان بتحية لسكان غزة، مشيدًا بصمودهم، قبل الإعلان عن استشهاد مجموعة من القادة بعد استئناف الاحتلال عملياته العسكرية في مارس الماضي، واعتبار دمائهم امتدادًا لمسيرة طويلة من التضحيات.
وأكد البيان أن عملية طوفان الأقصى شكّلت منعطفًا مفصليًا في مسار الصراع، وأن التوصل إلى اتفاق وقف الحرب كان ثمرة لتضحيات الشعب الفلسطيني وبطولات مقاومته، مع التأكيد على أن صمود غزة أفشل أهداف إسرائيل العسكرية والسياسية.
ودعا المتحدث الجديد إلى إلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه، محذرًا من الانشغال بسلاح المقاومة، ومؤكدًا أن الأولوية يجب أن تكون لوقف السلاح الإسرائيلي المستخدم في الحرب.
القادة الذين أعلنت القسام استشهادهم:
أعلنت الكتائب استشهاد محمد السنوار المعروف بأبو إبراهيم، قائد أركان القسام، مشيرة إلى دوره في قيادة الكتائب خلال مرحلة بالغة الصعوبة، وإسهامه في التخطيط لعملية السابع من أكتوبر وإدارة المواجهة اللاحقة.
كما نعت محمد شبانة المعروف بأبو أنس، قائد لواء رفح، مؤكدة استشهاده برفقة عدد من القادة، ودوره في تنفيذ عمليات عسكرية في جنوب القطاع.
وشمل النعي حكم العيسى المعروف بأبو عمر، الذي تولى مهام قيادية في التدريب ونقل الخبرات القتالية، إضافة إلى رائد سعد المعروف بأبو معاذ، قائد ركن التصنيع، الذي أسهم في تطوير منظومة التصنيع العسكري خلال سنوات الحصار.
وفي ختام البيان، كشفت القسام عن استشهاد الناطق العسكري أبو عبيدة، مؤكدة أن اسمه الحقيقي حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، وأنه كان يشغل منصب قائد إعلام القسام، وكان صوتها الأبرز خلال الحرب، مشيرة إلى أن آخر ظهور له كان في 18 يوليو 2025.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news