أثارت الإقرارات المتأخرة والمنقوصة من قبل جماعة الحوثي، حول مقتل سبعة من كوادرها وقياداتها البارزة، موجة من التساؤلات والتحليلات حول الأسباب الحقيقية والظروف الغامضة لهذه الخسائر، وسط تأكيدات من مصادر مطلعة بأن القتلى يشكلون ركيزة أساسية في البرامج التسليحية والتطويرية للميليشيا.
وفي تطور لافت، اعترفت الميليشيا بمقتل هؤلاء القادة، دون أن تجرؤ على الكشف عن ملابسات الوفاة أو مكان وزمان الحادث، مكتفية بنشر بيانات نعي مقتضبة جاءت في سياق أجواء من التكتم الشديد.
وقد خلجت هذه الخطوة الشكوك حول احتمالية تعرض هؤلاء القادة لعملية أمنية أو عسكرية نوعية استهدفت تجمعاتهم بعيداً عن جبهات القتال التقليدية.
قيادات من "النخبة التقنية"
وكشفت مصادر مطلعة لوسائل إعلام محلية، هوية الضحايا وصفاتهم، مشيرة إلى أن القائمة تضم أربعة ضباط يحملون رتبة "عميد"، إلى جانب خامس برتبة "عقيد".
وتكتسب هذه الأسماء أهمية استثنائية كونها لم تكن مجرد قيادات ميدانية، بل كانت تُشغل أدواراً فنية حساسة للغاية ضمن الهيكل التنظيمي للجماعة.
وأضافت المصادر أن جميع القتلى كانوا يعملون ضمن دوائر متخصصة في "هندسة الصواريخ" و"الطيران المسيّر"، وهي القطاعات التي تعول عليها الميليشيا بشكل كبير في تعزيز قوتها النارية والتهديدية.
ويعتبر خسارة هذا العدد من الخبراء المتخصصين ضربة موجعة للبرامج التسليحية الحوثية، التي تعتمد بصورة كبيرة على الكوادر المحلية والخبرات التقنية المتراكمة.
بيانات النعي.. رسائل مشفرة؟
وفي قراءة متأنية لبيانات النعي التي نشرتها وسائل الإعلام التابعة للميليشيا، لفت مراقبون سياسيون وعسكريون إلى الغياب الكامل لأي ذكر لـ "ميدان الشهادة" أو تفاصيل العملية التي أودت بحياتهم، وهو إجراء يخرق عن المألوف في إعلانات الجماعة التي عادة ما تبالغ في تفاصيل استشهاد قادتها لتوظيفها إعلامياً.
واعتبر المراقبون أن هذا "الصمت المريب" يحمل في طياته محاولة يائسة للتستر على طبيعة الضربات التي تلقت بها الجماعة، وخشية الاعتراف بحجم الاختراق الأمني أو دقة الضربات التي استهدفت "عقولها المفكرة".
يأتي هذا في وقت تشهد فيه الساحة اليمنية تحركات استخباراتية وعسكرية معقدة تستهدف المنشآت الحيوية والشخصيات الرئيسية العاملة في القطاع العسكري لدى الميليشيات.
تراجع القدرات وارتباك المؤسسة العسكرية
وتشير هذه الخسائر المتتالية في صفوف الكوادر الفنية، وفقاً للمحللين، إلى تراجع قدرة الجماعة على حماية نخبتها العلمية والعسكرية، ما قد يؤثر مستقبلاً على جودة الصواريخ والطائرات المسيرة التي تطلقها بانتظام.
كما يكشف الارتباك في إدارة المعلومات لدى الحوثيين عن حالة من الهلع تحيط بالقيادات المتوسطة والعليا، عقب تزايد العمليات الدقيقة التي تستهدف تجمعاتهم بعيداً عن الأضواء.
وفي الختام، يبقى ملف الخسائر في صفوف "خبراء الصواريخ والطيران" الحوثيين ملفاً مفتوحاً، حيث تتضارب الروايات حول الفاعل والظروف، فيما تكتفي الميليشيا بدفن رؤوسها في الرمال واختصار الأخبار في جمل عابرة لا تروي غليل الرأي العام اليمني ولا تفي بتفسيرات الغموض المحيط بأكبر عملية استهداف تطال الكفاءات التقنية للجماعة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news